صورة لميزان

نحن كمؤمنين بالمسيح نعلَم أنَّ الله عادل وأنَّه سيُجازي الظَّالمين والمجرمين، وأن ليس عنده مُحاباة بل كل مذنب سوف ينال عقابه العادل في الوقت المناسب. لكن في بعض الأحيان حين تشتدّ الضِّيقات علينا أو على من حولنا، قد ينتابنا شعور بأنَّ الله لا يتدخَّل ولا يفعل شيئاً حِيال الظُّلم المُنتشِر بكثرة، فنصرخ لله ونقول: حتَّى متى يا رب؟ حتَّى متى تنتظر كي تُحقِّق عدالتك؟

في سِفر الرُّؤيا نقرأ عن مؤمنين ماتوا إثر اضطِّهادات بسبب إيمانهم، ويُطالِبون الله بأن يأخُذَ حقَّهم من قاتِليهم لأنَّهم يريدون أن تتحقَّق العدالة الإلهيَّة وينتظرونها بترقُّب، سائلينه حتَّى متى يا رب تؤخِّر معاقبة أهل الأرض؟

“… فَرَأَيْتُ مَذْبَحاً تَحْتَهُ أَرْوَاحُ الَّذِينَ سُفِكَتْ دِمَاؤُهُمْ مِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ، وَمِنْ أَجْلِ الشَّهَادَةِ الَّتِي أَدَّوْهَا، وَهُمْ يَصْرُخُونَ لِلرَّبِّ بِأَعْلَى صَوْتِهِمْ: حَتَّى مَتَى، أَيُّهَا السَّيِّدُ الْقُدُّوسُ وَالْحَقُّ، تُؤَخِّرُ مُعَاقَبَةَ أَهْلِ الأَرْضِ عَلَى مَا فَعَلُوهُ بِنَا؟ مَتَى تَنْتَقِمُ مِنْهُمْ لِدِمَائِنَا؟” (رؤيا يوحنَّا 9:6-10)

قد تنظُر حولك وتتساءل عن كل ما يجري من قتلٍ وظُلمٍ واضطِّهاد، لكن تأكَّد بأنَّ مواقيت الله تختلف عن مواقيتنا، فنحن ننظُر للأُمور من منظارنا الأرضي المحدود، أمَّا الرَّب فهو صاحب الرُّؤيا التي تتخطَّى الزَّمان والمكان وتُدرِك ما لا يُدرَك. فالنِّهاية السَّعيدة ليست دائماً على هذه الأرض، بل السَّعادة الحقيقيَّة تكمُن في الوجود مع الرَّب في الأمجاد السَّماوية، حينها لكن يكون هناك حزن ولا اضطِّهاد لأنَّ الشَّر لن يَسود في ما بعد.

“وَسَمِعْتُ صَوْتاً هَاتِفاً مِنَ الْعَرْشِ: «الآنَ صَارَ مَسْكِنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ، هُوَ يَسْكُنُ بَيْنَهُمْ، وَهُمْ يَصِيرُونَ شَعْباً لَهُ. اللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلهاً لَهُمْ! وَسَيَمْسَحُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ. إِذْ يَزُولُ الْمَوْتُ وَالْحُزْنُ وَالصُّرَاخُ وَالأَلَمُ، لأَنَّ الأُمُورَ الْقَدِيمَةَ كُلَّهَا قَدْ زَالَتْ!«” (رؤيا يوحنَّا 3:21-4)

وفي أحد الأمثلة من العهد القديم عن توقيت الله، نرى كيف أنَّ النَّبي حبَقُّوق حين رأى بعين النُّبوءة الدَّينونة التي ستأتي من البابليِّين على أبناء شعبه، دخلَ في حوار مع الرَّب مُتسائلاً لماذا سيَسمح الله لأولئك الغُزاة المُعتدين بتدمير مدينتهِ وهَلاك وسَبي شعبه؟ لكن جواب الله لحبَقُّوق كان بأنَّ لهُ قصداً ومشيئة من كل ما يحدث، وأنَّه يريد أن يؤدِّب بني إسرائيل (الشَّعب المُعتدَى عليه) بسبب زَيَغانهم وابتعادهم عنه، موضحاً أنَّ البابليِّين (الشَّعب المُعتدي) هم أيضاً أشرار وسيُعاقَبون لكن في الوقت المناسب. وكان قول الرَّب لحبَقُّوق:

“لأَنَّ الرُّؤْيَا لاَ تَتَحَقَّقُ إِلاَّ فِي مِيعَادِهَا، وَتُسْرِعُ إِلَى نِهَايَتِهَا. إِنَّهَا لاَ تَكْذِبُ وَإِنْ تَوَانَتْ فَانْتَظِرْهَا، لأَنَّهَا لاَبُدَّ أَنْ تَتَحَقَّقَ وَلَنْ تَتَأَخَّرَ طَوِيلاً.” (سِفر حبقُّوق 3:2)

Habakuk in Arabic

لذلك، إن كنتَ مؤمناً بالمسيح فتشدَّد وتشجَّع وانتظِر الرَّب، ولا تظُنّ أبداً أنَّه سينساك أو يتغاضى عن ضيقاتك مهما طال الظُّلم عليك.

“انْتَظِرِ الرَّبَّ. تَقَوَّ وَلْيَتَشَجَّعْ قَلْبُكَ. وَانْتَظِرِ الرَّبَّ دَائِماً.” (مزمور 14:27)


مقالات مُشابِهة

لقد ولدنا أنقياء من جدي
الفرح والسلام الحقيقي
أقوال مسيحية شهيرة


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.