بين الشك واليقين

سَمِعَ خبَراً مُربِكاً كاد أن يجعله مجرماً، لكن نصيحة واحدة غيَّرت له المسار.

أحبَّ وسام ونُهى بعضهما منذ أن كانا سويّاً في المدرسة وتعاهدا على الزَّواج. وها قد مرَّ على زواجهما أكثر من عشر سنوات وهما يعيشان بسعادة وهناء مع طفلتيهما، وبحُكم عمل وسام كان يضطر للسَّفر من أُسبوع إلى أُسبوعين كل بضعة أشهر، لكن سفرته هذه المرَّة اختلفت عن سابقاتها فلقد تلقَّى اتِّصالاً من صديقه المقرَّب يسأله فيه إن كان على شِجار مع نُهى أو إن كان قد طلَّقها. استغرب وسام سؤال صديقه وقال له: أنت تعلم كما يعلم الجميع أنَّني ونُهى لا يمكن أن ننفصل، فلماذا تطرح عليَّ هكذا سؤال؟ فأردفَ صديقه قائلاً: أعتذر، لا بُدَّ أنَّ عيني خانتني، فقد رأيت نُهى منذ قليل تدخل فندقاً برفقة رَجُل غريب، لذلك ظننتُ أنَّكما انفصلتما.

أقفل وسام الهاتف ولم يعُد قادراً على العمل، وراحت الأفكار تتضارب في رأسه وبدأ يفكِّر كيف سيواجه زوجته بما سَمِع، بل بالأحرى كيف سيقتلها هي وعشيقها. لم يستطع الانتظار وبدأ دمه يغلي في جسده وراح ليحجز مقعداً في أوَّل طائرة عائدة إلى وطنه. لم يكُن يفكِّر سوى بالانتقام. ذهب ليُسلِّم مفتاح شقَّته حيث يُقيم إلى صاحبها، وأخبره عن الأمر الذي اضطره للعودة إلى دياره قبل الوقت المحدَّد وعن نيَّته بالانتقام من زوجته حال وصوله إليها، لكنَّ هذا الرَّجُل صاحب الشقَّة كان وقوراً وحكيماً فتكلَّم بالحكمة مع وسام وأوصاهُ أن لا يتسرَّع بأيّ تصرُّف قد يندم عليه لاحقاً، بل أن يتأكَّد بنفسه ممَّا سَمِع ويراقب زوجته ويواجهها قبل أن يحكم عليها.

المواجهة

فما كان من وسام إلَّا أن أسرعَ واتَّصل بنُهى التي قالت له بمجرَّد أن فتحت خَطّ الهاتف: لقد اشتقنا إليك كثيراً أنا والفتيات يا حبيبي، متى ستعود؟ فتجاهلَ كلامها وسألها: أين أنتِ الآن؟ فجاوبته سريعاً: أنا في منزل أُمّي فقال: أعطِني أُمّكِ لأُلقي عليها التَّحيَّة، (كان يريد أن يتأكَّد من صدق ما قالته)، فأتاه صوت حماته مصحوباً بصوت الفتيات يصِحنَ: أبي متى ستعود؟ اشتقنا إليك كثيراً. فسأل حماته مباشرةً: هل غادرت نُهى منزلك اليوم؟ وجاءهُ الرَّد: لا يا بُنيّ فنُهى عندي منذ ثلاثة أيَّام ولم تغادر المنزل لحظة واحدة، بل كانت كل الوقت تساعدني تعزيل المنزل. اعتذرَ من حماته وأقفل الخطّ متذرِّعاً بأنَّه مشغول.

عاد إلى وطنه وراح يبحث عن الصَّديق الذي أخبره تلك الإشاعة عن زوجته، فاكتشف أنَّ هذا الرَّجُل قد أدخلَ نفسه في مشاكل كثيرة في الآونة الأخيرة بسبب نشرهِ لإشاعات مغرضة تمسّ شرَف النِّساء. فعاد وسام إلى أحضان عائلته شاكراً الله الذي لم يدعه يتصرَّف بحماقة، ومُمتنّاً للرجل الحكيم الذي أعطاهُ هذه النَّصيحة.

العبرة

لا تتسرَّع بالحُكم على الأشياء أو الأشخاص قبل أن تتأكَّد من الحقيقة كاملة، ولا تسمح للغضب أن يقودك لفعل أُمور قد تندم عليها حين لا ينفع النَّدم. كُن حكيماً ومتروِّياً في اتِّخاذ القرارات، ولا تدع مشاعر الغضب تُسيطر عليك.
“لَا يَسْتَسْلِمْ قَلْبُكَ سَرِيعاً لِلْغَضَبِ، لأَنَّ الْغَضَبَ يَسْتَقِرُّ فِي صُدُورِ الْجُهَّالِ.” (سِفر الجامعة 9:7)


مقالات مُشابِهة

حين تتحول البركة إلى لعنة
عدالة السماء
قصة سارة


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.