غادَرَ يَسوعُ وَتَلاميذُهُ السَّامِرةَ وَتَوَجَّهوا إلى مِنْطَقَةِ الجَليلِ، وَجَلَسَ يُعَلِّمُ الجُموعَ عنْ أُمورِ مَلَكوتِ اللهِ وَصَنَعَ آياتٍ كَثيرَةً.
وفي يومٍ منَ الأَيّامِ، جاءَ بَعْضُ النّاسِ إلى يَسوعَ بِرَجُلٍ أعمى أخرَس، فيهِ شَيطانٌ. فشفَى يَسوعُ الرّجُلَ فتَكَلَّمَ وأبصَرَ. فَتَعَجَّبَ الجُموعُ كُلُّهُم وَتَساءَلوا: ألَيْسَ هذا ابنَ داودَ، المَلِكَ الآتي منْ ذرِّيَّتِهِ؟”
وسَمِعَ الفَرّيسيّونَ كَلامَهُم، فَقالوا: “هوَ يَطْرُدُ الشّياطينَ بِبَعلزَبولَ، رَئيسِ الشَّياطين.”
عرَفَ يَسوعُ أفكارَهُم، فقالَ لَهُم: “وَإِنْ كُنتُ بِبعلزَبولَ أَطْرُدُ الشَّياطينَ، فبِمَنْ يَطرُدُهُ أَتْباعُكُم؟ أمّا أنا فبِروحِ اللهِ أطردُ الشّياطينَ. وأقولُ لكُم، من لا يكونُ معي فهوَ عليَّ.”
وقالَ لَه بعضُ مُعلّمي الشّريعَةِ والفَرّيسيّينَ: “يا مُعلّمُ، نُريدُ أنْ نرى مِنكَ آيَةً لِتُظْهِرَ لنا أنَّ قوَّتَكَ فِعْلًا منْ عندِ الرَّبِّ. إنْ صَنَعْتَ الآيَةَ، نُؤمِنُ بِكَ”
فأَجابَهم: “جِيلٌ فاسِدٌ فاسِقٌ يُطالِبُ بِآيةٍ، ولَن يُعْطى سِوى آيةِ النَّبِيِّ يونان. فكما بَقِيَ يُونانُ في بَطنِ الحُوتِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وثَلاثَ لَيالٍ، كذلكَ يَبقى ابنُ الإِنسانِ في جَوفِ الأَرضِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وثلاثَ لَيالٍ. رِجالُ نِينَوى يَقومونَ يَومَ الدَّينونةِ معَ هذا الجيلِ ويَحكُمونَ علَيْهِ، لأَنَّهُم تابوا بإِنذارِ يُونان، وهَهُنا أَعظَمُ مِنْ يُونان. ولم تؤمنوا.”
ولمّا رأى الكَتَبَةُ والفِرّيسيّون ما عمِلَهُ يسوعُ بعدَ أن شفى رجلًا أعمى وأخرسَ، وسمِعوا كلَّ ما قالَهُ، ابتَدَؤوا يُدَبِّرونَ أمرَ قتلِهِ.