man sitting in the sun reading

الصفحة الرئيسية للاختبارات الشخصية

بدأت أقرأ الكتاب المقدَّس لمجرَّد الفضول أو للاضطلاع على الكتاب الخاص بالمسيحيين للتعرُّف عليه، الذي كان بنظري كتاب مُحرَّف، مع العِلم بأنه لم يكن عندي أدنى شك بأن إيماني فيه أي خطأ بل على العكس تماماً كانت لديَّ ثقة بأن إيماني صحيح وأي إيمان غيره هو الخاطئ، وكان السبب بذلك هو أني عشت في عائلة لم يكن عندها أي تعصُّب وكانوا أشخاصاً مثاليِّين جداً وهذا السبب جعلني أُشكِّك بتصرُّفات النَّاس الذين يعتنقون نفس ديانتي عندما يصدر منهم شيء خاطئ وأقول بأن المشكلة فيهم وليست في الدِّين، وبدأت بقراءة العهد القديم من الكتاب المقدس وهُنا تفاجأت عندما قرأت أشياء مشابهة تماماً لما كنت أقرأه في ديانتي السابقة وبدأت أفكِّر، لماذا يكرِّر الله كلامه بأكثر من كتاب، وبدأت أتساءل، لماذا يحافظ الله على كتاب معيَّن ويسمح بتحريف الكتب الأُخرى؟

وعندما وصلت بالقراءة إلى العهد الجديد من الكتاب المقدس وبدأت بالتعرُّف على شخص يسوع المسيح كنت مذهولاً تماماً من تعليمه ومن المحبَّة التي كان ينشرها بين الناس، فقد كانت هذه المحبَّة شيء غريب بالنسبة لي لم أسمع عنها ولم أتعلَّمها في ديانتي السابقة، وهُنا بدأت أفكِّر، هل من الممكن أن أُصبِح أحد أتباع المسيح؟ ولكني بنفس الوقت أخاف أن أخطئ بحق الرَّب، لأنه بحسب معتقدي السابق من الممكن بأن يغفر الله للإنسان جميع الخطايا إلَّا خطيَّة واحدة وهي (الشِّرك) وإذا أردت أن أعترف بيسوع المسيح بأنه مُخَلِّص وإله، فهذا سيُعتبَر (شِرك) وهذه الخطيَّة لا تُغتفر أبداً، وكان هدفي هو اتِّباع إله الكَون الحقيقي، وكنت بذلك الوقت أُصلِّي بطريقتين، أُصلِّي صلاتي التي تعلمتها منذ حداثتي، وأُصلِّي كمسيحي، وأطلب من الله بأن يُرشدني إلى ما هو الإيمان الذي يوصلني إليه، وأخيراً قرَّرت أن أترك ديني وأن أؤمن بيسوع المسيح، ولكن وللأسف لا يتمّ الأمر بهذه السُّهولة لأني متزوِّج وعندي أُسرة ولديَّ ابنين وابنة، وهُنا بدأت أفكِّر كيف من الممكن أن تصبح حياتي إذا تركت ديني، وكيف سأُخبر زوجتي بذلك وما هي ردَّة فعلها؟

إلَّا أنني لم أكُن قادراً على العودة لإيماني السابق بعد الآن، وآمنت بيسوع المسيح واعترفت له بأنه مُخَلِّصي الوحيد، وبدأت أفكِّر بأنه يجب عليَّ أن أعترف لزوجتي بحقيقة إيماني، لكن ليس من السَّهل قول ذلك، فإذا أخبرت زوجتي بحقيقتي ولم تتقبَّل هذا الأمر فقد تكون نهاية زواجنا، لأنه بحسب قانون ديانتي السابقة إذا غيَّر الزَّوج دينه فيتوجَّب عليه طلاق زوجته ويخسر الحق بحضانة أولاده، وقرَّرت أخيراً أن أُخبر زوجتي، وفعلاً حدثت المُعجزة وكأنَّ الرَّب لمس قلب زوجتي بطريقة عجيبة، فعندما أخبرتها بأني آمنت بالمسيح قَبِلَت بنفس اللَّحظة أني أصبحت مسيحيّاً، بعد فترة كنت أشعر بأنه يجب أن أشارك إيماني وأن أذهب إلى كنيسة للصَّلاة، وعندما بدأت المُحاولة بذلك، تبيَّن لي أن الأمر ليس بهذه البساطة، فأنا لم أدخل كنيسة من قبل ولا أعرف ما يتوجَّب عليَّ فعله عند دخولي الكنيسة، حاولت في أحد الأيام أن أتكلَّم مع راعي كنيسة حصلت على رقمه من الإنترنت في عمَّان وتحدَّثت معه على الهاتف وأخبرته بقصَّتي وأشعَرني بأنه سعيد لأجلي وقد سألني من أين حصلت على هاتفه لكنه لم يكن مُرتاحاً لتكلُّمي معه على الهاتف بهذا الموضوع، وفي النِّهاية اعتذَر عن دعوتي لكنيسته، وبالرَّغم من انزعاجي الشَّديد من رفضه لمُقابلتي إلَّا أني فهمت بأنه لا يستطيع الوثوق بشخص لمجرَّد حديثه معه على الهاتف.

وكنت أعرف خوري (راعي كنيسة) بشكل شخصي وكنت أتقابل معه باستمرار عند صديقي، وقد كنت أنتظر الوقت المناسب للحديث مع الخوري عن إيماني وبما أنه يعرفني بشكل شخصي ومنذ فتره طويلة، وبنفس الوقت كان منزله قريباً من منزلي ولمعرفتي بأنه (راهِب) فهو غير متزِّوج، ففكَّرت حينها بأن لديه الكثير من وقت الفراغ، فكان هذا الشخص بمُخيِّلتي الشَّخص المِثالي والذي يساعدني بالذَّهاب للكنيسة ويعلِّمني أكثر عن الإيمان، لكن للأسف عندما أخبرته بأني مؤمن كانت ردَّة فعله غريبة بالنسبة لي فلم يُشعرني بأنه سعيد من أجلي ولم يعرض عليَّ أن أذهب معه إلى الكنيسة أو أن يعلِّمني شيء من الكتاب المقدَّس فكان هذا الموقف بالنسبة لي صدمة، أمَّا الرَّب فقد كان لديه توقيت آخر ومع شخص آخر، وفعلاً تعرَّفت على شخص بطريقة غير مُخطَّط لها مُطلقاً، وبدأت أدرس الكتاب المقدَّس معه وأذهب إلى اجتماع يوم الأحَّد بشكل أُسبوعي، فقد كنت أنتظر يوم الأحَّد بفارغ الصَّبر من شدَّة فرحتي بالمُشاركة في الاجتماع بعد فترة طويلة من البحث، وبعد ذلك تعمَّدت وأصبحت أشعر بأني حصلت على كل ما تمنَّيت في السَّنوات الماضية، وأمضيت ما يُقارب السَّنتين وأنا أعيش حياة هادئة وجميلة ومُستقرِّة، وكنت أعتقد أن حياة المؤمن ستكون على هذا النَّحو للأبد.

إلَّا أن الوضع تغيَّر رأساً على عقب عندما عَلِمَ أخو زوجتي بأني تركت ديني وأصبحت مسيحياً، وعند الحديث معي عن هذا الموضوع حاولت أن أتهرَّب من الإجابة إلَّا أنه كان مُصمِّماً لمعرفة حقيقتي ولم أكُن قادراً وقتها على المُجاملة أو الكذب واعترفت له بأني تركت ديانتي السابقة وأني مؤمن بالمسيح الآن، وهُنا أصابه الجُنون فكيف لشخص بغير ديانة أن يكون مع شقيقته (زوجتي) بنفس المنزل لأن علاقتنا أصبحت الآن مُحرَّمة (على حدّ تعبيره) وبعد مُحاولات منه بأنه يجب عليَّ أن أترك المسيحية وأعود كما كنت، إلَّا أن ذلك كان بالنسبة لي شيء لا يمكن حدوثه تحت أيّ ظرف، وتطوَّر الأمر حين تفاجأت بأن شخص من المَحكمة جاء إلى المنزل وأحضر نسخة من شكوى بحقِّي تتضمَّن الشَّكوى اتِّهامي بترك ديانتي واتِّباعي للمسيحية، وهذه كانت أكبر مشكلة من الممكن أن أتعرَّض لها على الإطلاق لأني كنت أُدرِك بأن حدوث هذا الأمر سوف يُنهي حياتي الأُسَريَّة، لأن (قانون الأحوال الشخصيَّة الأُردني) ينصّ على أنه كل من يترك الدِّين الذي كنت أعتنقه، يتمّ تطليقه من زوجته ويصبح غير مسؤول عن أطفاله وليس له حق بهم، بمعنى أني سوف أخسر عائلتي (حسب القانون) وكان ما يُقلقني بأن زوجتي ما زالت غير مؤمنة، فكيف لها أن تتحمَّل تَبِعات ما سيحصل بسبب إيماني الذي سيكون سبب تدمير الأُسرة بالكامل؟

ولم يتوقَّف الأمر هُنا بل زادت المشاكل عندما استطاع نفس الشخص الوصول إلى صاحب الشَّركة التي أعمل بها وأخبَرهُ بأني غيَّرت ديني، وعندما عَلِمَ بذلك صاحب الشَّركة كان الخبر بالنسبة له صدمة وأخبرني أنه لم يعد يثق بي بعد الآن ويجب عليَّ ترك العمل بالشَّركة لأني بما أني تخلَّيت عن ديني فمن الممكن أن أتخلَّى عن الشَّركة أو عن مالِك الشَّركة لأيّ سبب وأصبحت بعينه غير مُستَحِق لتلك الثِّقة التي منحني إيَّاها سابقاً، وهُنا بدأَت تتأزَّم ظروف حياتي بطريقة لم أكُن أتخيَّلها، بعد أن كنت أعمل بوظيفة ممتازة ودَخل من الصَّعب الوصول إليه بسهولة، أصبحت فجأة بدون عمل وتوجد قضيَّة بحقِّي تمنعني من العمل بمكان آخر، بسبب وجود قانون للعمل بأن كل من يريد العمل يتوجَّب عليه إصدار شهادة (عدَم محكوميَّة) تُبَيِّن أن الشَّخص لا توجد قضايا بحقِّه، وبما أنه يوجد قضيَّة قائمة بحقِّي فلن أستطيع إصدار هذه الشَّهادة، لذلك لن أستطيع العمل في هذا الوقت، فبدأت أعيش الكثير من الصِّعاب، وبعد سؤالي ماذا سيكون الإجراء في المَحكمة؟ تبيَّن لي أنه في موعد الجلسة في المَحكمة سوف أكون أمام القاضي وحينما يبدأ بالتَّحقيق معي، أمامي طريقين، إمَّا أن أعترف بإيماني الجديد وأخسر عائلتي بكل سهولة، أو أُنكِر التُّهمة ويتوجَّب عليَّ (القَسَم) بأني لا زلت على ديانتي السابقة وأني لا أؤمن بالمسيح، لكن بعد أن عرفت المسيح وآمنت به كان من المُستحيل أن أُنكِرهُ، وبدأت الظُّروف تزداد سوءاً بعد ما فقدت وظيفتي وبنفس الوقت خوفي من تحديد موعد لمُحاكمتي إلَّا أنه وبعد دخول جائحة كورونا تمَّ تعطيل جميع المَحاكم لفترة طويلة وتأجيل جميع القضايا، وما كان يؤثِّر على عدَم استِطاعتي العمل وبعد أن كنت موظَّف بدَخل ممتاز، أصبحت فجأة بلا دَخل وكنت مُضطراً إلى إرجاع سيَّارتي إلى البنك و أصبحَت الظُّروف المادِّيَّة واضحة بالمنزل بأنها سيِّئة فبعد أن كان أطفالي بمدرسة خاصَّة قريبة من المنزل صِرتُ مُضطراً لِنَقلِهم إلى مدرسة حُكوميَّة بعيدة عن المنزل، وكان كل ما يشغلني هو خوفي من أن يشعر أطفالي وزوجتي بأن إيماني الجديد سبَّب لنا كل هذه المشاكل، ولم أكُن أُريد أن يعتقدوا بأن الإيمان سوف يغيِّر حياة الشخص إلى الأسوأ.

وبعد ازدياد الفترة بدون أيّ دَخل كان لابُدَّ من فعل شيء لتأمين احتياجات المنزل فبدأت ببيع أشياء خاصَّة مثل (اللَّابتوب) الخاص بي إلَّا أنه لم يكن مؤثِّراً لفترة فكنت مُضطراً لفعل شي آخر فلم نجد أنا وزوجتي طريقة إلَّا أن نفكِّر ببيع هديَّة الزَّواج وهي عِبارة عن طقم الذَّهب الخاص بزوجتي، مع العِلم بأن هذا الشيء يُعتبر ذكرى ولا يمكن التَّفكير ببيعه وكان هذا من أصعب ما كنت مُضطراً لفعله إلَّا أني بالنِّهاية كنت مُستسلماً للأمر، والأصعب من ذلك ومع مرور الوقت كنت مُضطراً لبيع قِلادة اشتريتها أنا وزوجتي كهديَّة عيد ميلاد ابنتي، وازداد حُزني عندما أصبحت غير قادر على الذَّهاب للصَّلاة في أيام الأحَّد لأن المكان كان بعيداً ولا أستطيع الذَّهاب بدون سيَّارة وكانت تكلفة التَّاكسي مرتفعة بالنسبة لي، حاولت هذه المرَّة الذَّهاب إلى كنيسة قريبة من بيتي والصَّلاة فيها وفعلاً كنت أُصلِّي ثلاث مرَّات بالأُسبوع، مع العِلم بأنه لم يكُن من السَّهل الدُّخول والخُروج من هذه الكنيسة لقُربها من بيتي فمن الممكن أن يراني أيّ شخص من الجيران أو الأصدقاء وقد يزيد هذا من مشاكلي، لكن للأسف لم أشعر أني شخص قريب من النَّاس في الكنيسة بالرّغم من أن بعض الأشخاص عامَلوني بلُطف ولكن للأسف كان هناك بيني وبين الكثيرين حاجز وكأنَّهم كانوا لا يرغبون بالتَّقرُّب من شخص غريب، بعد فترة تعرَّفت على راعي كنيسة ورحَّبَ بي وقال بأني أستطيع أن أكون شخصاً منهم في الكنيسة وأصبحت أذهب إلى الاجتماعات باستمرار.

تكلَّمت مع صديق لي أخبرته ما حدث معي وأخبرني أنه يوجد طريقة وحيدة للخروج من الموضوع وهي (تَوكيل) مُحامي للقيام بكل شيء وعدَم ذهابي للمَحكمة ولكن للأسف هذا النَّوع من المُحامين قليل جدّاً لأنه يُشترط به أن يكون مُحامي غير مسيحي ومُختصّ في هذه القضايا، وليس بسُهولة أن يقبَل أيّ مُحامي هذه النَّوعيَّة من القضايا لأنه يعلم بأني تركت ديني وهذا الشَّيء يتنافى تماماً مع إيمانه، إلَّا أني في النِّهاية استطعت الوصول إلى شخص يقبَل مثل قضيَّتي فذهبت إليه وأخبرته بكل التَّفاصيل الخاصَّة بالقضيَّة وأخبرني أنه يمكنه إنهاء القضيَّة بالمَحكمة بطريقة قانونيَّة، إذا ما أصبح هو المُحامي الخاص بي، لكن الموضوع كان مُستحيلاً بالنسبة لي لأن المُحامي طلب مبلغاً كبيراً من المال لم أكُن قادراً على الحصول عليه، ومرَّت الأيام وتمَّ تبليغي لحُضور جلسة المُحاكمة ممَّا سبَّب لزوجتي صدمة وحالة من الذُّعر لأنَّها كانت تعرف نتيجة المُحاكمة إذا ما تمَّ الحُكم عليَّ من قِبَل المَحكمة، ومرَّة أُخرى يتدخَّل الرَّب وبالوقت المُحدَّد فقد كان لديَّ صديق يعرف بأن لديَّ قضيَّة في المَحكمة ويعرف بأنه يجب عليَّ دفع مبلغ للمُحامي للخُروج من تلك الأزمة، وفي يوم من الأيام اتَّصَلَ بي ليسألني عن آخِر تطوُّرات قضيَّتي فأخبرته بأن موعد جلستي في المَحكمة بعد يومين فقط فأخبرني بأنه يستطيع أن يعطيني المبلغ المطلوب للخُروج من الأزمة، على أن أقوم بتسديد المبلغ له لاحقاً، وما حصل كان بالنِّسبة لي (مُعجزة) لم أُفكِّر بها، ومازال الرَّب يعمل في حياتي، وبالفعل ذهبت إلى المُحامي ووقَّعتُ عقداً ليكون هو المُحامي الخاص بي، وعند موعد مُحاكمتي ذهبَ إلى المَحكمة وقامَ بإنهاء كل شي. لم يكُن أيّ شخص على عِلم بتفاصيل قضيَّتي ليَتوقَّع أن ينتهي الموضوع بهذه الطَّريقة (المُعجزيَّة)، أمَّا زوجتي فلم تُصدِّق ما حدث عندما انتهى مُسلسل الرُّعب الذي عشناه لكل تلك الفترة، وما زلت أُصلِّي وبشكل يومي لزوجتي بأن يفتح الرَّب قلبها لتعرف الحق.

الكاتب: الأخ دانيال

Theologian


مقالات مُشابِهة

الله يستخدم الناس العاديين
كيف يمكنك أن تكتب اختبارك الشخصي؟
قصة فهد
قصة منى


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.