هذه القصَّة عايشتُها أنا شخصيّاً وأحببتُ اليوم أن أخُطّها بكلمات وسُطور لأشهَد فيها عن قُدرة الرَّب العظيم وتعاملاته معي على الصَّعيد الشَّخصي.
كنتُ في الأربعين من عمري وكنتُ أُمّاً لفتىً في الثَّالثة عشرة من عمره وفتاة في السَّابعة حين عَلِمتُ أنّي أنتظِر مولوداً جديداً، ومع أنّي لم أكُن أُفكِّر بالإنجاب مُجدَّداً لأنَّه يُشكِّل خطراً على حياتي، إلَّا أنَّني لم أشَأ أن أُجهِضهُ لأنّني أخافُ الرَّب. وُلِدَ الطِّفل لكن المُفاجأة الكُبرى كانت حينَ أخبروني أنَّه مُصاب بمُتلازِمة داون وأنَّه مريضٌ جدّاً، صُدِمتُ من وَقعِ الخبَر لأنّني خلال فترة الحمل لم أكُن أعرف بأنَّه سيولَد هكذا. لكن مشاعر كثيرة انتابَتني حينها فعلى الرّغم من أنّي صِرتُ أُمّاً للمرَّة الثَّالثة إلَّا أنّي مع هذا المولود اختبرتُ أُمومةً ما عرفتُها قبلاً، فأحسَستُ برغبة كبيرة في الدِّفاع عن طِفلي وكأنَّني أسَد يريد افتِراس كل من يقترب من صغيرهِ، لكن في نفس الوقت كنتُ ضعيفة جدّاً كضعف طائر صغير بلَّلَ جناحاه المطر ولم يعُد يقوى على الطَّيران.
حاربتُ بكلّ قوَّتي لأُنقِذ طِفلي المريض الذي قال الأطبَّاء عنه بأنَّه غير قابل للعِلاج وبأنَّه مَيِّت لا محالة. ولم يعُد أمامي سوى ملاذي ورجائي الوحيد (الرَّب يسوع) الذي لطالما آمنتُ بأنَّه هو الخالق وبأنَّه هو من كوَّنَ هذا الطِّفل في أحشائي وهو القادر أن يُعيد تشكيله من جديد.
ابتدأتُ مشواراً من المُعاناة لن تسَع الصَّفحات لأخُطَّ تفاصيله، لكنَّني سأذكُر واحد فقط من تلك الاختبارات الكثيرة التي حصلت مع ابني. كانت ليلة أحسَستُ فيها بأنَّ طِفلي النَّائم في سَريرهِ الصَّغير أزرَق اللَّون ويكاد يختنِق، وحينها لم أعرف ماذا أفعل لأنَّني كنتُ بحالة عَجزٍ تامّ، كيف لا أشعر بالعَجز إن كانَ الطِّب بكُل تطوُّرهِ وقفَ عاجزاً أمام قلب اِبني المريض ورئتيهِ الضَّعيفتين. فصرَختُ للرَّب من كل قلبي وعاتَبتهُ قائلة: “أنتَ من أشفَقتَ على صالِبيك وصلَّيتَ لأجلِهم، اِرحَم قلبي واسهَر أنتَ على طِفلي فأنا مُرهَقة ومُتعبة جدّاً وأحتاجُ للنَّوم، وغفَوتُ تلكَ اللَّيلة.
المعجزة
حين استفَقتُ في الصَّباح التَّالي كانَ لَون طِفلي طبيعيّاً وتنفُّسهُ كذلك. مرَّت الشُّهور ولم يُشفَ طِفلي، وكنتُ أُواظِب على أدوِيتهِ وعِلاجه لكنّي لم أَلحَظ أيّ تقدُّم. لكن لطالما آمنتُ أنَّ الرَّب سيشفيه وتمسَّكتُ بإيماني، وحين أصبحَ في عُمر السَّنة وشهرَين أجرَيتُ لقلبهِ الصَّغير (الصُّورة الصَّوتيَّة) التي كان يخضع لها شهريّاً، وأتَت تلك النَّتيجة التي انتظرتُها منذُ وِلادته، فقد حصَلت المُعجِزة وقال لي الطَّبيب أنَّ قلب طِفلي سَليم ورِئتيهِ كذلك وأنَّه لم يعُد بحاجة لأدوِية وجِراحات أُخرى كما كان مُقرَّراً له. وها هو طِفلي قد أصبحَ الآن شابّاً في العشرين من عمره، وعلى الرّغم من أنَّه عاجز عن الكلام لكنَّني أتفاهم معه وأستَقي منه وأتعلَّم حُبّاً كبيراً لم أعرفه إلَّا معه.
العبرة
مهما كانت ظُروفك صعبة، ثِق وآمِن بالرَّب الذي عندهُ للموت مخارِج، فهو صانع المُعجِزات والقادر على تغيير جميع الظُّروف والأحوال في طرفَة عين، وليكُن لِسان حالك كالمَلِك يهوشافاط حينَ حاوَطهُ جَيش العدوّ فصرخَ للرَّب قائلاً:
“… ونَحْنُ لاَ نَدْرِي مَاذَا نَفْعَلُ، إِنَّمَا إِلَيْكَ وَحْدَكَ تَلْتَفِتُ عُيُونُنَا.” (سِفر أخبار الأيَّام الثَّاني 12:20)
مقالات مُشابِهة
عدم التقدير
الأبواب الموصدة
الكنة الحكيمة