يؤمِن المَسيحِيُّون بِوَحي أربَعَة أناجيل وهي: مَتَّى، مَرقُس، لوقا، ويوحَنَّا. لكن يوجَد مَخطوطات لأناجيل أُخرى لا يؤمِن بِها المَسيحِيُّون وتُسَمَّى “الأناجيل المَنحولة”. فلماذا إذاً قَبِلَ المَسيحِيُّون هذه الأناجيل الأربَعَة ولم يَقبَلوا الأناجيل الأُخرى؟ هذا ما سوفَ نُجيب عنهُ في المَقال التَّالي.
يتألَّف الكِتاب المُقدَّس من ٦٦ سِفر وتُشَكِّل جَميعها كِتاب واحِد وهو دُستور إيمان المَسيحِيِّين، تَشتَمِل هذه الكُتُب على ما نُسَمِّيه “قانون الكِتاب المُقدَّس” أو “الأسفار القانونِيَّة” وهذا المُصطَلَح “قانون” مُشتَقّ من كَلِمة يونانِيَّة تَعني “مازورَة قِياس” أو “مِعيار”¹. الأسفار القانونِيَّة هي الأسفار التي يَستَخدِمها المَسيحِيُّون ويَعتَبِرونَها وَحيٌ من الله، ويَضُم هذا القانون أربَعَة أناجيل بالإضافة إلى الأسفار الأُخرى.
لكن عام 1945 في المَدينة المَصرِيَّة المُسَمَّاة “نَجع حَمادي” حَصَلَ اكتِشاف أثَري لِنُسَخ قَديمة من أناجيل لا يَستَخدِمها المَسيحِيُّون اليَوم ولا يَعتَبِرونَها وَحيٌ إلهِيّ. أيضاً اقتَبَسَ بَعض الآباء في كِتاباتِهِم آيات قَليلة ليسَ لها جُذور في الكِتاب المُقدَّس، والأسئِلة التي قَد تُطرَح الآن هي: لماذا يَستَخدِم المَسيحِيُّون هذه الأناجيل الأربَعة بالذَّات؟ وماذا عن الأناجيل الأُخرى؟ ولماذا نَعتَبِر أنَّ أناجيل مَتَّى، مَرقُس، لوقا، ويوحَنَّا هي الكُتُب المُوحَى بِها والتي تَروي سيرَة حَياة المَسيح؟
يجب أن نوضِح أَمر مُهِم قبلَ الغَوص في التَّفاصيل وهو أنَّ الكَنيسة لم “تَخلِق” هذا القانون ولم تختَر أناجيل مُعَيَّنة من مَجموعة أناجيل أكبَر. فالكَنيسة لم تَكُن يَوماً في صِراع حَولَ الأناجيل التي سَيَتِمّ استِخدامها. والقانون هو مَجموعة من الكُتُب ذات السُّلطة وليسَ لائِحة وُضِعَت مِمَّن لَهُم سُلطة. وقَد خَضَعَت الكَنيسة لقانون الكِتاب المُقدَّس فاعتَرَفَت بهذه الأناجيل الأربَعة وأكَّدَت عليها وقَبِلَتها. والمُصطَلَح الذي استَخدَمَتهُ الكَنيسة في مَجالِسِها آنَذاك هو “لقَد تَلَقَّينا” أي “استَلَمنا”. إذاً كانَ المَبدَأ الأساسي هو الاِعتِراف بالسُّلطة وليسَ فَرضَها. بمَعنى آخَر، تَمَّ الاِعتِراف بهذه الكُتُب على أنَّها بالفِعل تَمتَلِك سُلطة بَدَلاً من فَرض سُلطة تَعَسُّفِيَّة عليها. يقول أحَد اللَّاهوتِيِّين: “بشَكل مُثير للاِهتِمام، الكُتُب التي تُشَكِّل الأساس في العَهد الجَديد كانَت تُستَخدَم من المَسيحِيِّين الأوائِل على أنَّها تَحمِل طابع سُلطة عُليا دونَ وُجود أيّ نِقاشات ذات قيمة تُذكَر حَولَ مِصداقِيَّتها…”²
بالنِّسبة لإيرانِيوس وهو أحَد آباء الكَنيسة في القَرن الثَّاني: “الكَنيسة لا تَخلِق القانون، بَل هي تَعتَرِف بالكِتاب المُقدَّس وتَقبَلهُ على أساس السُّلطة المُتَأصِّلة فيه بالفِعل.”³ ويقول ويليام بِركلي: “كُتُب العَهد الجَديد أصبَحَت قانونِيَّة لأنَّهُ ليسَ هُناكَ قوَّة تَستَطيع أن تَمنَعها من أن تُصبِح كذلك.”⁴ ومَعنى قَوله أنَّ سُلطَتها فُرِضَت على المؤمِنين طالَما أنَّ الله أَوحى بِكُتُب مُعَيَّنة دونَ أُخرى. ولَعَلَّ أفضَل اقتِباس حَولَ هذا المَوضوع هو لِبروس م. مِتزغِر: “الكَنيسة لم تَخلِق قانون خاص بِها، لكِنَّها أدرَكَت، قَبِلَت، اعتَرَفَت وأكَّدَت الأصالة المُتَضَمَّنة في هذه النُّصوص والتي فَرَضَت نَفسَها على الكَنيسة”.⁵ هذا يَعني أنَّ سُلطَة هذه الكُتُب كانَت مُتَأصِّلة فيها وكانَت فقَط بحاجة للاِكتِشاف من خِلال الكَنيسة الأولى.
إذاً هذه الأناجيل قانونِيَّة طالما أنَّ الله أوحى بِها دونَ غَيرها، وهي التي استَلَمَتها الكَنيسة من الرُّسُل وأكَّدَت عليها. لكن ما الأدِلَّة التي بإمكانِنا تَقديمها اليَوم للدِّفاع عن وَحيِها؟
المعايير المتبعة
المَعايير التي استَخدَمَتها الكَنيسة الأولى لتَحديد ما إذا كانَت هذه الأناجيل تَستَحِق أن تُدرَج في القانون أم لا، هي ثَلاثَة مَعايير أساسِيَّة:
أوَّلاً: الرَّسولِيَّة، هل كانَت الأناجيل تُعتَبَر قَديمة بِما يَكفي لكي تَكونَ مُعاصِراة للأحداث المَذكورة فيها؟ وهل بإمكانِنا أن نَنسِبها للرُّسُل؟
ثانِياً: الجامِعِيَّة، هل كانَت تُقرَأ على نِطاق واسِع في الكَنائِس في جَميع أنحاء مِنطَقَة البَحر الأبيَض المُتَوَسِّط؟
ثالِثاً: العَقيدة، هل تَتَماشى لاهوتِيّاً هذه الأناجيل فيما بينها وتتوافَق مع الكُتُب الأُخرى المَوجودة في الكِتاب المُقدَّس؟
المعيار الأول، الرسولية:
يقول أليستِر ماكغراث في هذا الخُصوص: “كانَ من المَعروف عُموماً أنَّهُ يوجَد أربَعَة أناجيل بحُلول أواخِر القَرن الثَّاني.”⁶ هذا ما قالَهُ أيضاً أبرَز اللَّاهوتِيِّين الذين عاشوا في تِلكَ الحَقبة أمثال: إيرانِيوس، أوريغانُس، وتِرتليانُس، أنَّ تاريخ الأناجيل يَعود للقَرن الأوَّل مِمَّا يُعَزِّز القُدرة على نَسبِها للرُّسُل، إذاً شَهادَة الآباء الأوَّلين هذه كَفيلة بأن تُشَكِّل دَليلاً قَوِيّاً على صِدق تِلكَ الكُتُب، وعلى سَبيل المِثال ما قالَهُ إيرانِيوس تِلميذ بوليكاربُّس الذي كانَ بِدَورِهِ تِلميذاً ليوحَنَّا الرَّسول: أنَّ بوليكاربُّس أخبَرَ إيرانِيوس أنَّ يوحَنَّا التِّلميذ هو كاتِب إنجيل يوحَنَّا، وشَهادات كَثيرة كهذه كانَت تَملأ كِتابات الآباء الأوائِل الذينَ كانوا في إجماع حَول نَسب الأناجيل للرُّسُل.⁷
في حين أنَّ الأناجيل الأربَعَة المَوجودة في الكِتاب المُقدَّس يَعود تاريخها للقَرن الأوَّل، نَرى أنَّ الأناجيل الأُخرى التي هي مَوضِع النِّقاش قَد ظَهَرَت بَدءاً من القَرن الثَّاني فَصاعِداً بحَسَب إجماع العُلَماء، وهذا جَعَلَ هذهِ الكُتُب المُلَفَّقة أقَلّ شَأناً بشَكل واضِح، فهي كانَت إنتاجات حَديثة ولم تَحمِل طابع العُصور القَديمة، كما أنَّها تُظهِر أيضاً مَعرِفة قَليلة جِدّاً بجُغرافِيَّة المِنطَقة والعادات الفلسطينِيَّة مُقارَنَةً بالأناجيل القانونِيَّة، وهكذا جَهل يُتَوَقَّع من مؤلِّفي هذهِ الكُتُب التي هي مُؤلَّفات غَنُّوسِيَّة لاحِقة نَسَبَها مُؤلِّفوها للرُّسُل عبرَ ذِكرهِم لأسماء الرُّسُل كَمؤلِّفين، الأمر الذي لم يَلجأ إليه مُؤلِّفوا الأناجيل الحَقيقِيِّين لأنَّهُم بالنِّسبة لبيئَتِهِم كانوا بِغِنى عن التَّعريف، لذلك احتاجَ هؤلاء المُزَوِّرون لجَعل سُلطة لِكُتُبِهِم فَنَسَبوها إلى الرُّسُل، لكن من الواضِح أنَّهُم لم يُعاصِروا المسيح بَل كَتَبوها بَدءًا من القَرن الثَّاني، مِمَّا يَجعَل نَسبها للرُّسُل أَمر مُستَحيل.
لَعَلَّ أحَد أبرَز الأدِلَّة على هذا المَوضوع هو الهُرطوقي (أي المُبتَدِع) “مارسيون” الذي وَضَعَ قانون خاص بهِ للكِتاب المُقدَّس، لكن ما يُثير الاِهتِمام أنَّ الكُتُب التي استَخدَمَها هي جُزء من الكِتاب المُقدَّس الحالي وليسَ من الكُتُب الأُخرى، مع العِلم أنَّ تِلكَ الكُتُب كانَت تَخدِم أفكارَهُ الغَنُّوسِيَّة، وهذا أفضَل دَليل على أنَّ هذهِ “الأناجيل المَنحولة” لم تَكُن مَوجودة وإلَّا لَكانَ قَد استَخدَمَها مارسيون عندَ نَشر أفكارِه.⁸
يَعتَقِد بَعض العُلَماء أنَّ إنجيلاً واحِداً فقَط من الأناجيل المَنحولة من المُمكِن أن تَعود كِتابَتهُ للقَرن الأوَّل وهو “إنجيل توما”، لكن هذا الأمر هو مَوضِع جَدَل بينَ العُلَماء أنفُسهم. كما أنَّ صِيغَة إنجيل توما تَسمَح لنُصوصهِ بأن يُزاد عليها بِسُهولة دونَ أن تَتِمّ مُلاحَظة ذلك نَظَراً لأنَّها مَجموعَة أقوال ولَيسَت سَرد تاريخي لأحداث حَصَلَت، كَما أنَّ أحَداً من أولئِكَ العُلَماء لم يُوافِق على نَسب هذا الإنجيل لتُوما رَسول المَسيح. ⁹
سَأُعطي مِثال بَسيط عن كُتُب هي لَيسَت أناجيل لكن لتَوضيح الفِكرة. يوجَد ثَلاث كُتُب كانَت تُعتَبَر ذات قيمة للمَسيحِيِّين الأوائِل، وتِلكَ الكُتُب هي: رِسالَتَي إكليمِندُس الرُّوماني، راعي هِرماس، وديداكي (كِتاب تَعليم الرُّسُل). لكن مع ذلك لم يَتِمّ ضَمَّها إلى الأسفار القانونِيَّة لأنَّها لم تُكتَب من الرُّسُل وذلك لأنَّ الكُتَّاب أنفُسهُم اعتَرَفوا بأن لا سُلطة لَهُم بَل كانوا تابِعين لِسُلطَة الرُّسُل.¹⁰ على سَبيل المِثال “المَخطوطة الموريتورينِيَّة” التي يَعود تاريخها للقَرن الثَّاني رَفَضَت كِتاب راعي هيرماس لأنَّها صَرَّحَت أنَّهُ كُتِبَ في أيَّامِها وليسَ في أيَّام الرُّسُل.¹¹
المعيار الثاني، الجامعية:
سُلطَة الأناجيل كانَت مَقبولة من جَميع الكَنائِس الشَّرقِيَّة والغَربِيَّة في ذلك الزَّمَن، وقَد عَرَفنا ذلك من اقتِباسات الآباء الأوَّلين مِنها، وأيضاً كانَت تُقرَأ في الكَنائِس على مَسامِع المؤمِنين أثناء العِبادة. لكن إن اقتَبَسَ أحَد الآباء من هذه الأناجيل المَنحولة في مَوضِعٍ ما ولم يَقتَبِسهُ أيّ كاتِبٍ آخَر، فهذا يَعني أنَّ المُقتَبِس قَد أخَطَأَ لأنَّهُ حتَّى لو ظَنَّ أنَّ النَّص الذي استَخدَمَهُ ذات سُلطة إلَّا أنَّ المِعيار الثَّاني (الجامِعِيَّة) لا يَنطَبِق على ذاكَ الإنجيل لأنَّهُ لم يُجمِع عليه باقي المَسيحِيِّين، إذاً صِفَة الجامِعِيَّة أساسِيَّة أي يجب أن يَكون الكِتاب قَد اعتُرِفَ بهِ من كُل المَسيحِيِّين في تِلكَ الحَقبة.
يقول الدكتور مايكل كروغر: “على الرَّغم من أنَّ الأناجيل المَنحولة هي مِحوَر مَواضيع ودِراسات عِدَّة، إلَّا أنَّها لم تَكُن يَوماً مُنافِسة للأسفار القانونِيَّة في العَهد الجَديد”. بَل إنَّ الآباء استَطاعوا بسُهولة كَشف الكُتُب المُلَفَّقة، كَما لاحَظَ “سيرابيون” أُسقُف أنطاكية أنَّ إنجيل بطرُس هو مُلَفَّق، لكن كَيفَ عَرفَ ذلك؟ هذا سَيَقودنا للمِعيار الثَّالِث والذي يَظهَر فيهِ عَدَم تَوافُق بينَ تَعاليم هذهِ الأناجيل المَنحولة والرِّسالة العامَّة للكِتاب المُقدَّس.¹²
إلَّا أنَّها لم تَكُن يَوماً مُنافِسة للأسفار القانونِيَّة في العَهد الجَديد
الكُتُب التي اعتُبِرَت قانونِيَّة من العَهد الجَديد والتي تَشمل الأناجيل الأربَعَة التي ذَكَرناها، كانَت تُستَخدَم على نِطاق واسِع في الكَنائِس خِلال العِبادة كَما يَروي لنا يوستيونُس الشَّهيد: “في يَوم الأحَّد كُل الذينَ يَعيشونَ في المُدُن والأرياف يَجتَمِعونَ في مَكانٍ واحِد وتُتلى نُصوص من كُتُب الرُّسُل ومن أسفار الأنبِياء طالَما أنّ الوَقت يَسمَح بذلك، ثُمَّ بَعدَها يَأتي تَعليم وتَشجيع المؤمِنين عبرَ تَحفيزِهِم لكي يَتمَثَّلوا بالشَّخصِيَّات الكِتابِية وبأعمالِهِم الصَّالِحة”. صَحيحٌ أنَّ كُتُب أُخرى كانَت تُتلى في العِبادة لأنَّها كانَت تُعتَبَر ذات مَنفَعة روحِيَّة كَرِسالَة إيكلِمندُس أحَد أساقِفَة روما الأوَّلون، لكن لم تَأخُذ هذه الكِتابات مَكان الأسفار القانونِيَّة، لأنَّها كانَت لا تُقرأ بشَكل مُستَمِرّ ودائِم بعَكس الأناجيل القانونِيَّة، يقول الدكتور مايكل كروغر: “مُعظَم الكُتُب التي كانَت تُقرَأ في الكَنائِس هي الكُتُب نَفسها التي أصبَحَت تُعتَبَر قانونِيَّة”.¹³
المعيار الثالث، الدليل اللاهوتي
كانَ من اهتِمامات “الأناجيل المَنحولة” تَعبِئَة الثَّغَرات والإتيان بتَفاصيل حَياة يسوع التي لم تَذكُرها لنا الأناجيل القانونِيَّة، كَطُفولَة يسوع على سَبيل المِثال. فإنجيل بطرُس يَروي اللَّحظة التي يَخرُج فيها يسوع من القَبر ورَأسهُ يُناطِح السَّماء مع صَليب عِملاق يَتبَعهُ. من الواضِح كيفَ أنَّ هَدَف تِلكَ الأناجيل كانَ إشباع فُضول النَّاس حَولَ التَّفاصيل التي تَحَفَّظَت عن ذِكرِها الأناجيل القانونِيَّة. كما أنَّ تَعاليم مُعظَم هذهِ الكُتُب المُزَيَّفة هي تَعاليم غَنُّوسِيَّة لاحِقة لا تَتوافَق مع النَّظرة المَسيحِيَّة ولا مَع النَّظرة التَّوراتِيَّة لله ولِخَليقَتِه. فَجُذور الفَلسَفة الغَنُّوسِيَّة ليسَ من المَسيحِيَّة ولا اليَهودِيَّة لأنَّها تَرفُض الكُتُب التَّواراتِيَّة الأساسِيَّة المَبنِيَّة عليها التَّعاليم المَسيحِيَّة، بَل إنَّ الغَنُّوسِيَّة تَجِد جُذورها في نَظرَة أفلاطون الميتافيزيقِيَّة التي تَدور حَولَ الاِنقِسام بينَ عالَمَين، فبالنِّسبة للغَنُّوسِيِّين إنَّ الخُروج من الجَسَد عبرَ التَّعالي على المادِّيَّات هو الطَّريق للعالَم الأسمى.
ففي إنجيل توما المَنحول ورَدَ ما يلي: “قالَ لَهُم سِمعان بطرُس، فَلتُفارِقنا مَريَم لأنَّ الإناث غَير مُستَحِقِّين للحَياة، ثُمَّ قالَ يسوع سَوفَ أقودها لأجعَلها ذَكَراً وتُصبِح رُوحاً حَيّاً كَما أنتُم، لأنَّ كُل أُنثى تَجعَل من نَفسِها ذَكَراً سَوفَ تَدخُل مَلَكوت السَّماوات”. من الواضِح كيفَ أنَّ هذا التَّعليم لا يَتَوافَق مع تَعليم الأناجيل القانونِيَّة ونَظرَتها التي تَرفَع من مَقام المَرأة، حَيثُ تُسَجِّل لنا الأناجيل الحَقيقِيَّة أنَّ قِيامَة المَسيح قُبِلَت بِشَهادَة نِساء في حين أنَّ شَهادَة النِّساء بِشَكل عام لم تَكُن مَقبولة في تِلكَ الحَقَبة. ¹⁴
الخلاصة
الأدِلَّة التَّاريخِيَّة التي قَدَّمناها توضِح أنَّهُ وبِحَسَب إرشاد الرَّب وعَمَل الرُّوح القُدُس، قَد استَطاعَ المَسيحِيُّون الأوائِل أن يُدرِكوا ما هي الأناجيل التي لها سُلطة عليهِم. كَما لاحَظنا كيفَ أنَّ الأناجيل الأربَعة تَتمَتَّع بِسِمات الأصالة بِسَبَب عُمرِها واستِخدامِها في الكَنائِس خِلال القَرن الأوَّل وتَوافُقها مع حَقيقَة الرِّسالة المَسيحِيَّة سَواءً في التَّقليد الشَّفَوي أو في رَسائِل العَهد الجَديد.
وبِما أنَّ الكُتُب القانونِيَّة لأسفار العَهد الجَديد لم تَأتِ لنا من السَّماء بصِيغَتِها النِّهائِيَّة في وَقتٍ واحِد، بَل إنَّ الله استَخدَمَ كُتَّاب بَشَريِّين في فَتَراتٍ زَمَنِيَّة مُختَلِفة وفي أماكن مُختَلِفة، فمِنَ الطَّبيعي أن يَكون هُناكَ مِنطَقةٌ ما لَم يَصِل إلَيها الكِتاب المُقدَّس لِفَترة مُعَيَّنة، وهذا أَمر طَبيعي وليسَ بِمُشكِلة طالَما أنَّ الرَّب يَرعى كَلِمَتَهُ ويُريد لها أن تَصِل للنُّفوس في كُل زَمان ومَكان، وهو قادِر على ذلك فالأدِلَّة توضِح أنَّهُ وتَحتَ رِعايَة الرَّب وإرشاد الرُّوح القُدُس أدرَكَ المَسيحِيُّون الأوائِل أنَّ الكُتُب المُوحَى بِها هي الدُّستور النِّهائي للإيمان المَسيحي.
- Strong’s Greek: 2583. κανών (kanón) – a rule, standard
- The Spirit And The Letter: Studies In The Biblical Canon. John Barton.
- Early Christian Doctrines: Revised Edition. Kelly, J. N. D.
- Reinventing Jesus: How Contemporary Skeptics Miss the Real Jesus and Mislead Popular Culture. J. Ed Komoszewski.
- Ibid
- Christian Theology: An Introduction. McGrath, Alister E.
- The Heresy of Orthodoxy: How Contemporary Culture’s Fascination with Diversity Has Reshaped Our Understanding of Early Christianity. Andreas J. Köstenberger, Michael J. Kruger, Ian Howard Marshall.
- Reinventing Jesus: How Contemporary Skeptics Miss the Real Jesus and Mislead Popular Culture. J. Ed Komoszewski.
- Dethroning Jesus: Exposing Popular Culture’s Quest to Unseat the Biblical Christ. Bock, Darrell L., Wallace, Daniel B.
- Essential Truths of the Christian Faith. Various Teachers. Ligonier Ministries.
- The Heresy of Orthodoxy: How Contemporary Culture’s Fascination with Diversity Has Reshaped Our Understanding of Early Christianity. Andreas J. Köstenberger, Michael J. Kruger, Ian Howard Marshall.
- Ibid
- Ibid
- Dethroning Jesus: Exposing Popular Culture’s Quest to Unseat the Biblical Christ. Bock, Darrell L., Wallace, Daniel B.
مقالات مُشابِهة
مقارنة الأناجيل الأربعة
ما هي الأناجيل السينوبتيكية؟
تعريف الانجيل