تُبنى المُعتَقَدات المَسيحِيَّة على عِبادة الإله الواحِد المُثَلَّث الأقانيم المُعلَن عنهُ في الكِتاب المُقدَّس خالِق هذا الكَون بكُل ما فيه، وعلى تَجَسُّد أُقنوم الاِبن في مِلء الزَّمان، ومَوتِهِ من أجل خَطايانا وقِيامَتِهِ من أجل تَبريرِنا، وضَرورة الإيمان بهِ للخَلاص ووُجوب طاعَتِهِ بالمَعمودِيَّة.
يؤمِن جَميع المَسيحِيُّون بأساسِيَّات ثابِتة يتَوافَقونَ عليها جَميعاً، وعلى الرّغم من تَعَدُّد الطَّوائِف المَسيحِيَّة إلَّا أنَّهُم يتَّفِقونَ على هذهِ المَبادِئ التي تُشَكِّل نُقطَة الإنطِلاقة لعِبادَتِهِم. وإلَيكُم هذهِ اللَّمحة الشَّامِلة والبَسيطة التي سنَذكُر فيها بَعض العَقائِد والتَّعاليم الأساسِيَّة التي تؤمِن بِها جَميع المَذاهِب المَسيحِيَّة.
الثالوث
نؤمِن أنَّ الله كائِن واحِد (سِفر التَّثنِية 4:6)، لذلك المَسيحِيَّة تؤمِن بالتَّوحيد، إذ نَعبُد الإله الواحِد. لكن الله الذي هو “واحِد” قائِماً منذُ الأزَل وإلى الأبَد “بِثَلاثَة أقانيم”¹، وهذهِ الأقانيم هي: “الآب والاِبن والرُّوح القُدُس”. فالكِتاب المُقدَّس يُشَدِّد على كُل من وَحدانِيَّة الله وعلى التَّعَدُّدِيَّة ضِمن الوَحدانِيَّة. تتفَرَّد المَسيحِيَّة في هذا الإيمان تَفَرُّداً كامِلاً عن كُل الأديان والفَلسَفات المَوجودة حالِيّاً والتي وُجِدَت سابِقاً. دافَعَت الكَنيسة منذُ فَجر انطِلاقَتِها عن هذهِ العَقيدة أمام الهَرطَقة “الآريوسِيَّة” التي نادَت أنَّ المَسيح هو أوَّل مَخلوق، وأمام “السَّابيلِيَّة” التي تُنادي بأنَّ الله تَجَلَّى في ثَلاث هَيئات. لذلك جاءَ إقرار الإيمان النِّيقَوي كإجماع من المؤمِنين على الإيمان بعَقيدَة الثَّالوث في وَجه هذهِ الهَرطَقات. فالكِتاب المُقدَّس يُعَلِّم أنَّ الآب والاِبن والرُّوح القُدُس كُلٌّ مِنهُم مَوجود بشَخصِيَّة مُتَفَرِّدة سَرمَدِيَّة “قائِمة من الأزَل” وفي نَفس الوَقت هذهِ الشَّخصيات هي واحِدة في الجَوهَر.
هذا يَعني أنَّنا لا نؤمِن بثَلاثة آلِهة بَل نَعبُد الإله الواحِد في وَحدانِيَّتِه، ونُصَلِّي للآب بِاِسم الاِبن وبقُوَّة الرُّوح القُدُس. يَقول القِسّ عِماد شحادة: “لا يُصَلِّي المؤمِن إلى إلهٍ بَعيد وغَير مُكتَرِث بِخَليقَتِه، إنَّما يُصَلِّي إلى الله كَآبٍ مُحِبٍّ لخَليقَتِه، ومع الاِبن وبِاسم الاِبن الذي فَدى خَليقَته، وبالرُّوح القُدُس الذي يَسكُن في من آمَنَ بِهِ. كَما يُصَلِّي المؤمِن إلى كُل واحِد من الأقانيم بالتَّساوي، لأنَّ كُل مِنهُم هو الله بالتَّمام… الله واحِد في الجَوهَر، ثالوثي في أقانيمِهِ المُتَساوِية في المَقام، من أجل القَصد الواحِد المُشتَرَك”.²
الخلق
آمَنَت الكَنيسة عبرَ كُل العُصور أنَّ الله هو خالِق هذا الكَون بكُل ما فيه، وهذا الخَلق هو من العَدَم. الله الذي بِكَلِمة مِنهُ دَعا كُل شَيء إلى حَيِّز الوُجود. وهذا يُحَتِّم وُجود الله بِمَعزِل على الخَليقة وتَفَرُّدِهِ بصِفَة الوُجود الأزَلي. لَطالَما واجَهَت الكَنيسة اعتِراضات على هذهِ العَقيدة ومنها الفِكر “الغَنُّوسي” الذي يؤمِن بأزَلِيَّة الشَّرّ، وبِعَدَم خَلق الله المُباشَر لِلكَون، كَما واجَهَ الإيمان المَسيحي اعتِراضات عن الخَلق من بَعض الفَلاسِفة اليونانِيِّين الذينَ وَضَعوا المَفاهيم البِدائِيَّة لنَظَرِيَّة التَّطَوُّر الحَديثة، كَتِلكَ التي عَلَّمَها أبيكوريوس الذي قالَ أنَّ الكَون تَشَكَّلَ عبرَ اختِلاط عَشوائي للجُزئِيَّات.³
يوضِح لنا الإصحاح الأوَّل من سِفر التَّكوين أنَّ الأقانيم الثَّلاثة قَد اشتَرَكوا في عَمَلِيَّة الخَلق، وهو الأمر الذي يؤكِّد عليهِ بولُس الرَّسول في رِسالَتِهِ إلى الكولوسِيِّين في الإصحاح الأوَّل مِنها. وهذا أيضاً كانَ فَهم آباء الكَنيسة الأوائِل للخَلق حيثُ يَقول أوريجانُس: “خالِق الوُجود هو الكَلِمة، اِبنُ الله، في حين أنَّ الله الآب بِقِيادَتِهِ لاِبنِهِ -الكَلِمة- قَد خَلَقَ العالَم…”⁴
الكتاب المقدس
هو الكِتاب الذي يؤمِن بهِ المَسيحِيُّون بِما يَضُمّهُ من “تَوارة، مَزامير، أسفار الأنبِياء، الأناجيل، وكِتابات أتباع المَسيح الأوائِل”. ساقَ الرُّوح القُدُس كُتَّاباً من البَشَر لكي يوصِل لنا رِسالته وإعلانه عن الإله المُثَلَّث الأقانيم، أي أنَّ الله أوحى لَهُم بهذهِ الإعلانات من أجل أن يَكتُبوها لنا. ومن خِلال الكِتاب المُقدَّس فقَط نَستطيع أن نَعرِف كُل العَقائِد التي نتحَدَّث عَنها في هذا المَقال.
نحنُ كمَسيحِيُّون نؤكِّد على عِصمَة الكِتاب المُقدَّس ونؤمِن بأنَّهُ مُنَزَّه، العِصمة تَعني عَدَم إمكانِيَّة سُقوط الكِتاب المُقدَّس بأي خَطَأ في مَخطوطاتِهِ الأصلِيَّة، ففِكرَة العِصمة بِحَدّ ذاتها تَمنَع إمكانِيَّة حدوث ذلك أصلاً، وكَون الله هو الذي أَوحى هذهِ الكُتُب فهذا يَكفي لكي تَكون مُنَزَّهة عن الخَطَأ لأنَّ الله كامِل ولا يُمكِن أن يُخطِئ، ونحنُ نَنسِب العِصمة لله بحَسَب طَبيعَتِهِ وشَخصِه، فهو بِطَبيعَتِهِ كُلِّيّ العِلم وكُلِّيّ المَعرِفة أمَّا فيما يتعَلَّق بشَخصِهِ فهو قُدُّوسٌ وبارّ.
مَفهوم الوَحي في المَسيحِيَّة يَتَأسَّس على فِكرَة أنَّ الله استَخدَمَ كُتَّاباً من البَشَر لإيصال رِسالَتِهِ لنا، وهُم كَتَبوا تحتَ إرشادِهِ ورِعايَتِه، لذلك نَقول أنَّهُ أُوحِيَ لَهُم من الله، يَقول مارتِن لوثِر: “مؤلِّف هذا الكِتاب هو الرُّوح القُدُس نَفسهُ، والله خالِق كُل الأشياء… رغمَ كِتابَة الكِتاب المُقدَّس على أيدي بَشَر، إلَّا أنَّهُ ليسَ من عِند البَشَر ولا من البَشَر بَل من الله”.⁵
الله صادِق وأمين لذلك هو لن يَسمَح لِوَحيِهِ بأن يُحَرَّف، فهو يُريد أن يَحفَظهُ لِكَي تتَبارَك النُّفوس من كَلِماتِهِ، لأنَّهُ لو كانَ الكِتاب المُقدَّس قَد حُرِّف فهذا يَعني أنَّ الله عَجِزَ في إشرافِهِ على تَبليغ وكِتابَة النُّصوص المُقدَّسة بِما يَكفي للتَّغَلُّب على نُزوع الكُتَّاب البَشَرِيِّين للخَطَأ.⁶
الإيمان بصلب وقيامة المسيح للخلاص
يَقول بولُس الرَّسول في أقدَم إعلان شَهادة عن المَسيح، شَهادة تَسبِق حتَّى كِتابَة أوَّل الأناجيل بحَسَب ما يَقولهُ العُلَماء، لأنَّ بولُس استَخدَمَ تَسبيحة في كِتاباتِه كَما لو أنَّها مَعروفة وأنَّ القارِئ مُعتاد على سَماعِها وتَرديدِها⁷:
“فَالْوَاقِعُ أَنِّي سَلَّمْتُكُمْ، فِي أَوَّلِ الأَمْرِ، مَا كُنْتُ قَدْ تَسَلَّمْتُهُ، وَهُوَ أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَفْقاً لِمَا فِي الْكُتُبِ، وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَفْقاً لِمَا فِي الْكُتُبِ، وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِبُطْرُسَ، ثُمَّ لِلاثْنَيْ عَشَرَ. وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ مِئَةِ أَخٍ مَعاً مَازَالَ مُعْظَمُهُمْ حَيّاً، فِي حِينِ رَقَدَ الآخَرُونَ. ثُمَّ ظَهَرَ لِيَعْقُوبَ، وَبَعْدَ ذلِكَ لِلرُّسُلِ جَمِيعاً. وَآخِرَ الْجَمِيعِ، ظَهَرَ لِي أَنَا أَيْضاً، وَكَأَنِّي طِفْلٌ وُلِدَ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ! فَإِنِّي أَنَا أَصْغَرُ الرُّسُلِ شَأْناً، وَلَسْتُ أَهْلاً لأَنْ أُدْعَى رَسُولاً لأَنِّي اضْطَهَدْتُ كَنِيسَةَ اللهِ.” (رِسالة بولُس الرَّسول الأولى إلى أهل كورِنثوس 3:15-9).
الصَّليب هو أساس إيمان المَسيحِيَّة، ولطالَما تَمَسَّكَت الكَنيسة بهذا التَّعليم على أنَّهُ أساس ما نؤمِن بهِ. وهذا العمَل العَظيم الذي قامَ بهِ الاِبن من أجلِنا، هو من سَيُؤهِّلنا للخَلاص عبرَ الايمان بهِ. جاء في إقرار الإيمان النِّيقَوي: “الذي من أجلِنا نَحنُ البَشَر ومن أجلِ خَلاصِنا، نَزَلَ من السَّماء وتَجَسَّدَ من الرُّوح القُدُس، ووُلِدَ من مَريَم العَذراء وصارَ إنساناً، وصُلِبَ عِوَضاً عَنَّا في عَهد بيلاطُس البُنطِيّ، تَألَّمَ وماتَ ودُفِن، وقامَ في اليَوم الثَّالِث كَما في الكُتُب، وصَعِدَ إلى السَّماء وجَلَسَ على يَمينِ اللهِ الآب”.⁸
الكنيسة والتعميد والعشاء الرباني
تَعني كَلِمَة كَنيسة “الجَماعة المَدعُوَّة”⁹ وتتَكَوَّن من المؤمِنين الذينَ دَعاهُم الله ليُشَكِّلوا مع بَعضِهِم “جَسَد المَسيح” الذي هو رَأس هذهِ الكَنسية، والمؤمِنين هُم أعضاء هذا “الجَسَد” لكي يَكونوا امتِداداً لِعَمَل المَسيح على الأرض، ويَكونوا شَهادة حَيَّة بهدَف تَخليص النُّفوس من مَملَكَة الظُّلمة ونَقلِهِم إلى مَلَكوت الله. نُلاحِظ في الكِتاب المُقدَّس كَكُل مَدى أهَمِّيَّة الجَماعة في الحَياة الرُّوحِيَّة للفَرد، وأهَمِّيَّة الفَرد في حَياة الجَماعة، إذ لا يُمكِن للمؤمِن أن يَكونَ بِمَعزِل عن جَماعة المؤمِنين المَسيحِيِّين. يَقول جون كالفِن: “الكَنيسة هي أُمَّنا وخارِج عَنها لا خَلاص لنا”. وقالَ لاحِقاً: “هذا ما ذَكَرَهُ القِدِّيس أوغسطينُس في كِتابِهِ “مَدينَة الله”، عندَما أكَّدَ أنَّ كُل الذينَ يُحَرَّكون من قِبَل مَحَبَّة الله، يُشَكِّلون جَماعَة إيمان وجَماعة اجتِماعِيَّة. وحيثُ أنَّ الكَنيسة هي جَسَد المَسيح، فهذا يتبَع أنَّ المسيح وَحدهُ هو سَيِّدها وهو يتَصَرَّف بِها كما يُريد”.¹⁰ وقَد أعطى الله للكَنيسة فَريضَتان رَئيسِيَّتان يجِب أن يخضَع لهُما كُل مؤمِن وهُما المَعمودِيَّة والعَشاء الرَّبَّاني.
المَعمودِيَّة تَعني الغِطاس أو التَّغطيس بالمِياه، وكانَت تُمارَس قبلَ بَدء المَسيحِيَّة على الدَّاخِلين الجُدد من الأُمَم إلى الدِّيانة اليَهودِيَّة¹¹، حيثُ كانوا يُعَمَّدون “بالماء” إشارةً إلى تَحديد وَلائِهِم وإلى التَّطهير، لذلك عندَما بَدأ يوحَنَّا المَعمَدان خِدمَتهُ كانَ يُعَمِّد بِناءً على مَفهوم مَعروف في مُجتَمَعِهِ. يجِب على كُل مَسيحي أن يَتَعَمَّد بالماء بِحَسَب قَول يسوع، ففي المَعمودِيَّة إشارة إلى التَّطهير الرُّوحي، وإشارة إلى عَلامَة العَهد مع الله.
” فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً: «دُفِعَ إِليَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْض. فَاذْهَبُوا إِذَنْ، وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ، وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ” (إنجيل مَتّى 18:28-19)
العَشاء الرَّبَّاني هو فَريضة أسَّسَها يسوع والهدَف منها هو الذِّكرى والغِذاء الرُّوحي الذي تؤمِّنهُ المُشارَكة في هذهِ الفَريضة، حيثُ يتذكَّر المؤمِنون عمَل الرَّب من أجل البَشَرِيَّة التي افتَداها بِدَمِهِ، إلى حين مَجيئِه ثانِيةً:
“وَإِذْ أَخَذَ رَغِيفاً، شَكَرَ، وَكَسَّرَ، وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: هَذَا جَسَدِي الَّذِي يُبْذَلُ لأَجْلِكُمْ. هَذَا افْعَلُوهُ لِذِكْرِي”. (إنجيل لوقا 19:22)
لِفَريضَة العَشاء الرَّبَّاني برَكات عَديدة، فهي تَجعَلنا نتَأمَّل بآلام الرَّب التي قاساها من أجلِنا، نتذَكَّر ما قامَ بهِ ليُخَلِّص نُفوسنا، ونُجدِّد اِلتِزامنا مَعَهُ بانتِظار مَجيئِهِ الثَّاني.
السلوك المسيحي
يعمَل الله في حَياتِنا ليَجعَلنا نتحَرَّر أكثَر وأكثَر من الخَطيئة، لنُشابِه صورَة ابنِهِ ونَنمو على مِثالِه، تُسمَّى هذهِ العَمَلِيَّة بالتَّقديس والتي فيها أيضاً ننفَرِز من العالَم لخِدمَة مَقاصِد الله، وتَقودُنا إلى النُّمو والنُّضج الرُّوحي من خِلال قوَّة الرُّوح القُدُس العامِل فينا والذي خُتِمنا بِهِ، فهو يُعَزِّينا ويُقَوِّينا ويُذَكِّرنا بكُل ما عَلَّمَنا إيَّاه يَسوع ويُبَكِّتنا على خَطايانا. تَستَمِرّ عَمَلِيَّة التَّقديس طيلَة حَياة المؤمِن على الأرض، لأنَّ الكَمال غَير مُمكِن في هذهِ الدُّنيا. لكن إن أخطَأنا والخَطيئة في حَياة المؤمِن يَنبَغي أن تَكون زَلَّة وليسَت أُسلوب حَياة، فلَنا شَفيع عندَ الآب “الإنسان يَسوع المَسيح”.
“…أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هَذِهِ الأُمُورَ لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا. وَلكِنْ، إِنْ أَخْطَأَ أَحَدُكُمْ، فَلَنَا عِنْدَ الآبِ شَفِيعٌ هُوَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ.” (رِسالة يوحَنَّا الرَّسول الأولى 1:2)
يَعيش المؤمِن في صِراع مع جَسَدِهِ ضِد الشَّهَوات الرَّديئة، وكَثيراً ما يتعَرَّض للتَّجارِب حينَما يُصَمِّم على التَّكريس وعِبادَة الله. لكن الحَياة الرُّوحِيَّة السَّليمة يجِب أن تَكون مَبنِيَّة على حَياة الصَّلاة وقِراءَة الكِتاب المُقدَّس بِاستِمرار والمُواظَبة على الشَّرِكة الرُّوحِيَّة مع المؤمِنين، ومن خِلال هذهِ الأُمور يعمَل الرُّوح القُدُس في حَياتنا لِيَقودنا أكثَر وأكثَر نحوَ القَداسة.
الكِتاب المُقدَّس مَليء بالوَصايا التي يجِب على المؤمِن أن يَسلُك بِها، ويُلَخِّصها الرَّب يسوع بهذهِ الكَلِمات:
“فَأَحِبَّ الرَّبَّ إِلهَكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَبِكُلِّ نَفْسِكَ وَبِكُلِّ فِكْرِكَ وَبِكُلِّ قُوَّتِكَ. هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى. وَهُنَاكَ ثَانِيَةٌ مِثْلُهَا، وَهِيَ أَنْ تُحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. فَمَا مِنْ وَصِيَّةٍ أُخْرَى أَعْظَمُ مِنْ هَاتَيْنِ”. (إنجيل مَرقُس 30:12-31)
فالمَحَبَّة تُشَكِّل نُقطَة الإنطلاق، لأنَّها الأساس الذي تُبنى عليهِ كُل الوَصايا، ولأنَّها تُسَيِّرنا لِنَعمَل كُل ما هو مَرضِيٌّ أمامَ الله.
القيامة الأخيرة
يَرقُد المؤمِن المَسيحي على رَجاء القِيامة، فالرَّجاء الكِتابي مؤكَّد لأنَّهُ مَبنِيٌّ على وَعد الله المُنَزَّه عن الكَذِب، حيثُ سيَأتي اليَوم الذي فيهِ سَيُدِين الله كُل المَسكونة بالعَدل. ويُعَلِّم الكِتاب المُقدَّس أنَّ الأموات سيَقومون في اليَوم الأخير وأنَّ الأحياء والأموات سَيُدانون. والمُخَلَّصين بِدَم المَسيح سيَدخُلونَ النَّعيم الأبَدي، أمَّا الأشرار فَسَيُطرَحون في بُحَيرَة النَّار والكِبريت كَما وَصفَ لنا يوحَنَّا الرَّسول:
“وَسَلَّمَ الْبَحْرُ مَنْ فِيهِ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَسَلَّمَ الْمَوْتُ وَهَاوِيَةُ الْمَوْتَى الأَمْوَاتَ الَّذِينَ فِيهِمَا، وَحُكِمَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ أَعْمَالِه.ِ وَطُرِحَ الْمَوْتُ وَهَاوِيَةُ الْمَوْتَى فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ، هَذَا هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي”. (سِفر رؤيا يوحَنَّا 13:20-14).
الحَياة الأبَدِيَّة التي يَعِد بِها الكِتاب المُقدَّس للمُخَلَّصين ستَكون بمَحضَر الرَّب في السَّماء، وفيها سَنَسمو بوُجود الخالِق العَظيم مَعنا، مُخَلِّصنا وفادينا، وسَنتَمَتَّع ببَرَكاتِهِ العَظيمة ونُسَبِّح لَهُ على مَدى الأيَّام حَيثُ لا هُموم ولا آلام.
“وَسَيَمْسَحُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ. إِذْ يَزُولُ الْمَوْتُ وَالْحُزْنُ وَالصُّرَاخُ وَالأَلَمُ، لأَنَّ الأُمُورَ الْقَدِيمَةَ كُلَّهَا قَدْ زَالَتْ!” (سِفر رؤيا يوحَنَّا 4:21).
- كَلِمَة “أُقنوم” هي كَلِمة سِريانِيَّة نَستَخدِمها بَدَل كَلِمَة “شَخص” لأنَّها تُفيد إمكانِيَّة اشتِراك أحَد أعضاء الثَّالوث في الجَوهر الإلهي مع الحِفاظ على وُجوب تَمَيُّز كُل شَخصِيَّة من الشَّخصِيَّات المُكَوِّنة للثَّالوث.
- كتاب ضرورة التعددية في الوحدانية الالهية – دكتور عماد شحاته – دار منهل الحياة – تحميل الكتاب pdf (christianlib.com)
- Historical Theology: An Introduction to Christian Doctrine. Allison, Gregg.
- Contra Celsus. Origen.
- What Luther Says: An Anthology. Martin Luther.
- What is Reformed Theology?: Understanding the Basics. Sproul, R. C.
- The Heresy of Orthodoxy: How Contemporary Culture’s Fascination with Diversity Has Reshaped Our Understanding of Early Christianity. Andreas J. Köstenberger, Michael J. Kruger, Ian Howard Marshall.
- قانون الإيمان النيقوي – صلاوات – النمو في المسيح
- Strong’s Greek: 1577. ἐκκλησία (ekklésia) – an assembly, a (religious) congregation
- The Institutes Of The Christian Religion. Calvin, John, Beveridge, Henry.
- Ancient Christian Worship: Early Church Practices in Social, Historical, and Theological Perspective. Andrew B. McGowan.
مقالات مُشابِهة
الأساسيات في المسيحية
مفاهيم خاطئة شائعة عن المسيحية
الخطوات الأولى التي يجب اتخاذها في التعلم عن المسيح