Bible on bedside

وصية غامضة، صَكّ مُخبَّأ، وأحفاد يتسابقون للعثور عليه… لكن المَخبأ الحقيقي كان أقرب إليهم مما تصوَّروا.

لطالما احتضنت السَّيِّدة نازك عائلتها وأحاطتها بالحُب والرِّعاية. وبعد أن فقدت ابنها وزوجته في حادثٍ مؤلم، كرَّست حياتها لرعاية أحفادها والحرص على مستقبلهم. لكن مع تقدُّمها في العمر، بدأت تخشى توزيع أملاكها عليهم، بعدما رأت كيف أضاعوا ميراث أهلهم فور حصولهم عليه. وفي نفس الوقت لم تُرِد حرمان أحد من الميراث، فأحفادها متزوِّجون ولديهم أطفال، وجميعهم بحاجة إلى المال.

رحلت السَّيِّدة نازك، وبعد انتهاء مراسم الدَّفن والعزاء، استدعى المحامي الأحفاد ليُطلعهم على وصيَّة الجدَّة. جاء فيها أنَّها تترك أموالها ومجوهراتها بالتَّساوي بينهم، كما تترك لكل حفيد وحفيدة قطعة أرض. أمَّا منزلها الكبير مع الأرض المحيطة به، وهو أغلى ما تملك، فقد أخفَت صكَّ مُلكيَّته في مكانٍ ما، ومن يجِده خلال أربعين يوماً فسيكون هو المُستحِق للمنزل.

بعد سماعهم للوصيَّة، انطلقَ الأحفاد كالمجانين يُفتِّشون في المنزل، وراحوا يَقلبون كل شيء بحثاً عن الصَّك، ما عدا الحفيدة الصُّغرى التي وبعد أن اقتسمَ إخوتها وأخواتها المجوهرات والممتلكات الثَّمينة، دخلت هي إلى غرفة جدَّتها وأمسكت كتابها المقدَّس ونظَّارتها وقالت لإخوتها: “أنا لا أريد غير هذا الكتاب، فهو أغلى ما كانت تُحبُّه جدَّتي، وهذه النَّظارة هي أكثر ما يُذكِّرني بها”. ثمَّ غادرت المنزل حاملةً الإنجيل، دون أن تكترث بالبحث عن الصَّك.

اكتشاف المَخبأ

مرَّ شهرٌ على ذلك، واستدعى المحامي الأحفاد مجدَّداً، وسألهم إن كان أحدهم قد وجد صَكّ المنزل، فأجابوا بالنَّفي. فقال لهم: “إذا لم تجدوه خلال عشرة أيَّام، فسَيُباع المنزل في المزاد العلني ويُمنح ثمنه للجمعيَّات الخيريَّة كما أوصَت جدَّتكم.”

في تلك اللَّيلة، جلست الحفيدة الصُّغرى تُصلِّي وتقرأ كتابها المقدَّس، فخطرَ ببالها أنَّها لم تُفتِّش داخل كتاب جدَّتها المقدَّس. كان كبيراً بما يكفي ليُخفى داخله صَكّ المنزل. أسرعت لتفتحه، فوجدت الصَّك مُخبَّأً بين صفحاته. وبفرحٍ شديد، اتَّصلت بالمحامي، الذي جمع الأحفاد مجدَّداً ليخبرهم بحكمة جدَّتهم، فقال لهم: “لقد رحلَت وهي تُصلِّي من أجل خلاص نفوسكم. فماذا ينفعكم امتلاك كل ثروات الأرض إن خسِرتم نفوسكم؟ ولو لم تفتحوا كتابها المقدَّس بعد أربعين يوماً من وفاتها، فأنتم لا تستحقُّون هذا المنزل الذي بناه جدّكم بكلِّ حُبٍ واهتمام.”

ثمَّ أردفَ قائلاً: “أوصَت جدَّتكم أنَّ من يجِد هذا الصَّك أوَّلاً يكون مسؤولاً عن استقبال إخوته كل يوم أحَّد على الغداء كواجب مقدَّس، وأن يُقرأ نَصٌّ من الإنجيل في هذا اليوم على مسامع العائلة بأكملها قبل الغداء وبعده.”

العبرة

لم يكُن الصَّكّ مجرَّد إثبات مُلكيَّة للمنزل، بل كان اختباراً لأهم ما يمكن أن نملكه: الكنز الحقيقي والإرث الذي يستحق البحث عنه. ففي زحمة الحياة وانشغالاتها، قد تمُرّ الشُّهور دون أن نفتح كُتبنا المقدَّسة، فنُهمِلها حتَّى يعلوها الغُبار، وننسى أنَّ ما تحمله بين صفحاتها هو ما يُنير دُروبنا ويهدينا في مسارات الحياة. ليست الثَّروات ولا الممتلكات هي ما يبقى، بل الإيمان والقيَم الرُّوحيَّة التي تصنع الفارق في وجودنا.

“فَمَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟” (إنجيل مَرقُس 36:8)


مقالات مُشابِهة

حين تتحول البركة إلى لعنة
الإيمان القوي يغير العالم
قصة سارة


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.