صليب معلق من مرآة الرؤية الخلفية في السيارة

قد ترى المسيحيون يضعون الصليب كقلادة في أعناقهم أو في رمز في بيوتهم وكنائسهم، لكن هذا لا يعني أبداً أن المسيحيين يعبدون الصليب، بل استخدامهم له هو تذكار لعمل الله من الذي صنعه أجلنا عبر فداء المسيح، و(الصليب) ككلمة لا تشير في المفهوم المسيحي إلى مجرد (الخشبة) بل إلى كل ما يمثله هذا العمل الإلهي الثمين (كالفداء والكفارة).

يُعتبر الصليب إحدى الرموز الأساسيّة المشهورة في الإيمان المسيحيّ. وقد تتساءل عن هذا الرمز، وعن علاقته بالعبادة المسيحيّة خصوصًا مع إطلاق البعض كلمة “عُبّاد الصليب” على المسيحيين. لكن هل فعلًا يعبد المسيحيّون الصليب؟

إذا أمعنا النظر على طول صفحات الكتاب المُقدس، سنجد أنه لا يوجد حدث واحد فيه عَبَدَ التلاميذ الصليب. ولا توجد آية واحدة في الكتاب تشير إلى عبادة خشبة الصليب. على النقيض من ذلك نجد الكثير من الآيات التي تُعلمنا أن العبادة هي لله الواحد فقط. فمثلًا نقرأ في إنجيل متى:

فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ، وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ!»
إنجيل متى 10: 4

فالمسيحيون موحدون بالله. يعبدون الإله الواحد الخالق. إذًا ما قصة رمز الصليب؟

رمز الحب

إن الصليب هو أداة حكم الإعدام في النظام الرومانيّ. فالصليب بصورة عامة هو رمز للعار، لكن بعد المسيح تحول من رمز إلى العار إلى رمز الحب. فالصليب هو المذبح الذي قدم فيه المسيح نفسه ذبيحة حب لكل البشريّة. فأصبح الصليب رمز يرمز إلى هذه المحبة الإلهيّة. فبالنسبة للمسيحيّ الصليب هو رمز افتخار مع أنه أداة إعدام. لذلك يكتب بولس الرسول:

أَمَّا أَنَا فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلّا بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ،
الرسالة إلى غلاطيّة ٦: ١٤

فبُولس الرسول هنا -بوحيّ من الله – يكتب أنه يفتخر بالصليب، وليس يعبد الصليب. فالمسيحيون لا يعبدون الصليب، لكن الصليب هو الأداة التي من خلالها حقق المسيح لنا الفداء. فالمسيحيون يعبدون المصلوب، والمصلوب ليس على الصليب لكنه قام أيضًا، هو حيّ إلى الأبد، يشفع فينا، هذا هو الإله الذي يعبده المسيحيّون.

دلالة كلمة الصليب

إن النقطة الجوهريّة التي تغيب عن أذهان الكثيرين هي أن كلمة “الصليب” ليس المقصود بها “خشبة الصليب” لكن كلمة الصليب في كل مرة تُذكر في الكتاب المُقدس تشير إلى عمل الفداء ككل، العمل الذي أتممه المسيح. فكلمة الصلب تُطلق كرمز لعمل المسيح الكفاري، ما عمله المسيح وليس أي خشبة صليب ماديّة. فبولس في هذه الآية يفتخر بعمل المسيح الكفاريّ الذي غيّر حياته من شاول الى بولس. وكذلك نحن أتباع المسيح نفتخر بعمل المسيح الكفاريّ لأنه هو الوسيلة التي بها تذوقنا محبة الله وتلامسنا مع الأبديّة في المُصالحة العظيمة التي قدمها لنا المسيح. فالمسيحيون لا يعبدون الصليب، ولكن يكرمون الصليب، أي يكرمون عمل المسيح الكفاريّ ويفتخرون به.

لقد رأت البشريّة الحب مُتجسدًا على الصليب، فتحول رمز العار إلى رمزًا للحب تجسّد وسط فوضى الأرض، خالقًا فيها أمرًا جديدًا، مصالحًا الإنسان مع الله، هذا هو مغزى ودلالة الصليب الذي أرجع الإنسان مرة أخرى للعلاقة مع الله الواحد وعبادته. فهدف الصليب أنه يشير إلى المصلوب المعبود الفادي والمخلص.

فتعال إلى المصلوب وتلامس مع محبته فتتذوق لمحات الأبديّة في تلامسك مع المحبة اللانهائيّة للمصلوب.

الكاتبة: لمياء نور

Masters of Arts in Theology, ETSC


مقالات مُشابِهة

هل حَقّاً صُلِبَ المَسيح ؟
الصليب
الأساسيات في المسيحية
قصة صلب المسيح


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.