الحمار في بئر

حوَّلَ الحُفرة من مكان للموت إلى وسيلة للنَّجاة، فماذا فعل حِمار أيمن وكيف انتصر على ظرفه الصَّعب؟

كان أيمن مُسافراً على حماره من قريته إلى منطقة أُخرى ليشتري البِذار لحقله، وفي منتصف الطَّريق تعثَّرَ حمارهُ أمامَ بئرٍ جاف متروكٍ دونَ غطاءٍ أو حماية، فوقعَ الحمار داخل البئر العميق وراح ينهق بشدَّة طلباً للمساعدة، حاولَ أيمن أن ينقذه لكنَّه لم يُفلح أبداً، فراحَ يركضُ مُتَّجِهاً إلى القرية القريبة علَّهُ يجد فيها من يساعده، وصار يصرُخ وينادي بأعلى صوته: يا أهل المُروءة أنجِدوني، يا أهل المُروءة ساعدوني.

فأسرعَ أهل القرية رِجالاً ونساءً، كِباراً وصِغاراً لنَجدته، وحين عرفوا بالمشكلة قال كبيرهم: أيُّها الضَّيف الكريم، حمارك عجوز والبئر عميقة جدّاً ويستحيل إنقاذه مهما حاولنا، لكنَّنا سنحضر المجرفة ونطمرهُ بالتُّراب كي لا يتعذَّب ويموت جوعاً، وهكذا سيكون هذا البئر هو قبره وسنمنع بذلك أيّ أحد آخَر من السُّقوط فيه مرَّة أُخرى، فجلسَ أيمن جانباً يبكي على حماره ومصدَر رِزقه.

وحين أتوا بالمجرفة وبدأوا بِرَمي التُّراب في البئر، أدركَ الحمار بأنَّه سيُطمر هناك، فلم يستسلم وراحَ ينهق أكثر وينفُض التُّراب عن جسدهِ بقوَّة طوال الوقت، فوجدَ نفسهُ يعلو شيئاً فشيئاً لأنَّ التُّراب الذي ينفضهُ كان يملأ الحُفرة ويساعده على الصُّعود للأعلى، وفجأةً توقَّف الحمار عن النَّهيق ممَّا جعل أيمن يظنّ أنَّ حماره قد مات فصارَ يبكي عليه أكثر. وقبل أن ينتهوا من طَمر البئر بقليل تفاجأ الجميع حين رأوا الحمار يرتفع إلى أعلى البئر ثم يخطو خارجاً منه وراكضاً نحو صاحبه، ففرِحَ أيمن بحماره فرحاً كبيراً وكأنَّه وجدَ كنزاً ثميناً، وشكرَ الله الذي أبقى على حِماره حيّاً، وشكرَ أهل القرية الذين كانوا سبباً في إنقاذ الحمار دون أن يعرفوا.

العبرة

أحياناً تكون المشاكل والهموم والصِّعاب والخطايا كثيرة جدّاً من حولنا، فنستسلم لها ولا نُقاوِمها بحجَّة أنَّنا غير قادرين على المواجهة، وتكون نتيجة هذا الاستسلام هي هَلاكنا لأنَّ إبليس يحاول أن يضعفنا ويجرِّدنا من قوَّتنا، لكن علينا أن نواجه الظُّروف السَّيِّئة كي نتعلَّم منها وننتصر عليها بقوَّة الرَّب وباتِّكالنا عليه، وحين نسقُط في فِخاخ إبليس علينا أن نتذكَّر الآية التي تقول:

“لاَ تَشْمَتِي بِي يَاعَدُوَّتِي، لأَنِّي إِنْ سَقَطْتُ أَقُومُ، وَإِنْ جَلَسْتُ فِي الظُّلْمَةِ يَكُونُ الرَّبُّ نُوراً لِي.” (سِفر ميخا 8:7)

الكاتبة: الأخت غادة

Author & Novelist


مقالات مُشابِهة

عدم التقدير
الأبواب الموصدة
الكنة الحكيمة


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.