old fashion clock on table

إحدى أبرَز الاعتِراضات على أُلوهيَّة المسيح تتمّ عبر التَّطرُّق إلى عدم معرفة المسيح للسَّاعة التي ستتضمَّن مجيئه الثَّاني، فالسُّؤال الذي يُطرَح عادَةً هو: كيف يكون المسيح اِبن الله وهو ينقصهُ شيء من المعرفة؟


يقول يسوع في مَحض حَديثهِ عن مجيئهِ الثَّاني، وكجَواباً عن سؤال التَّلاميذ عن زمان حُصول الأحداث المُرافِقة لذلك:

“وَأَمَّا ذَلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْرِفُهُمَا أَحَدٌ، لاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ الاِبْنُ، إِلاَّ الآبُ”. (إنجيل مَرقُس 32:13)

كيف يُمكن للمسيح أن لا يعرف السَّاعة وهو اِبن الله؟ وماذا عن الرُّوح القدُس، هل هو أيضاً لا يعرف؟

العرس اليهودي

لنَفهم قَول يسوع يجب أن ننظُر إلى الصُّورة الأكبر التي تُحدِّد العلاقة بين المسيح وكنيسته، وهي العُرس اليهودي. يَستخدم المسيح العُرس اليهودي كاستِعارة في وصف العلاقة بينهُ وبين الكنيسة.

يُشير المسيح إلى أنَّهُ العَريس الذي سيَخطُب الكنيسة ثُمَّ سيَعود ويأخُذها بعد أن يُرفَع عنها لوَقتٍ مُحدَّد:

“فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «هَلْ يَقْدِرُ أَهْلُ الْعُرْسِ أَنْ يَحْزَنُوا مَادَامَ الْعَرِيسُ بَيْنَهُمْ؟ وَلَكِنْ، سَتَأْتِي أَيَّامٌ يَكُونُ فِيهَا الْعَرِيسُ قَدْ رُفِعَ مِنْ بَيْنِهِمْ، فَعِنْدَئِذٍ يَصُومُونَ! ” (إنجيل متَّى 15:9)

وأنَّ الكنيسة هي عَروستهُ:

“فَإِنِّي أَغَارُ عَلَيْكُمْ غَيْرَةً مِنْ عِندِ اللهِ لأَنِّي خَطَبْتُكُمْ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ هُوَ الْمَسِيحُ، لأُقَدِّمَكُمْ إِلَيْهِ عَذْرَاءَ عَفِيفَة.” (رسالة بولُس الثانية إلى كورنثوس 2:11)


يَستخدم المسيح العُرس اليهودي كاستِعارة في وصف العلاقة بينهُ وبين الكنيسة


والكثير من التَّفاصيل التي يذكُرها المسيح تتوافَق مع مَفهوم العُرس اليهودي في تلك الأيَّام، فهو قد دَفع الثَّمن الذي كان يُدفَع في سَبيل الحُصول على العَروس (كورنثوس الأولى 20:6)، وأعطاها الهديَّة “الرُّوح القدُس” (أعمال الرُّسُل 38:2) وخَطبَها في انتظار اليوم الذي ستَجتمع فيه الكنيسة مع المسيح في السَّماء.

الكنيسة هي العَذراء المَخطوبة للمسيح، فكما كانَ العُرس اليهودي يتمّ من خلال مَرحلتَي الخُطوبة والزَّواج، هكذا الحال مع المسيح والكنيسة. ففي الخُطوبة تُعتبَر الفَتاة هي اِمرأة الرَّجُل لكن قبل أن تدخُل بيته وتجتمع معهُ، هكذا الكنيسة مَخطوبة للمسيح وتَنتظِر مَجيئه الثَّاني حيث سيأخُذها معهُ ويَحتفِل معها بوَليمَة العُرس (رؤيا يوحنَّا 9:19).

church in arabic

معنى قول المسيح

كان العُرس اليهودي يستمرّ لأيَّام عديدة وعادَةً ما كان أبو العَريس هو من يهتمّ بتفاصيل العُرس فهو الذي كان يختار العَروس. وهذا ما يحصُل مع الكنيسة عَروس المسيح إذ إنَّ الآب هو من يختار المؤمنين (رسالة بطرُس الأولى 2:1). أمَّا الحدَث الأهمّ الذي يجب أن نُنوِّه عليه في العُرس هو السَّاعة التي فيها يحصُل العَريس على عَروستِه، فلا أحَد كان يُحدِّد ساعَة نهاية العُرس التي فيها سيأخُذ العَريس عَروستهُ سِوى أبو العَريس*، هذا لا يعني أنَّ العريس لم يكُن يعرف السَّاعة التي يجب أن يأخُذ فيها العَروس لبَيتهِ لأنَّهُ يجب أن يكون جاهزاً لهذا، لكنَّهُ بذلك يترُك الكلمة الأعلى للأَب أمام الحُضور إكراماً لهُ، هكذا كانت العادة في المُجتمَع اليهودي، وهذا ما قامَ به المسيح هُنا.

واحِدة من أبرَز مفاتيح فهم أقوال المسيح هي عبر فهم عادات الشُّعوب التي عاشَ وسطها، فهو استخدَم واقِع حياتهم في كثير من أمثاله وأقواله. يتبيَّن لنا في النِّهاية أنَّ حديث يسوع ليس عن القُدرة المعرفيَّة لأقانيم الثَّالوث سواء عنه أم عن الرُّوح القدُس، إنَّما إشارة أُخرى منهُ تؤكِّد أنَّهُ سيأخُذ العَروس في الوَقت المُحدَّد، مُعطِياً بذلك الكَرامة للآب فقط.

الكاتب: الأخ جمال

Theologian


مقالات مُشابِهة

هل أخطأ يسوع في الاقتباس من العهد القديم؟
لماذا لعن يسوع شجرة التين؟
من هو يسوع؟


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.