الطَّقس السَّيِّء هدَّد رِزق مجموعة من النَّاس، لكن هؤلاء النَّاس كانوا واثقين بأنَّ الله سيهتمّ بهم ولن يتركهم، فكيف تدخَّل الله؟
في إحدى المناطق السَّاحليَّة كانت توجد قرية هادئة تُسمَّى بقرية الصيَّادين، كان فيها عدد كبير من الأكواخ الخشبيَّة التي شيَّدها الصيَّادون ليعيشوا بها مع عائلاتهم، وقد كان منصور كبير الصيَّادين بمثابة قائد ومُرشِد لرفاقه، وكانوا يُبحِرون بمراكبهم الخشبية الصَّغيرة كل ليلة فيصطادون الأسماك وثِمار البحر ويعودون في الصَّباح حيثُ يقصِدهُم تُجَّار السَّمك ويشترونَ منهم ما اصطادوه، وبعدها يتوجَّه منصور وأصحابه للقُرى المُجاورة لكي يشتروا حاجاتهم من طعام ومُستلزمات البيت، وهكذا كانوا يعيشونَ هانِئين مُكتَفين.
وفي أحد الأيَّام هبَّت عاصِفة هَوجاء غير مسبوقة على القرية وطالَ بقاؤها، وكان هناك استِحالة أن يقترب أحد من البحر لأنَّ الأمواج المُتلاطمة كانت عالية جدّاً والقوارب المركونة بالقرب من الشَّاطئ كانت تتراقص بقوَّة وتكاد تنكسر من شدَّة الرِّياح والمطر الذي لم يتوقَّف لأيَّام ولَيالٍ عديدة.
فسألت سُميَّة زوجها منصور قائلةً له: ماذا سنفعل يا زوجي العزيز؟ فالمُؤَن الغذائيَّة بدأت تنفذ من بيوتنا وأخشى أن تستمرّ العاصِفة لفترة أطوَل ممَّا نتوقَّع، فكان جواب منصور لها: اصبِري يا امرأة فالفرَج قريب والرَّب أبداً لن يتخلَّى عن أبنائه وأنا أثِق بأنَّه سيتدخَّل في الوقت المناسب فنحن نتَّكِل عليه وليس على ما نَجنيه من طعام، وهكذا كان يُعزِّي هذا الرَّجُل زوجته كُلَّما رآها قَلِقة.
الاختبار الحقيقي
طُرِقَ الباب ففتحت سُميَّة لترى اِبن جيرانهم الصَّغير يطلب منها ثلاثة أرغفة من الخُبز، نظرَت سُميَّة فوجدت أنَّ كل ما لديها هي ثلاثة أرغفة فقط، وبدون تردُّد أعطتهُم للصَّبي وقالت لزوجها: ما زالَ عندي بضعة حبَّات من البطاطس سأسلُقها وأُطعِم أطفالنا، وفي تلك اللَّيلة اجتمع منصور ورفاقه معاً وصَلّوا بلَجاجة لكي يتدخَّل الرَّب ويتدبَّر أمرهم مع عائلاتهم ويُنجِّيهم من هذه العاصِفة.
وفي الصَّباح استيقظَ سُكَّان القرية على المُفاجأة الكُبرى، فالبحر اقتحم القرية لكنَّه وبقُدرة إلهيَّة لم يمَسّ الأكواخ ولم يُحطِّم المراكب، لكن المفاجأة الكبرى كانت حين اقتربوا قليلاً من الشَّط ورأوا الأسماك الكبيرة تتخبَّط في الماء على امتداد الشَّاطئ فأسرعوا مع نسائِهم وأطفالهم ليجمعوا الصَّيد الوفير حتَّى أنَّ سِلالهُم امتلئت بالخيرات، وبعد ساعات قليلة جاء تُجَّار السَّمك بعد أن سمعوا بما حصل واشتروا الكثير من الأسماك، وهكذا فاضَ الخير والرِّزق والطَّعام في تلك الأكواخ الصَّغيرة حين اتَّكلوا جميعهم على الرَّب ووضعوا مُشكلتهم بين يدَي الله.
“تَأَمَّلُوا طُيُورَ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ فِي مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَعُولُهَا. أَفَلَسْتُمْ أَنْتُمْ أَفْضَلَ مِنْهَا كَثِيراً؟” (إنجيل متَّى 26:6)
مقالات مُشابِهة
الخضوع للمشيئة الإلهية
تكلفة العودة
قصة سارة