عندما تنهار الحياة، وتذوب كل ذرات الأمل، وتظهر سيوف اليأس كأنها حقيقة قاتلة، وتفقد كل أمل في النجاة، فتجتاز أحلك لحظات الحياة، وقد تٌدرك حينها مدى صغر وضآلة كل مُتعة أرضيّة فانيّة. وكأن الحياة توصد أبوابها في وجهك، حينها يُمكنك أن تجتاز أجمل معيّة إلهيّة، فترى يد الله تحتضنك، وتدرك لمساتها، فتهلل مع المرنم قائلًا:
شِمَالُهُ تَحْتَ رَأْسِي، وَيَمِينُهُ تُعَانِقُنِي
نشيد الأنشاد 2: 6
إنها حقيقة، فالإله الذي نعبدهُ هو الذي وصفهُ الوحيّ المُقدس قائلًا:
وَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ اللهَ يَجْعَلُ جَمِيعَ الأُمُورِ تَعْمَلُ مَعاً لأَجْلِ الْخَيْرِ لِمُحِبِّيهِ.
الرسالة إلى أهل رومية 8: 28
فمهما بدى الأمر وكأنه شر، وكأنه ألم، يُمكنك أن تتلامس مع الله في هذه الظروف. وهذا ما رأيناه وتلامسنا معهُ على مر التاريخ. فأحلك لحظات البشريّة سودًا، عندما شهدت الأرض والسماء صلب المسيح، عندما سمعت الطبيعة صرخات المسيح على الصليب من ألم دق المسامير، كانت هذه اللحظات هي أقوى لحظات التحرير والخلاص للبشريّة. فها هي أحلك ليالي الكون، تتحول إلى أعظم لحظات خلاص للبشريّة.
عندما تنهار الحياة، يُمكنك أن تختبر معيّة الله، يُمكنك أن تتلامس مع محبة الله فتتلامس مع الله، وتكون هذه اللحظات حاسمة في حياتك. إن قوة إيمان الشخص تُقاس برد فعله في مواقف الحياة الصعبة والقاسيّة، سواء كان بطريقة واعيّة أو غير واعيّة. ورد فعل الإنسان عندما تنهار الحياة يعتمد على أساس ما كان يبنيه في شخصيتهُ في لحظات الراحة.
فكل يوم جديد هو فرصة جديدة لك لكي ترتوي من محبة الله، فعندما تطرق بابك الأوقات الصعبة، سيكون لديك شخصيّة ناضجة روحيّة تستطيع أن تدرك أن علاقتها مع الله هي فقط سر سعادتها وليس أي مر آخر، ستكون لديك شخصيّة ناضجة وعيون مُستنيرة فتدرك الخير، وتثق أن كل الأشياء تعمل معًا لخيرك، حتى لو بدت أمور العيان صعبة، وغير مفهومة، لكن ثقتك في الإله الذي اجتذبك وتراءى لك، وحررك، كافيّة أن تجذبك من حجرة اليأس فتنطلق إلى مراعي من الراحة الإلهيّة إلى أن تكمل أيام غربتك على الأرض وتصل إلى الراحة الأبديّة.
الكاتبة: لمياء نور
Masters of Arts in Theology, ETSC
مقالات مُشابِهة
الوجه الآخر للألم
ساعدني انزع اكفاني
كيف نعيش حياة حقيقية؟