قارب نجاة في رحلة

من شاب جَبان يُواجه الموت المُحتَّم، إلى شاهِد حَيّ روحيّاً وجسديّاً، فكيف تغيَّرت حياة رامي تغييراً جذريّاً؟

بالرغم من خوف رامي من البحر وعدم إجادته للسِّباحة إلَّا أنه رضخ للسَّفر على متن باخرة سياحيَّة لكي يُرضي رفاقه الذين تحدُّوه ونعَتوه بالجُبن إن لم يُسافر معهم.

لكن ما لم يكُن بالحُسبان قد وقع، وسفينة أُخرى كبيرة جدّاً ارتطمت عن طريق الخطأ بالباخرة التي يسافر رامي ورفاقه بها فتعطَّلت باخرتهم وابتدأت بالغرق، فأسرع القبطان وأعطى إرشاداته لجميع الطاقم وألقوا قوارب النَّجاة في البحر وطلبوا من الشُّبَّان على متن السَّفينة أن يُساعدوا في إجلاء الأطفال والنِّساء والعُجَّز أوَّلاً، ومن ثمَّ فإنَّ القبطان والطَّاقم وكل من هو بعمر الشَّباب سيُحاولون النَّجاة عبر السِّباحة لأنَّ قوارب النجاة لا تكفي لإجلاء جميع المسافرين الذين كانت أعدادهم كبيرة.

وعبثاً حاولَ رامي الصُّراخ والقول بأنَّه لا يُجيد السِّباحة وبأنَّه سيغرق إن رمى نفسه في البحر، لكنَّ أحداً لم ينتبه لكلامه بسبب الجلَبة والعَويل والبُكاء الذي كان يعُمّ السَّفينة المنكوبة.

الفرصة الأخيرة

استسلمَ رامي وراح يبكي ويلطُم وجهه وينظر إلى السَّماء دون أن يعرف ماذا يفعل فها هو يواجه ما كان يخشاه طوال عمره وسيموت غرقاً. وكان هناك رَجُلاً في الثَّمانين من عمره ينتظر دورهُ لكي ينزل إلى أحد قوارب النَّجاة، فأشارَ بيدهِ إلى رامي وقال للقبطان ولمُساعديه: أرجوكم أنزِلوا هذا الشَّاب بدلاً منّي، فاستغربَ القبطان وقال: لكنَّك لن تستطيع السِّباحة بعمرك هذا يا عمّ، فأجابه الرَّجُل العجوز: أعلم ذلك ولكنِّي إن بقيتُ في السَّفينة ومُتّ فأنا مُتيَقِّن من ذهابي إلى السَّماء بعد موتي لأنّي ضمنتُ حياتي الأبديَّة مُذ كنتُ شابّاً، أمَّا هذا الفتى فلم يتُب بعد وهو لا يُجيد السِّباحة أبداً وأنا أرى الرُّعب من الموت في عينيه، فأرجوكم أن تُنزِلوه إلى القارب وتُنقِذوا حياته، فالله يريد أن يستخدمه.

اقترب رامي خائفاً وسألهُ: يا سيِّد، لكنَّك لا تعرفني فهل ستُضحِّي بنفسك من أجل إنقاذي؟ أجابهُ العجوز: نعم فإلهي يسوع ضحَّى بنفسه من أجلك ومن أجلي وأنا أتمثَّل به في سبيل خلاص نفسك.

وفي تلك اللَّحظة فُكَّت الحِبال وابتدأت أصوات النَّاس تعلو أكثر وأكثر مُعلِنةً أنَّ القارب الأخير على وَشكِ الابتعاد عن السَّفينة، فرَبَتَ العجوز على كتف رامي مُشجِّعاً وقال له: هيَّا اقفِز يا بُنَيّ، ولكن عِدني بألَّا تؤجِّل توبتك فالموت قريبٌ جدّاً كما ترى، والله الآن يُعطيكَ فرصة جديدة للحياة فاغتَنِمها وكرِّس حياتك لهُ. فقفزَ رامي إلى القارب ونادى بأعلى صوته بعد أن تأثَّرَ جدّاً بما سمعهُ ورآه: أعِدُكَ يا سيِّدي بأن أعبُدَ هذا الإله الذي أرسلكَ لكي تُنقِذني وأُكَرِّس حياتي في خدمته.

الحياة الجديدة

مرَّت السَّنوات وتغيَّرت حياة رامي وأصبح يَجول البحار والقارَّات ويُبشِّر النَّاس بخلاص يسوع المسيح ويُخبرهم عمَّا صنعَ الرَّب في حياته وكيف تحوَّل الجُبن الذي كان يتملَّكه إلى قوَّة وشجاعة يستمدَّها من هذا الإله الحقيقي الذي أنقذهُ وفداهُ من الموت المُحتَّم الذي كان ينتظرهُ في البحر، ومن الموت الأبدي الذي ينتظر كل من لم يؤمن بالمُخَلِّص الوحيد بعد.

تقول كلمة الله: “فَاذْكُرْ خَالِقَكَ فِي أَيَّامِ حَدَاثَتِكَ قَبْلَ أَنْ تُقْبِلَ عَلَيْكَ أَيَّامُ الشَّرِّ، أَوْ تَغْلِبَ عَلَيْكَ السِّنُونَ…” (سِفر الجامِعة 1:12)


مقالات مُشابِهة

البخيل
عدالة السماء
قصة سارة


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.