arab man smoking shisha in cafe

سوف نعالج موضوع تدخين الشّيشة في هذا المقال من ناحية الحياة المسيحيّة. سوف نرى إن كان أمراً يمكن تفاديه أو أنّه أمر لا يمكن للمسيحيّين أن يعيشوا بدونه.

يمرّ الإنسان المسيحيّ أحياناً بحالات صعبة جدّاً من التوتّر أو الحزن، وذلك ممكن خصوصاً إذا كان هذا المسيحيّ يتعرّض للاضطهاد من عائلته أو من المجتمع المجاور. وفي أغلبيّة الحالات، يلجأ المؤمن إلى أمور دُنيَوِيّة لأجل تخفيف هذا التوتّر أو الخوف واعتبارها منفَذ للهموم والصّعوبات.

حلال أو حرام؟

رغم عدم تطرّق الكتاب المقدّس لموضوع الشّيشة تحديداً، إلّا أنّنا نجد بعض القواعد المعيّنة لهذا الأمر. فبالنّسبة للكتاب المقدّس، الشّيشة ليست خطيئة أو حرام بالمفهوم الصّريح، ولكن ممكن أن تُصبح هكذا! والمقصود هنا أنّ الكتاب المقدّس يصِف سيطرة الأمور الأرضيّة على البشر بالعبوديّة. فمتى أصبح الأمر جزءاً لا يتجزّأ من حياة الإنسان وصارَ مصدر اعتماد له، فسيتحوّل الأمر، مهما كان، إلى سيّد في حياة الشّخص. إذاً باختصار، الشّيشة ليست خطيّة صريحة في الكتاب المقدّس ولكن من السّهل أن تُنتج أو تؤدّي إلى خطيّة بسبب سيطرتها على فكر ومشاعر الإنسان. مع أنّها ليست حرام، فهي أقرب للحرام من الحلال نظراً لنتائجها.


مع أنّها ليست حرام، فهي أقرب للحرام من الحلال نظراً لنتائجها


سبب الشيشة

في مجتمعنا العربيّ تحديداً، تتمتّع الشّيشة أو الأرغيلة بشهرة كبيرة جداً. فليس من الغريب أن تسمع شخصٌ ما يقول: “أريد أن أدخّن الشّيشة لكي أريح عقلي!” وهذا الأمر طبيعيّ للغاية لدى غير المؤمنين، ولكن كيف يجب على المؤمن أن ينظر لهكذا موضوع؟

أحد أهمّ أسباب الشّيشة ضمن عالم الإيمان في المجتمعات العربيّة هو الهروب من الضّغط أو التّوتّر الّذي تأتي به الاضطّهادات. فالمسيح لم يعِد أتباعه بحياة مليئة بالرّاحة والفرح والمرح ولكنّه وعد أنّه سيكون معهم خلال كلّ هذه الصعوبات.

فمن الممكن أن نختصر ونقول أنّ سبب الشّيشة هو الفراغ! ولكن طبعاً الأمر غير محصور في الشّيشة، وبما أنَّ موضوعنا هو هذه الأخيرة، فسيكون التّركيز الكامل عليها. وأقصد بالفراغ أنّ كلّ شعور حزن أو قلق أو توتّر أو حتّى ملَل، يأتي بفراغٍ ما في قلوبنا ونشعر أنّ شيئاً ما ينقصنا.

sin in arabic

البديل الأنسب

لن أتطرّق لمواضيع صحيّة وسيّئات الشّيشة على الصحّة لكي أُقنِع القرّاء بعدم تدخينها، ولكن سوف أحاول طرح البديل الأنسب الّذي يملأ الفراغ الّذي تحاول الشّيشة أن تملأه.

يجب علينا كمؤمنين أن نعرف أنّ كفايتنا هي بيسوع وحده. لا يمكن لأيّ شيء في هذا العالم أن يعطينا الرّاحة أو الطّمأنينة أو الأمان. فالمسيح بموته لأجلنا على الصّليب وقيامته من الأموات هزم أقوى عدوّ لنا، الموت. فإن كان الموت لا يُخيفنا بعد الآن لأنّ يسوع ضمن أبديّتنا، فلماذا لازلنا نخشى هذا العالم؟

فالحلّ الوحيد لجميع مشاكلنا هو الاتّكال على المسيح. ولهذا السّبب سوف أضع بعض الشّواهد الكتابيّة التي من المفترض أن تكون سبب برَكة وتعزية وراحة للمؤمن المهموم.

“فَبَعْدَ هَذَا، مَاذَا نَقُولُ؟ مَادَامَ اللهُ مَعَنَا، فَمَنْ يَكُونُ عَلَيْنَا؟” (رسالة بولُس إلى أهل روما 31:8)
فالله الّذي لم يشفق على ابنه ولكن بذله لأجلنا لن يبخل علينا بأن يكون معنا خلال مسيرتنا في هذه الغربة.

“لَا تَخَافُوا الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ، وَلَكِنَّهُمْ يَعْجِزُونَ عَنْ قَتْلِ النَّفْسِ، بَلْ بِالأَحْرَى خَافُوا الْقَادِرَ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ جَمِيعاً فِي جَهَنَّمَ.” (إنجيل متّى 28:10)

عندما نطق يسوع بهذه الكلمات، كان هدفه الأسمى توجيه المخافة أو المهابة والاعتبار نحو الله بدل النّاس. فما هو أسوأ أمر يمكن للبشر أن يفعلوه بنا؟ أن يقتلونا؟ يسوع يحثّنا على عدم الخوف من هؤلاء لأنّهم غير قادرين على قتل الرّوح، ولكنّ الله قادر على ذلك. فكم بالحريّ علينا أن نهاب الله ونعيش بحسب مشيئته رغم الاضطّهاد الّذي يمكن أن نتعرّض له؟

“لَا تَقْلَقُوا مِنْ جِهَةِ أَيِّ شَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ أَمْرٍ لِتَكُنْ طِلْبَاتُكُمْ مَعْرُوفَةً لَدَى اللهِ، بِالصَّلاةِ وَالدُّعَاءِ، مَعَ الشُّكْرِ.” (رسالة بولُس إلى أهل فيلبّي 6:4)

فبما أنّ الله مهوب من المؤمنين، وهو في صفّهم دائماً، فهو يسمع صلواتهم وطلباتهم واحتياجاتهم دائماً.

“وَسَلامُ اللهِ، الَّذِي تَعْجَزُ الْعُقُولُ عَنْ إِدْرَاكِهِ، يَحْرُسُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.” (رسالة بولُس إلى أهل فيلبّي 7:4)
ما أجمل وما أروع هذه الكلمات المُعزّية! فسلام الله يملأ عقولنا ولا يمكننا أن ندرك مدى عظمته. فالله هو حارسنا ومعطينا السّلام في كلّ الظروف.

“وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْتِهَاءِ الزَّمَانِ!” (إنجيل متّى 20:28)

بعدما أعطى الرّب يسوع آخر وصيّة لتلاميذه قال لهم أنّه سوف يكون معهم إلى الأبد. وهو أيضاً سوف يكون معنا ونحن نتمّم نفس الوصيّة.

اختبار شخصي

كمؤمن قادم من خلفيّة تُدمِن على الكحول والتّدخين، يمكن أن أشهد أنّ لا شيء في العالم ممكن أن يملأ فراغ قلوبنا سوى المسيح. رغم كلّ القلق والتوتّر الّذي نشعر به بسبب هذا العالم، يجب أن يكون مرجعنا ومصدر سلامنا الوحيد هو شخص الرّب يسوع المسيح.

واختبرت أنّي كلّما فكّرت بالرّجوع للأمور الدُّنيَوِيّة وللشّرب والتّدخين، كلّما زاد قلقي وفقدت فرحي. أمّا كلّ خطوة اقتربت بها نحو مخلّصي وسيّدي يسوع، فهناك امتلأت بالفرح والسّلام الحقيقيّين.

“يجب على المؤمن أن يتذكّر أنّ كلّ ما يفعله، يفعله لا لنفسه، بل لله، لأنّ المؤمن ليس مُلك نفسه بل مُلك الله الّذي اشتراه.”1

الخاتمة

يقول أخٌ عزيزٌ بالمسيح: “لا يمكن للمسيحي الحقيقي أن يشعر بالملَل أو الفراغ … هناك دائماً شخص يجب أن نصلّي لأجله، هناك دائماً نصوص من الكتاب المقدّس يجب أن نحفظها ونلهج بها، هناك دائماً شخص بحاجة لخدمتنا وتشجيعنا. علينا أن نحارب الفراغ وأن نقتله قبل أن يدمّر حياتنا.”

ففي صُلب موضوع الالتهاء بالشّيشة يأتي الفراغ. ممكن للتّوتّر والقلق أن يدفعانا له، ولكن إن كان لدينا أمر آخر يجب أن نفعله، فلن نتمكّن من إتمامه. فلننتصر على الشّيشة وندرك مدى سيطرتها على وقتنا، هذا الوقت الّذي مات يسوع من أجلنا لكي نمجّده فيه. هلمّ للعمل لمجد الرّب يسوع المستحق!

الكاتب: الأخ كمال

Minister & Theologian

  1. Redeeming Productivity, Reagan Rose.


مقالات مُشابِهة

هل الخمر حلال في المسيحيّة؟
ما هُو الحلال والحرام فِي المسيحيّة؟
آيات من الكتاب المقدس عن السكارى (الثمالة)


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.