كرَّسَ حياتهُ لمساعدة إخوته لكنَّهم غدَروا به عند أوَّل فُرصة، فماذا حصل مع سليم وكيف انتهى به الحال؟
عاشَ سليم حياته المتواضعة بطاعة الله ومخافته، كان يجاهد بالعمل لكي يعيل عائلته ويساعد إخوته، وكان يسكن في منزل أبويه ويعتني بهما على الرّغم من مرضهما الصَّعب، وقد أمضى حياته مُتَّكِلاً على الرّب في كل أُموره وكلّهُ يقين بأنَّ الله سيُبارِك المال القليل الذي يتقاضاه من عمله. لم يُرزَق بأولاد لكنَّ زوجته كانت مُعينة له وكانت تهتمّ بحموَيها وبالحديقة التي تزرعها وتبيع من محصولها.
وبعد وفاة أُم سليم بمدَّة قصيرة اشتدَّ مرض أبو سليم فجمعَ بناته الثَّلاثة وابنه الصَّغير رئيف وقال لهم: اسمعوني جيداً، لقد تعِبَ أخاكُم سليم معكم طوال هذه السِّنين وأفنى حياته في مساعدتكم وها أنتم الآن تقطنون بيوتاً جميلة ولا ينقصكم شيء، لذلك فإنِّي سأترُك هذا المنزل من بعد موتي لسليم لأنّه هو الوحيد الذي تحمَّل وِزر العائلة منذ كان شابّاً صغيراً، وها هو حتَّى الآن يعتني بي دون كَللٍ أو تذمُّر.
ولم يكد يمُرّ أُسبوع واحد على وفاة الأب حتَّى أتى رئيف الأخ الأصغر لسليم وقال له: هذا منزل العائلة، وأنا وأخواتك لنا نصيب فيه، فإمّا أن تعطينا حصَّتنا منه مبلغاً من المال وإمَّا نشتريه نحن وتخرُج أنت منه، لذلك فإنَّ لديك ثلاث شهور كي تفكِّر وتحسم أمرك وبعدها سنأتي أنا وأخواتك كي نستلم الأموال أو المنزل، قال هذا الكلام بكبرياء وغادر مسرعاً دون أن يلتفِت. وكم صغُرَت نفس سليم وتهمَّشت حين سمع ما قاله له أخوه الصَّغير الذي ربَّاه على يديه وكان يعتبره بمثابة اِبنٍ له، أرادَ سليم أن يصرخ لكنَّ الصَّدمة منعته من أن يتفوَّه بحرف، فاكتفى بالصَّمت المؤلِم.
في تلك اللَّيلة جلسَ سليم يُناجي الله ويقول له: يا رب، أنتَ تعلَم كم تعِبتُ في تعليم إخوَتي وتربيتهم، يا رب أنا لا أعرف ماذا أفعل ولا أملك ما يُثبِت أحقِّيَّتي في هذا المنزل، لذلك سأرفع دعوايَ إليك فأنتَ إله العدل وقاضي القُضاة.
وبعد بضعة أيَّام جاء مُحامي لزيارة سليم وقال له: تفضَّل هذه الورقة التي تُثبِت مُلكيَّتك للمنزل، أرسلَها لي والدكَ بالبريد قبل موته بمدَّة، وقد سجَّلتُها في الدَّوائر العقاريَّة، وأنت الآن رسميّاً صاحب هذا المنزل. حينها شعرَ سليم بفرحٍ عظيم فنظرَ إلى السَّماء وقال بصوتٍ يملأهُ التأثُّر: كم أشكُركَ يا رَب يا من تُحامي عن المظلومين وتُدافع عن المُضطهَدين.
العبرة
قد يقسو عليك أقرب النَّاس إليك، لكن إن كنتَ تسير مع الله فلا تخَف من شيء، وثِق بأنَّه هو أيضاً يسير معك ويُمسِك يمينك، فقط اِرمِ حِملكَ بين يديه في الصَّلاة وتأكَّد بأنَّه سوف يتدخَّل في الوقت المناسب.
“لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ. لاَ تَتَلَفَّتْ حَوْلَكَ جَزَعاً، لأَنِّي إِلَهُكَ، أُشَدِّدُكَ وَأُعِينُكَ وَأَعْضُدُكَ بِيَمِينِ بِرِّي” (سِفر إشَعياء 41:10)
مقالات مُشابِهة
الأم الثكلى
ما يزرعه الإنسان إياه يحصد
قصة سارة