بين الحين والآخر تخرج علينا التُّهمة الباطِلة القديمة الجديدة التي تزعم تحريف الكتاب المقدَّس، سوف نتناول في هذا المقال الرَّد المنطقي على هذه التُّهمة لكي نوضح كم هي كاذبة وباطِلة وفيها إهانة لله ولكلمته.
هل هذا أمر معقول ومنطقي؟
دائماً لديَّ سؤال يراودني عندما أتناقش مع أحدهم في تلك التُّهمة المزعومة، هل منطقي أو يُعقل أن يرسل الله كلامه فيأتي البشر المحدودون قليلي الحيلة ويحرِّفون هذا الكلام ويعبَثوا فيه وكأنَّه ليس كلام الله؟! أين الله؟ هل الله – وحاشا له – متواطئ مع هؤلاء المُحرِّفين الذي نجحوا في إيقافه ليدافع عن كلمته من التَّحريف!. هل فكَّر هؤلاء الذين ينادون بهذه التُّهمة بأنَّهم يُوجِّهون أصابع الاتِّهام نحو الله ذاته لأنَّه الأَولى في الدِّفاع عن كلامه والأقوى، فمن يقدر أن يقف أمامه؟ !أسئلة منطقيَّة مشروعة، فهل من إجابات منطقيَّة لها!
وطبقاً لما ذكرته فيما سبق، بكل محبَّة أقدِّم تلك الأسئلة المشروعة لهؤلاء الذين يزعمون بأنَّ كلمة الله قد أصابها التَّحريف والتَّبديل:
السؤال الأول: من الذي قام بالتَّحريف المزعوم؟ وهذا السُّؤال يبحث في هويَّة القائمين على التَّحريف، هل عند أحد إجابة واضحة دقيقة موثَّقة بالأدلَّة والبراهين؟! حادثة خطيرة مثل هذه لا بُدَّ أنَّها قد تُحدِث ضجَّة في التَّاريخ.. أليسَ كذلك؟ فهل يستطيع القائلون بالتَّحريف أن يُعطوا اِسم مؤرِّخ ذكرَ شيئاً ولو عابراً في أيِّ عصرٍ من عصور التَّاريخ عن حدوث ذلك!
دعونا نفكر معاً في احتمالات الإجابة
1. هل يمكن أن يفعلها اليهود – كيف؟ أليسَ من الأَولى بهم أن يقوموا بحذف النُّصوص التي تدينهم والوَيلات التي من نصيبهم والصِّفات التي تُنسَب لهم سواء في التَّوراة أو العهد الجديد.
2. هل يمكن أن يقوم بها المسيحيُّون ذاتهم؟! لو تمَّ ذلك لفضَحهم اليهود وغيرهم من الفلاسفة الذين كانوا يتحاوَرون معهم، ثمَّ كيف يفعلها المسيحيُّون وهم طوائف متعدِّدة وبينهم اختلافات، فكيف اتَّفقوا على ذلك؟!
3. بقيَ أن نفترض أنَّ اليهود اتَّفقوا مع المسيحيِّين على فعل ذلك! فهل يُعقل هذا الافتراض بين فريقين بينهم خلافات شديدة وتربُّص من الجانب اليهودي وصلَ للعنف ضد الجانب المسيحي؟!
السؤال الثاني: ما الهدف من التَّحريف المزعوم؟ لماذا يحدُث التَّحريف في الأساس؟ منطقيّاً من يريد أن يُحرِّف لا بُدَّ أن يكون لديه دافع وهدف يحصل من خلاله على فائدة، لكن ما الذي حصده المسيحيِّون من ذلك؟!
فكر معي في تلك النقاط (على سبيل المثال)
لماذا تركوا العديد من التَّفاصيل المُحرِجة عن التَّلاميذ والرُّسل وقصص الأنبياء (مثل: توبيخ السَّيِّد المسيح للتَّلاميذ ونَعتِهم بعدَم الفهم وعدم المُبالاة/ أو هروبهم وقت الصَّلب/ وقصَّة شَكّ توما وإنكار بطرُس… إلخ).
لماذا لم يحذِفوا التَّفاصيل المُحرِجة والأقوال الصَّعبة عن المسيح (مثل اعتبار عائلته له بأنَّه “مُختَلّ” أو أنَّ إخوته لا يؤمنون به/ والقول عنه إنَّه شرِّيب خمر/ أو به شيطان/ أو مجنون/ وصَلبه على يد اليهود والرُّومان… إلخ).
لماذا لم يُضيفوا أقوالاً صريحة للسَّيِّد المسيح يقول فيها “أنا الله فاعبدوني”، أو وُعوداً بالرَّخاء والنَّعيم والثَّراء لكل مؤمن مسيحي… أليسَ هذا منطقيّاً بدلاً من الاضطِّهاد وصنوف العذاب والاستشهاد من أجل الإيمان بشخص مصلوب لا حول له ولا قوَّة، وهل منطقي أن يُضحِّي المؤمنون الأوائل بحياتهم من أجل كذب (تحريف) قاموا به هم أنفسهم؟!
إذاً لكي نقول ونجزِم بتحريف الكتاب المقدس، لا بُدَّ أن نُجيب عن الأسئلة التَّالية: من هؤلاء الذين اقترفوا تلك الجريمة النَّكراء والفعلة الشَّنعاء؟ كيف اتَّفقوا معاً؟ وكيف أجمَعوا على عمليَّة التَّحريف؟ وما الهدف (الدَّافع) من وراء ذلك؟ وهناك أيضاً سؤال غاية في الأهميَّة وهو متى حدثَ هذا التَّحريف المزعوم، وفي أيَّة لُغة تمَّ التَّحريف؟ وأسئلة أُخرى… تابعونا في الجزء الثَّاني لهذا المقال.
الكاتب: الأخ تيموثاوس
Writer & Masters in Biblical Theological Studies
مقالات مُشابِهة
مفاهيم خاطئة شائعة عن المسيحية
أهمية معرفة الكتاب المقدس
ماذا يعني مفهوم الموت في الكتاب المقدس؟