عقب سيجارة على الأرض يرمز للعبودية

عادة سيِّئة استعبدَت أبو سليم لفترة لا بأسَ بها من حياته، فهل تخلَّصَ منها؟

كان أبو سليم أُستاذاً قبل أن يتقاعد، وبعد تقاعدهِ أصبحَ يُعطي دُروساً خصوصيَّة لكل راغب، علَّهُ يستطيع بذلك تأمين احتياجات عائلته التي لا يؤمِّنها معاشه التَّقاعدي.

كان شارِبهُ الأصفر يدلّ على تعلُّقه الشَّديد بالتَّدخين وإدمانه عليه، فهو يعتبِر السِّيجارة رفيقته التي يُنفِّس بها عن همومه ومشاكله، وعبثاً حاولَت زوجته أن توقفه عن التَّدخين وتجعله يتعالج من هذا الإدمان، لكنَّه كان يغضب ويصيح بأنَّ السِّيجارة رفيقته الأبديَّة وأنَّه لن يتخلَّى عنها إلى أن يموت.

وفي أحد الأيَّام حين كان أبو سليم جالساً مع جيرانه، سمِعَ أحد الأشخاص يقول: كنتُ مُستعبَداً للتَّدخين، وطلبتُ من الله أن يُعطيني القوَّة على هذه العبوديَّة ويُخلِّصني منها، وبعدها تخلَّصتُ منها ومن كل العادات السَّيِّئة التي رافقتني طوال حياتي. راح أبو سليم يفكِّر في الموضوع، وبدأ يدعو ربَّهُ في السِّرّ ويطلُب منه كما كان يطلُب ذاك الرَّجُل.

وفي إحدى اللَّيالي، جلسَ أبو سليم على الشُّرفة يُراجِع حياته ويُفكِّر وهو ممسكٌ بسيجارته كالمعتاد، ثمَّ غفى وكاد أن يسقُط عن الكُرسي، فانتفضَ وإذ به موجودٌ في مكانٍ غير شُرفَته، نظرَ حوله فرأى شخصاً بهِيّ المنظَر بشكل لا يوصف، طلبَ هذا الشَّخص منه أن يتقدَّم إليه، فقال أبو سليم: أُريد القُدوم لكنَّني أشعُر أنِّي مُكبَّل ولا أستطيع السَّير، فمدَّ ذلك الشَّخص ذراعهُ وقال: تعال، حينها أحسَّ أبو سليم بأنَّه رشيق كريشة طائر، فأسرعَ وركعَ عند قدمَي الشَّخص الذي راح يُريهِ حياته كشريطٍ مُصوَّرٍ أمامه، ثمَّ راح يُريه مرضى السَّرطان والمُعاناة التي يُقاسونها في علاجاتهم، ثمَّ قال له: هذا ما ستفعله بك سيجارتك، تعالَ إليَّ وأنا سوف أُغيِّرُك وأُحرِّركَ من عبوديَّتها، فصِحَّتكَ نِعمة سوف تُسأَل عنها.

في تلك اللَّحظة نهضَ أبو سليم من رؤياه مُرتعشاً، ورأى نفسه لا يزال على الشُّرفة لكنَّ سيجارته قد سقطت من يده أثناء غفوته، تذكَّرَ الرُّؤيا فشعرَ بالاشمئزاز من منظر السِّيجارة ورائحتها، حينها أمسكَ بعُلبة التَّدخين ورماها من على الشُّرفة، وتعهَّد أمام الله بأنَّه لن يُمسكها مرَّة أُخرى.

العبرة

ما أكثرها المرَّات التي نقول فيها أنَّنا لا نستطيع التَّخلُّص من عادات سيِّئة تُكبِّلنا، كالإدمان على التَّدخين أو المشروب، أو ربَّما المخدِّرات أو مشاهدة الإباحيَّات، أو أيّ أمر آخر لا يُمجِّد الله. لكن إن طلَبنا العَون من الله فسوفَ يكسر كل القُيود التي تمنعنا عن تكريس حياتنا له ويُحرِّرنا من العبوديَّة التي تؤذينا وتُقيِّدنا.

“أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَرْتَكِبُ الْخَطِيئَةَ يَكُونُ عَبْداً لَهَا… فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الاِبْنُ تَصِيرُونَ بِالْحَقِّ أَحْرَاراً”. (إنجيل يوحنَّا 34:8، 36)

الكاتبة: الأخت غادة

Author & Novelist


مقالات مُشابِهة

الشاهد
الكنز الفاني
قصة سارة


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.