يوجد كثير من الأفكار التي قد تراودك لكنك تخاف أن تذكرها أمام أي إنسان خوفًا من رفض المجتمع أو الأصدقاء. إحدى هذه الأفكار هي الشك. إن الشك مؤلم وبالرغم من ألمه إلا أنك تخاف أن تذكره بفمك خوفًا من النتائج. فهل الشك خطية؟ هل أنا كإنسان لي الحق أن أشك؟ هل إذا شككت سيعاقبني الله؟ هل للشك حل؟
إحدى الأسئلة الهامة المرتبطة بالإيمان هو سؤال الشك. ربما أخبروك من حولك أن الشك خطية، وأن الشك والتفكير في المسلمات هو شكل من أشكال التمرد. أو قد قيل لك أن الشك هو بداية الكفر والزندقة والابتعاد عن الله. فهل فعلًا الشك خطية؟
يوجد نوعين من الشك. الشك المرضي والشك الطبيعي. الشك المرضي هو الشك الذي يحتاج لعلاج ويمكنك أن تميزه إذا كنت تشك في كل شيء أو تشك للدرجة التي فيها تتعطل فيها كل جوانب حياتك. وهذا النوع يستلزم علاج. لكن ما نتحدث عنه هنا هو الشك الطبيعي.
قال رينيه ديكارت: “إذا كنت تبحث عن الحقيقة حقًا ، فمن الضروري أن تشك في كل الأشياء مرة واحدة على الأقل في حياتك “. في الحقيقة إن الشك هو أولى المراحل في طريق الإيمان والنضج الحقيقي. أولى المراحل والخطوات التي يتنقل فيها الإنسان من الأمور التي توارثها وتسلمها من اسرته ومجتمعه إلى الحياة والإيمان المبني على الاقتناع والاختيار والاختبار. فإذا لم تشك في أي مرحلة من مراحل حياتك فيما توارثته من أسرتك ومجتمعك ، فأنت لم تستخدم هبة العقل التي منحها لك الله. فالشخص الذي يشك هو الذي يسأل ويبحث ليفهم. فالشك ليس خطية ولكنه نعمة.
يمدح الكتاب المقدس أهل بلدة اسمها بيرية لأنهم بعد أن استمعوا إلى بولس وهو يكلمهم بأقوال الله، رجعوا وفحصوا الكتب ليتأكدوا من اقوال بولس. فيمدخهم الوحي المقدس في أعمال الرسل 17: 11 قائلًا:
وَكَانَ هؤُلاَءِ أَشْرَفَ مِنَ الَّذِينَ فِي تَسَالُونِيكِي، فَقَبِلُوا الْكَلِمَةَ بِكُلِّ نَشَاطٍ فَاحِصِينَ الْكُتُبَ كُلَّ يَوْمٍ: هَلْ هذِهِ الأُمُورُ هكَذَا؟
فالوحي المقدس يمدح أهل بيرية لأنهم كانوا يسألون ويفحصون. وفي العهد القديم يقول:
اُدْعُنِي فَأُجِيبَكَ وَأُخْبِرَكَ بِعَظَائِمَ وَعَوَائِصَ لَمْ تَعْرِفْهَا.
إرميا 3 :33
فالله يدعونا أن نسأله الفهم. ونطرح أمامه شكوكنا لأن الله لا يخاف من أسئلتنا. الإيمان الحقيقي يسمح بالشك والسؤال والبحث ويشجع على ذلك لان الإيمان الحقيقي لا يتعارض مع العقل او البحث. فالشك ليس خطية بل أن عدم إعمال العقل هو الخطية.
إن الشك ليس هو نهاية التفكير لكن هو مجرد البداية التي ستقودك للبحث عن إجابات لشكوكك. في مقال أخر سنتطرق إلى كيفية إيجاد الحل لشكوكك ليرتاح قلبك وذهنك للحقيقة، لكن الآن لا تسمح لنفسك أن تتوارث أمور وتكررها وترددها دون أن تفحصها وتفكر فيها وتبحث عن اجابات لأسئلتك.
الكاتبة: لمياء نور
Masters of Arts in Theology, ETSC
مقالات مُشابِهة
هل يوجد حل للشك؟
هل الإيمان ضد المنطق؟
الحرب الروحية