رمز ذهبي للثالوث على خلفية رمادية

يَعتقد كثير مِنْ الناسِ أنّ المسيحيّين يُؤمنون بثلاث آلهة. لكن هل هذا صحيح؟ هل المسيحيّون مُوحدون بالله أم مُشركون؟

إنّ الكِتاب المُقدس هُو الكِتاب الإلهيّ للمسيحيّين، ومِنهُ يستقي المسيحيّون كل ما يُؤمنون بِهِ. فإذا أردنا أنْ نصل للحقيقة ونعرف ما هُو الإيمان المَسيحيّ نحتاج أنْ نقرأ الكِتاب المُقدس وندرسهُ جيّدًا. يَحتوي الكِتاب المُقدس بعهديّهِ القديم والجديد علَى الكثير مِنْ الآيات التِي تشرح وتُثبت أنّ المسيحيّين موحدون بالله. سأذكر بعضًا مِنها مِنْ كِلا العهديّن علَى سبيل المِثال وليس الحصر:

لَا يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى سِوَايَ.
خروج 3: 20

اسْمَعُوا يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ: الرَّبُّ إِلَهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ،
تثنية 4: 6

هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَفَادِيهِ: «أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، وَلا إِلَهَ غَيْرِي.
إشعياء 6: 44

فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «أُولَى الْوَصَايَا جَمِيعاً هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ، الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ.
إنجيل مرقس 29: 12

وَلَكُمْ رَبٌّ وَاحِدٌ، وَإِيمَانٌ وَاحِدٌ، وَمَعْمُودِيَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِلَهٌ وَآبٌ وَاحِدٌ لِلْجَمِيعِ، وَهُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ وَبالْجَمِيعِ وَفِي الْجَمِيع.
الرسالة إلى أهل أفسس 6-5: 4

الوحدانيّة الجامعة

فالمسيحيّون مُوحدون بالله. ويُؤمنون بإلهٍ واحدٍ، كما أن الإشراك بالله هو خطيّة بالنسبة للإيمان المسيحيّ. لكن الوحدانيّة التِي يُؤمن بها المسيحيّون ليست وحدانيّة بسيطة، لكِنها وحدانيّة جامعة وذلك ببساطة لأن الكِتاب المُقدس يقول ذلك، ولأنّ منطقيًّا الله لا يُمكن أن يكون وحدانيّة بسيطة. فمثلًا المسيح قال:

فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً: «دُفِعَ إِليَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ. فَاذْهَبُوا إِذَنْ، وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ، وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ؛
إنجيل متى 19- 18: 28

فالمسيح هُنا لم يقل عمدوهم “بأسماء” لكن قال عمدوهم “باسم” وهذا لأن الله واحد. ثم أكمل “الآبِ والابنِ والرُّوح القُدُسِ” ليشرح أنّ وحدانيّة الله ليست وحدانيّة بسيطة لكنها جامعة. فالوحدانيّة الجامعة لا تُناقض الوحدانيّة البسيطة، ولكن وحدانيّة خاصة بالله لأنه الكامل الذي يَحوي فيه كمال الكمالات. فلا يُمكن أن تكون وحدانيته بسيطة. إنّ الوحدانيّة الجامعة لم تَظهر فقط في العهد الجديد لكن ذُكرت في العهد القديم فمثلًا نقرأ:

ثُمَّ قَالَ اللهُ: «لِنَصْنَعِ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا، كَمِثَالِنَا،
تكوين 26: 1

ففي هذه الآية يتحدث الله بصيغة الجمع لأن الوحدانيّة ليست بسيطة ولكنها جامعة. كما أنه فِي اللغة العِبريّة لا يُوجد جمع للتعظيم مِثل اللغة العَربيّة، فلا نستطيع أن نقول ان هذا جمع تعظيم. كما أنه لا يُمكن مَنطقيًّا أنْ نفهم وحدانيّة الله كما نفهم وحدانيّة الإنسان. ومِنْ الصعب أن نقارن أو نشابه حتى بينهما. فالإنسان واحد بسيط، لكن الله وحدانيته جامعة. كما أنّ أول جملة في قانون الإيمان المسيحيّ الذي يُرَدده المسيحيّون هي:

“نؤمن بإله واحد”

التوحيد الحقيقيّ

إنّ الوحدانيّة فِي الإيمان المسيحيّ أعمق مِنْ أنْ تكون فقط مُجرد جملة يُرددها المسيحيّون، وأعمق مِنْ أنْ تكون فقط عقيدة يعتنقونها، ولا حتى مُجرد إطار فكري يُؤمنون به؛ بل فِي كُل مرة يُذكر فِي الكِتاب المُقدس وحدانيّة الله، يُعلمنا تطبيقيًّا عمليًّا. فالإيمان ليس فكرة مُجردة تقتصر علَى العقل أو تُرددها الشفاه، لكنها حقيقة تُشكل حياتنا. وهذا هو التوحيد الحقيقيّ. فمثلًا في يعقوب 2 يقول:

أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللهَ وَاحِدٌ؟ حَسَناً تَفْعَلُ! وَالشَّيَاطِينُ أَيْضاً تُؤْمِنُ بِهذِهِ الْحَقِيقَةِ، وَلَكِنَّهَا تَرْتَعِدُ خَوْفاً. وَهَذَا يُؤَكِّدُ لَكَ، أَيُّهَا الإِنْسَانُ الْغَبِيُّ، أَنَّ الإِيمَانَ الَّذِي لَا تَنْتُجُ عَنْهُ أَعْمَالٌ هُوَ إِيمَانٌ مَيِّتٌ!
رسالة يعقوب 20-19:2

ففِي هذه الآية يُوضح أنّ الإيمان ليست مُجرد فكرة فِي العقل. وقدم مثل بأن الشياطين يؤمنون بوحدانيّة الله، لكن ماذا فعلت فيهم مُجرد الايمان بفكرة. فما يُعلِمنا إياها الكِتاب المُقدس انه عِندما تُؤمن أنّ الله واحد، ينبغي أن تغيّر هذه العقيدة أخلاقيّاتك وسلوكك. فعندما تُؤمن بالله أنه واحد يجب تُرتب أولوياتك في الحياة. ويكون الله هو أول أوليّة لك. وألا يُصبح لله أي شريك في قلبك. فلا تعتمد على المال أو الشهرة أو الوظيفة أو أي شيء اخر يصبح هو مُحور حياتك واهتماماتك. فالتوحيد الحقيقي هو أن توحد قلبك لله.

فالمسيحيون لا يؤمنون بثلاث آلهة لكن هم موحدين بالله. وليس ذلك فقط، بل الكِتاب المُقدس يدعونا لنكون عمليّا موحدين بالله. فكل إنسان مُؤمن مسيحيّ حقيقيّ يحتاج أن يسأل نفسه هل فعلًا أولوياته وسلوكه وأفكاره تعكس حقيقة إيمانه بوحدانيّة الله أم مجرد وحدانيّة في العقيدة فقط. فابدأ اليوم واسلك كما يحق لإنجيل المسيح وعش وحدانيّة الله في أولوياتك وأفكارك وسلوكك.

الكاتبة: لمياء نور

Masters of Arts in Theology, ETSC


مقالات مُشابِهة

آيات عن الثالوث
هل قال المسيح (انا هو الله)؟
من هو إله المسيحيين؟
الأساسيات في المسيحية


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.