آثار الأقدام على الرمال على الشاطئ في المحيط

ها هي ذرات الأرض تتلامس من خطوات أرجلهُ، وتتنفس الطبيعة نسمات فيهِ، فتتلامس تلك الذرات الفانية المحدودة مع الكائن الأعظم غير المحدود، فتنتعش الطبيعة من جديد بعد أن كان يكسوها خيبات الأمل نتيجة الخطيّة والشر، الذي استحفل في الأرض. لكن ما أجمل رحمة الله تلك التي انتزعت كل خيبة أمل ويأس ومرض وموت بتنازل العالي واتضاعهُ، مُتحملًا عنّا كل مرض وألم وضعف، مُجتازًا طبيعتنا الهشة، مُعطيّا إيانا كرامة وخلاص. وها هو الإنسان لأول مرة يختبر سلام يفوق كل وصف للدرجة التي تهللت من أجلها الملائكة قائلة:

الْمَجْدُ لِلهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلامُ؛ وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ
إنجيل لوقا 2: 14

ليس ذلك فقط، بل شاهد القاصي والداني لمساته الشافيّة لكل مريض ومأسور الحزن والشر. وفي لمساته الشافية كان يشفي بالحب أولًا، فيداوي القلوب المُتألمة التي لم تعرف معنى الإحتواء من قبل، مُجددًا بذلك معنى العلاقات الإنسانيّة، ومُعلمًا إيانا أن هذه هي الإنسانيّة الحقيقيّة التي تجول تصنع خيرًا وتشفي جميع المُتسلط عليهم إبليس، مانحًا إيانا سلطان الشفاء، مُشركنا في عمله في الخليقة، ودعانا لأن نعمل مثل هذه الأعمال قائلًا:

دُفِعَ إِليَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ. فَاذْهَبُوا إِذَنْ، وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ، وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ؛ وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَعْمَلُوا بِكُلِّ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْتِهَاءِ الزَّمَانِ
إنجيل متى 28: 18- 20

ومازلت هذه الوصيّة العُظمى تُشكل حياة تلاميذهُ في كل زمان ومكان، ناسجة بذلك أطراف الملكوت في الخليقة برباط الحب. وها أنت مدعو لكي تعيش هذا السلطان وهذه الوصيّة، فتكون جزءًا من مُجتمع الملكوت، وشاهدًا مُتلامسًا مع عمل الله في الخليقة، فتعيش أوج قوة الحياة، راكضًا على صخور الواقع بسرعة النسور التي لا تعرف الوهن.

الكاتبة: لمياء نور

Masters of Arts in Theology, ETSC


مقالات مُشابِهة

سيرتنا في السماوات
من القتل والذبح والتشريد والتدمير الى الحياة الجديدة
اللمسات الإلهيّة
الفرح والسلام الحقيقيّ


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.