رجل في السجن ينظر من خلف القضبان

بقيَ فريد على ثِقة تامَّة بإلههِ على الرّغم من الظُّلم الشَّديد الذي يُحيط به، فهل تدخَّلَ الله وأَنصفَهُ ممَّا كان فيه؟

كان فريد يقف عند كوَّة السِّجن يُصلِّي حين قال له أحد المساجين: ألم تتعَب أيُّها الفتى؟ كادت الشَّمس تُشرق ومنذ غروبها يوم أمس حتَّى هذه اللحظة وأنتَ لا تزال واقفاً في نفس المكان! فتنهَّدَ فريد واقتربَ من زميله وهو يقول: كنتُ أُصلِّي لإلهي كي يُنصِفني ويُبرئني ممَّا أنا فيه، لذلك قضيتُ ليلتي في مُناجاته، فاليوم وكما تعلم ستتمّ مُحاكمتي.

ردَّ زميله: لكن التُّهمة تلبسكَ كما الثِّياب فكيف ستُبَرَّأ منها؟ أجاب فريد: أنا لا أعرف، لكنِّي أثقُ بأنَّ إلهي سيُنصِفني فهو القاضي العادل وأنا وضعتُ مشكلتي بين يديه.

في المحكمة

جاء وقت المُحاكمة فتفاجأَ فريد بوجود شاهِد لم يكن يعرف بوجوده أصلاً، وقفَ الشَّاهِد أمام القاضي وشهِدَ بكل ما يعرفه عن المؤامرة التي حيكَت ضد فريد، وقدَّم تسجيلات صوتيَّة تُثبِت كيف أنَّ صديق فريد دسَّ له المخدِّرات في جيب معطفه، وكيف استُبدِلَت حقيبة فريد بحقيبة مُشابهة لها تماماً ومملوءة بالذَّهب المسروق.

وبعد دراسة الأدِلَّة بشكل مُفصَّل، قال القاضي للشَّاهِد: منذ ثلاثة أشهُر ونحن نحقِّق في هذه القضيَّة، واليوم كنَّا سننطق بالحُكم النِّهائي والذي هو تجريم فريد وسجنه لمدَّة عشر سنوات، فلماذا كنتَ صامتاً كل تلك المدَّة ولم تحرِّك ساكناً بالرَّغم من أنَّك تعلم أنَّ هذا المتَّهم بريء؟

فقال الشَّاهد: كنتُ خائفاً لأنِّي أعلَم جيِّداً بأنَّ هؤلاء الأشخاص أشرار، لكن في اللَّيلة الماضية حَلمتُ في نومي بأنَّ نوراً كان يحثّني على المجيء إلى هنا كي أشهَد بكل ما أعرف، وكان هذا النُّور يقول لي: لا تخف بل اِذهب واشهَد بالحقّ وبما تعرف وأنا سأحميك من شَرّ الأشرار، لذلك تشجَّعتُ وأتيتُ اليوم كي أُريحَ ضميري وأشهَد بما عندي.

وهكذا أُعلِنت براءة فريد وخرج من السِّجن مرفوع الرَّأس وشاكراً لإلهه الذي أنصفهُ، أمَّا المجرم الحقيقي وأعوانه تُجَّار المخدِّرات فقُبِضَ عليهم وتمَّ زَجّهم في السِّجن وحُكِمَ عليهم بسنوات طويلة جزاءً لهم على ما فعلوا.

العبرة

مهما كانت الضِّيقة التي تمرّ بها، تأكَّد بأنَّ الله يرى ضعفك ويسمع أنَّات قلبك، ويريد منك أن تتَّكِل عليه وتثق في رحمته اللَّامُتناهية، لذلك اِلتَجئ إليه وضَع طِلبتكَ بين يديه كي ترى تدخُّله العجيب في الوقت المناسب، ولا تشُكّ أبداً في عدالة الله بل عِش حياتك متذكِّراً قول المسيح:

“أَفَلاَ يُنْصِفُ اللهُ مُخْتَارِيهِ الَّذِينَ يَصْرُخُونَ إِلَيْهِ نَهَاراً وَلَيْلاً؟ أَمَا يُسْرِعُ فِي الاسْتِجَابَةِ لَهُمْ؟ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُنْصِفُهُمْ سَرِيعاً.” (إنجيل لوقا 7:18-8)

الكاتبة: الأخت غادة

Author & Novelist


مقالات مُشابِهة

البخيل
عدالة السماء
قصة سارة


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.