ريشة وحبر على لفافة

هل الكتاب المقدَّس هو كتاب مُنزَل (موحى به) من الله؟ كيف لكتاب مكتوب بواسطة البشر أن يكون وحياً من الله؟ هل مفهوم الوَحي في المسيحيَّة يختلف عن مفهومه في الأديان الأُخرى؟ أدعوك لقراءة هذا المقال لنكتشف معاً تلك الحقائق.

هل جالت هذه الأسئلة وغيرها في عقلك ولا تجد إجابة شافية أو مقنعة لها؟ الوَحي في المفهوم المسيحي ليس تنزيلاً أو إملاءً بل هو اختيار الله لأشخاص لهم علاقة روحيَّة معه ليكتبوا تحت سيطرة كاملة وتامَّة من الرُّوح القدُس، بحيث أنَّ كل ما كتبوه (مُستخدِمين ثقافتهم وأفكارهم وعاداتهم وشخصيَّاتهم) معنىً ولفظاً يكون هو ما أرادهُ الله تماماً بكل دقَّة دون خطأ يُذكَر.

holy spirit in arabic

الوحي في المسيحية – المفهوم والمعنى الصحيح

كما أشَرنا في مقالات سابقة عن مفهوم الوَحي في المسيحيَّة بأنَّه “أنفاس الله” أو “نفخة الله”1، وعلى الرّغم من أنَّ الكتاب المقدَّس هو كلمة الله وأنفاسه لنا، فهذا لا يعني إطلاقاً أنَّ الله أنزلهُ تنزيلاً فهو ليس لوحاً محفوظاً. لكنَّ الله اختار أشخاصاً وصار لهم علاقة روحيَّة معه، لينطِقوا ويُسجِّلوا ما يريده الله في أشكال أدبيَّة متنوِّعة مُستخدِماً ثقافاتهم وأفكارهم ولُغَتهم وعاداتهم بل وظُروفهم الشَّخصيَّة (أي دون إلغاء لشخصِيَّاتهم) لكن حدث كل ذلك تحت سيطرة تامَّة وفائقة من روح الله القدُّوس بحيث كل ما كتبوه – معنى ولفظاً – هو ما أراده الله تماماً بكل دقَّة دون أي خطأ يُذكَر وهذا يُسمَّى بالعِصمة.


كل ما كتبوه – معنى ولفظاً – هو ما أراده الله تماماً بكل دقَّة دون أي خطأ يُذكَر


المفاهيم الخاطئة – الفرق

الوَحي في المسيحيَّة ليس تنزيلاً أو إملاءً أو كما قلنا أعلاه، بل هو نِتاج مُشترَك بين الله (المُرسِل) صاحب الكلمة والمُهَيمِن بروحه وبين البشَر”الكاتب، أداة الوَحي”، فيبدو الأمر كما لو كان الله يؤلِّف تحفة موسيقيَّة باستِخدام مجموعة من العازفين تتكوَّن من حوالي أربعين شخصاً، فكِّر – عزيزي القارئ – في المايسترو الكبير الذي قام بتأليف المقطوعة لكنَّه استخدم لعزفها مجموعة آلات متنوِّعة لأغراض مختلفة وفي النِّهاية خرجت لنا بكل دقَّة “سيمفونيَّة” رائعة كما يريدها المايسترو تماماً.

الوَحي في المسيحيَّة لا يرتبط بمواقف معيَّنة (أسباب تنزيل) تُنزَل فيها آيات من عند الله سبحانه لحل مشكلات محدَّدة تواجه الأنبياء، بل هو رسالة الله إلى بني البشَر التي تحكي خطَّة وطريق الله الوحيد للخَلاص والفِداء. فلا يوجد ما يُسمَّى (أسباب للنُّزول) لأنَّ الله العالم بكل شيء الذي لا يَحدّ معرفته زمان أو مكان كان يُرسِل كلماته على لسان أنبيائه بنبوءات قبل حدوثها بعشرات القُرون!.

الوَحي في المسيحية ليس لإرضاء البشر أو تماشياً مع أهوائهم وما يريدونه، بل هو دستور الله الكامل ووصاياه الطَّاهرة المقدَّسة وأفكاره السَّامية نحونا نحن البشر.

كُتَّاب الوَحي في المسيحيَّة ليسوا معصومين من الخطأ في حياتهم إلَّا عند كتابة الوَحي وفيما يخصّ كتابة الوَحي فقط.

الوَحي في المسيحيَّة ليس هدفه سرداً تفصيليّاً للأحداث التَّاريخية وقصص الأوَّلين، بل هدفه توصيل رسالة محبَّة الله للبشر. إلَّا أنَّه يعبِّر عن تاريخ الله المقدَّس مع شعبه والمتوافق مع الاكتشافات التَّاريخيَّة وماذكرهُ المؤرِّخون وعُلَماء الآثار.

الخلاصة والاستنتاج

أخيراً، يمكننا أن نقول أنَّ “الكتاب المقدَّس” هو وَحي الله المعصوم – لفظاً ومعنىً – وهو مُنتَج إلهي بشَري أي نِتاج مُشترَك بين الله الذي سيطَر وهَيمَن بروحه على كُتَّاب الوَحي – عاصِماً إيَّاهم – من الخطأ ليكتبوا ما يريده الله في رسالة للبشر.

Pic of Timothy

الكاتب: الأخ تيموثاوس

Writer & Masters in Biblical Theological Studies


مقالات مُشابِهة

هل المسيحيين مشركين ؟
ما هي المعتقدات المسيحية؟
من هو إله المسيحيين؟


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.