Man on a boat with net around him

قال يسوع لبطرُس ولأخيهِ أندراوُس اللَّذينِ كانا صيَّادي سمك، أنَّه سيجعلهُما صيَّادي ناس. لكن ماذا يعني هذا القول؟ الإجابة في المقال التالي.

على الرَّغم من أنَّ صيد السَّمك في منطقة الجَليل أيَّام المسيح لم يكُن عمل الأغنياء إلَّا أنَّهُ كان يُعتبَر عملاً جيّداً، على عكس مهنة عُمَّال الحقول في الإمبراطوريَّة الرُّومانيَّة. كان الصَّيد الوفير يدرّ بالأرباح على الصَّيادين، فالأسماك كانت تشكِّل جزءاً أساسيّاً من الحمية الغذائيَّة للشَّعب آنذاك. هذا العمل بطبيعة الحال كما كل المِهَن يتطلَّب مجهوداً وخبرة، حيث يجب على الصَّياد أن يكون مُلِمّاً بأنواع الأسماك المطلوبة، بمواعيد صيدها، وبالطَّريقة المناسبة لكي تعلق في الشِّباك. هذا ناهيكم عن عمليَّة إصلاح الشِّباك والمَركِب بشكل مُستمرّ وبطرُق بدائيَّة.

هذا كان حال بطرُس وأخيهِ أندراوُس، وعلى الأغلب قد وَرِثا هذا العمل عن أبيهِما، فلم يكن من المناسب ترك هذا العمل الذي اكتسبا فيه خبرة في الصَّيد واسماً في الأسواق التِّجاريَّة. لكنَّهما فَور دعوة الرَّب يسوع لهُما كي يتبعاه، ترَكا كل شيء وراءهما في الحال وتَبِعاه.

من وجهة نظر أرضيَّة لا شكّ أنَّهما ارتكبا خطأً فادحاً بتركهما لعملهما واتِّباعهما للرَّب يسوع، لكن من وجهة نظر روحيَّة إلهيَّة فهُما قد كسبا بذلك كل شيء، لأنَّ المكسَب الذي يريده العالَم هو زمَني وَقتي، أمَّا المكسب الرُّوحي فهو أبَدي ليس له نهاية.

evangelism in arabic

دعوة المسيح

خلال هذه الدَّعوة قال لهم المسيح:

«هَيَّا اتْبَعَانِي، فَأَجْعَلَكُمَا صَيَّادَيْنِ لِلنَّاسِ!» (إنجيل متَّى 19:4)

الصَّيادين هم الرُّسل والصَّيد هو النَّاس، لكن هذه المرَّة ليس لغاية تجاريَّة بل لغاية روحيَّة، فعمل بطرُس وأندراوُس الآن يجب أن يكون الكِرازة بالإنجيل واصطياد أُناس من هذا العالَم أي من مملكة الظُّلمة وجلبهم إلى حياة الإيمان والملَكوت السَّماوي.

علَّم الرَّب يسوع الرُّسل عن مهمَّته الجديدة عبر تشبيهها لهم بمهمَّتهم السَّابقة. فكما أنَّ الصَّيد يتطلَّب تحضيراً واستعداد فإنَّ عمل الكِرازة (البِشارة) أيضاً يتطلَّب أن يستعدّ المؤمن فكريّاً وروحيّاً لكي يشهد للعالَم عن خلاص المسيح. وهكذا فإنَّ انهِماك بطرُس وأندراوُس الدائم في إصلاح الشباك سيستمر لكنَّهما الآن سيُصلِحان نُفوس النَّاس ويُعيدونها للشَّركة الحقيقية مع الله، الشَّركة التي ضَمِنها لنا المسيح بدمه.


لكنَّهما الآن سيُصلِحان نُفوس النَّاس ويُعيدونها للشَّركة الحقيقية مع الله


هذه دعوة الرَّب لكل مؤمن وليس فقط لبطرُس وأندراوُس، فعمل الكِرازة أوصاهُ الرَّب لجميع أتباعه قبل أن يصعد إلى السَّماء.

“فَاذْهَبُوا إِذَنْ، وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ، وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ؛ وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَعْمَلُوا بِكُلِّ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْتِهَاءِ الزَّمَانِ!” (إنجيل متَّى 19:28-20)

من البرَكات التي وعد بها الرَّب شعبه على لِسان عبيده الأنبياء، أن يَرُدّ سَبيهم من البُلدان التي تشتَّتوا إليها بعد السَّبي البابِلي الذي حصلَ نتيجة نَقضِهم للعهد مع الله، وفي هذا الوعد يُشير الرَّب إلى يوم آخَر سيَرُدّ فيه سَبي الشُّعوب جميعها وليس فقط شعبه (إرميا 13:12-17) من خلال العهد الجديد الذي سيصنعهُ والذي يضُمّ الأُمَم أيضاً بالإضافة إلى بني إسرائيل، لكن هذا الرَّد من السَّبي لن يكون لأرض زمنيَّة بل لملكوتهِ السَّماوي، أي أنَّهُ سيَرُدَّ الإنسان المَسبي من الخَطايا ومن شُرور العالَم (إرميا 31:31-34) وهذا سيَتمّ عبر من يُسمِّيهم “صيَّادين”:

“هَا أَنَا أُرْسِلُ صَيَّادِينَ كَثِيرِينَ، لِيَصْطَادُوهُمْ، ثُمَّ أَبْعَثُ بِقَنَّاصِينَ كَثِيرِينَ لِيَقْتَنِصُوهُمْ مِنْ كُلِّ جَبَلٍ وَمِنْ كُلِّ رَابِيَةٍ وَمِنْ شُقُوقِ الصُّخُورِ.” (إرميا 16:16)

لكن هناك مُفارَقة في هذا التَّشبيه، فالمؤمن في العالَم هو كالسَّمكة خارج الماء، خارج مكانه المناسب. لذلك على كل مؤمن أن يكون وسط جماعة مؤمنين كي يعبد الرَّب معهم عبادة حيَّة وينمو في الإيمان ويكون مستعدّاً لأن يُصلِح شِباكهُ ليصطاد النَّاس ويأتي بهم من مملكة الظُّلمة إلى ملَكوت النُّور السَّماوي.


مقالات مُشابِهة

ما هو دور المؤمن في البشارة؟
صلاة لأجل البشارة
بشارة الميلاد بحسب الملائكة


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.