صورة بالأبيض والأسود لامرأة في جرح وألم

كُلما تمر الأيام، نُدرك أكثر أنه ليس للحياة وتيرة واحدة، لكن الحياة ستظل تُلقي بحجارتها علينا. فنجد أنفسنا في مواجهة شرسة مع ذاتنا الحقيقيّة. وكأننا نقف على حافة مُنحدر في مواجهه تكشف لنا كُل الحياة على حقيقتها. إن حياتنا على الأرض هي فرصة فيها نكتشف ذواتنا أمام كل تحدي وصعاب. فالصعوبات فرصة فيها ننظر بقرب إلى ظُلمتنا الداخليّة لنكتشف محدوديتنا وهشاشة إنسانيّاتنا، ومقدار ضآلتنا أمام مُتغيّرات الحياة، لكنها أيضًا فرصة لنضع أيدينا على مناطق الضعف والفشل والظلمة فينا. فننتهز فرصة هذه الصعاب لننمو ونتشكل ونتغير إلى تلك الصورة عينها من مجدٍ إلى مجدٍ في شخصياتنا. فتنطبق علينا الآية التي تقول:

وَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ اللهَ يَجْعَلُ جَمِيعَ الأُمُورِ تَعْمَلُ مَعاً لأَجْلِ الْخَيْرِ لِمُحِبِّيهِ، الْمَدْعُوِّينَ بِحَسَبِ قَصْدِهِ.
الرسالة إلى أهل رومية 28:8

فحتى أصعب مراحل حياتنا، ستتحول إلى خير مع المسيح. إن الوجه الحسن لصعوبات الحياة هي إنها تكشفنا أمام أنفسنا، وتجعلنا نكتشف محدوديتنا، وتجعلنا نتلامس مع محبة الله فنقول مع كاتب المزمور:

حَتَّى إِذَا اجْتَزْتُ وَادِي ظِلالِ الْمَوْتِ، لَا أَخَافُ سُوءاً لأَنَّكَ تُرَافِقُنِي. عَصَاكَ وَعُكَّازُكَ هُمَا مَعِي يُشَدِّدَانِ عَزِيمَتِي
مزمور 23:4

إن ردود أفعالنا تجاه مواقف الحياة المُختلفة من فرح وحزن تكشف لنا ما هو مصدر فرحنا ومركز حياتنا. فعندما ننتظر شيء معين يحدث في حياتنا لفترة، ونصاب بالحزن الشديد لأنهُ لم يحدث، ونشعر أن حياتنا توقفت، فهذا يعني أن مصدر فرحنا وحياتنا هو هذا الشيء الذي ننتظرهُ. إن الشعور بالفرح والحزن أمام مواقف الحياة المُختلفة هو شيء جيد وطبيعيّ، لكن السؤال الأهم هو إلى أي مدى هذا الحدث أو الموقف سيؤثر ويشكل حياتنا؟

في كل يوم من أيام حياتنا لدينا الاختيار إما أن نركز على صعوبات الحياة ونحزن ونقلق، وإما أن نختار أن نعيش الثقة والإيمان بأن الله معنا فنقول مع الوحي:

فَبَعْدَ هَذَا، مَاذَا نَقُولُ؟ مَادَامَ اللهُ مَعَنَا، فَمَنْ يَكُونُ عَلَيْنَا؟ ذَاكَ الَّذِي لَمْ يُمْسِكْ عَنَّا ابْنَهُ، بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا جَمِيعاً، كَيْفَ لَا يَجُودُ عَلَيْنَا مَعَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ أَيْضاً؟
الرسالة إلى أهل رومية 8: 31-32

إن إعلان ثقتك وتمسكك في صلاح الله، ووجوده بجوارك في كل مواقف حياتك، هو شيء كافي جدًا ليجعلك تعبر هذه الحياة بفرح وثقه وعيون مستنيرة. فتدرك مدى ضآلة مشاكل الحياة وملذاتها، فتستمتع بالفرح الحقيقي الذي لا يُنزع، الذي لا يتوقف على ظروف خارجيّة، لكن على كينونتك في اتحادك بالمسيح ووجودك في عائلة المسيح. فالأوقات الصعبة في الحياة هي الفرصة التي فيها نُعلن عن امتناننا وثقتنا في الله، وأنه هو وحده مصدر فرحنا وكفايتنا بغض النظر عن أي صعوبات أو آلام في الحياة فنقول مع بولس الرسول:

فَمَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ لَنَا؟ هَلِ الشِّدَّةُ أَمِ الضِّيقُ أَمِ الاِضْطِهَادُ أَمِ الْجُوعُ أَمِ الْعُرْيُ أَمِ الْخَطَرُ أَمِ السَّيْفُ؟ بَلْ كَمَا قَدْ كُتِبَ: «إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُعَانِي الْمَوْتَ طُولَ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا كَأَنَّنَا غَنَمٌ لِلذَّبْحِ!» وَلكِنَّنَا، فِي جَمِيعِ هَذِهِ الأُمُورِ، نُحْرِزُ مَا يَفُوقُ الانْتِصَارَ بِالَّذِي أَحَبَّنَا. فَإِنِّي لَعَلَى يَقِينٍ بِأَنَّهُ لَا الْمَوْتُ وَلا الْحَيَاةُ، وَلا الْمَلائِكَةُ وَلا الرِّيَاسَاتُ، وَلا الأُمُورُ الْحَاضِرَةُ وَلا الآتِيَةُ، وَلا الْقُوَّاتُ، وَلا الأَعَالِي وَلا الأَعْمَاقُ، وَلا خَلِيقَةٌ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.
الرسالة إلى أهل رومية 8: 35-39

فثبت نظرك الآن على المسيح، وتأمل ما فعله لأجلك ليُحضر إليّك الحياة الأبديّة، والعلاقة مع الله التي هي أثمن شيء. فتدرك أنه وهبك أغلى وأثمن ما تحتاجهُ. ولتكون الصعوبات فرصة فيها تنمو وتتذوق معيّة الله معك.

الكاتبة: لمياء نور

Masters of Arts in Theology, ETSC


مقالات مُشابِهة

ساعدني انزع اكفاني
عندما تنهار الحياة
كيف نعيش حياة حقيقية؟


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.