فتاة مع سكين في الشارع

بِضع كلمات كانوا سبباً في إعادة الرَّجاء لإنسانة مُدمَّرة تواجه الاِنتحار، فماذا فعل وسيم مع مروى وكيف تغيَّرت حياتها؟

تربَّى وسيم وكَبُر على مخافة الرَّب ومحبَّته، نهَلَ من مدرسة الأحد تعليماً في صِغره ومن أهلهِ وَعظاً وتدريباً في كل مراحل عمره، فكانت سيرته الحسَنة على كل لِسان ممَّا جعلهُ يفعل المستحيل ليُحافظ على مسيرتهِ النَّقيَّة الخالية من الشَّوائب. تزوَّج وسيم بعُمر صغير وسكنَ هو وزوجته مع أُمّه وابتدأ خدمته في الكنيسة، وكان يجول كل يوم يوزِّع منشورات صغيرة تحكي عن تعاملات الرَّب وتبشِّر بخلاصه.

كان يوماً عاديّاً حين استفاق وسيم باكراً من نومهِ، فقالت له أمّه: لماذا لم تنم كِفايتك يا بُنيّ؟ فأنت تأخَّرت بالسَّهر يوم أمس.

أجابها: لا تقلقي يا أمّي فقد نِمتُ بما فيه الكِفاية، وفي هذا الوقت من الصَّباح هناك الكثير ممَّن يُغادرون الملهى ونادي القمار، وأنا أُريد أن أوزِّع لهم المنشورات الرُّوحيَّة اليوم علَّها تلمس قلوبهم وتغيِّر حياتهم.

ردَّت أُمّه: وهل سيقرؤنها برأيك؟، فأجاب: يكفيني أن يقرأها شخص واحد ويتوب عمَّا هو فيه.

وصلَ وسيم إلى وجهتهِ، فوجدَ رَجُلاً أمام نادٍ ليليٍّ يحاول إبعاد فتاة كانت تبكي وتتعلَّق به بشدَّة حتَّى وقعت أرضاً، لكنَّ الرَّجُل الذي معها لم يتأثَّر ببكائها بل تركها وانصرفَ عنها، فأمسكت سكِّيناً وصرخت قائلةً له: إن لم تعُد فسأقتُل نفسي، ومع ذلك لم يلتفِت لها الرَّجل بل رَكب سيَّارته وغادر المكان.

الحكمة في التصرف

كان وسيم يقف حائراً أمام هذا الموقف لا يدري ماذا يفعل، لكنَّه أسرعَ وأخذَ السِّكين من يد الفتاة وقال لها: لا تقتُلي نفسك أرجوكي فلا أحد يستحقّ أن تموتي من أجلهِ، بل عيشي للَّذي ماتَ من أجلِك. ثمَّ أمسكَ بيدها وساعدها كي تقف على قدميها وقال لها مُرتبكاً: أنتِ سليمة والحمدلله لذلك سأُغادر الآن. لكنَّ الفتاة الجميلة التي كانت تفوح منها رائحة السَّجائر والمشروب الكُحولي والتي كانت شِبه عارِية، تعلَّقت بهِ وراحت تنظر في عينيه وتقول والدُّموع في عينيها: أُريد أن أقتُل نفسي لأنَّ لا أحد يحبّني حُبّاً حقيقيّاً، فالجميع يستغلّني في البداية ثمَّ يهرب منِّي في النِّهاية.

في تلك اللَّحظة كان وسيم مرعوباً من أن تتلطَّخ سيرتهُ الحسَنة بالعار إن رآهُ أحد الآن والفتاة تمسك بكتفه، لكنَّه في نفس الوقت لم يُرِد أن يترك الفتاة في هذا اليأس والضَّياع التي هي فيه، فقال لها: تعالي معي سأُخبرك مليّاً عن شخص يحبُّك جدّاً حتَّى أنَّه مات من أجلِك وأعدَّ لكِ حياةً أبديَّة لن تخطُر على بالكِ.

تجرَّأ وسيم وأحضرَ الفتاة معه إلى منزله وعرَّفها على زوجته وعلى والدته، وراحوا يخبرونها جميعهم عن روعة الرَّب العظيم ومحبَّته اللَّامُتناهية، وأخبروها عن قصَّة رَجم الزَّانية وكيف أنَّ يسوع لم يُدِنها بل قال لها اذهبي يا ابنتي ولا تعودي للخطيئة بعد.

وكالأرض العطشانة المُتلهِّفة لقطرة الماء كانت تلك الفتاة التي اسمها مروى والتي تعرَّضت للاستغلال من أبيها ومن رِجالٍ كثُر، كانت تُصغي لهم وتبكي بحرقة، فبكَت وبكَت بُكاءً مُرّاً حتَّى أنَّها صَلَّت معهم وسلَّمت حياتها وذاتها للرَّب يسوع في ذاك اليوم.

وها هي مروى اليوم تقف أمام نفس الملهى وتُخبر قصَّتها لكلّ الفتيات المُستَغَلاّت اللَّواتي يُتاجَر بأجسادهنَّ تحت ذريعة البحث عن الحُبّ، وتخبرهنَّ عن الحُبّ الحقيقي الذي يروي كل روح عطشى ويُشبع كل قلب جائع، علَّها تكون سبباً في إحياء نفس ميتة وإعادتها إلى جادَّة الصَّواب.

العبرة

انثُر كلمة الله حيثما تذهب كما تنثُر بِذار الوُرود، وسيأتي الوقت الذي ستُلاقي فيه بعض البِذار تُراباً صالحاً تحيا فيه، وبذلك تكون أنت قد زيَّنتَ الدُّنيا وُروداً. لا تبخل أيُّها المؤمن عن إخبار الجميع أنَّ يسوع يحبّهم، ولا تخف ممَّا سيقوله النَّاس عنك، فوصِيَّة الرَّب العُظمى لنا هي أن نذهب إلى العالَم أجمَع ونُبشِّر بالإنجيل الخليقة كُلّها.

“وَقَالَ لَهُمْ: «اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ، وَبَشِّرُوا الْخَلِيقَةَ كُلَّهَا بِالإِنْجِيلِ” (إنجيل مَرقُس 15:16)


مقالات مُشابِهة

الأم الثكلى
ما يزرعه الإنسان إياه يحصد
قصة سارة


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.