لاجئون في عرض البحر داخل القارب يواجهون العاصفة

تُعلَّمنا قصَّة أبو مازن أنَّ عدم التَّروّي في اتِّخاذ القرارات المصيريَّة وعدم أخذ مشورة الرَّب، يجلب علينا نتائج مُدمِّرة.

اسودَّت الدُّنيا في وجه أبو مازن الذي يتقاضى راتباً شهريّاً يكاد لا يكفي للضَّروريّات، وها قد بدأ الموسم الدِّراسي وغلاء الكتب المدرسيَّة فوق قدرته الشَّرائيَّة، ناهيكَ عن ارتفاع الأقساط غير المسبوق.

وفي لحظة غضب من الفقر الذي يحلّ به وبالنَّاس من حوله، رهنَ منزله لأحد المُرابين في منطقته وأخذ المال وأعطاهُ لشخصٍ كان قد وعدهُ بأنَّه سيُهرِّبه مع عائلته إلى شواطئ بلد أوروبّي عبر المياه الإقليميَّة للبلد الذي يعيش فيه، وبدون أيّ تردُّد أو تعقُّل أو صلاة، صعدَ أبو مازن مع زوجته وأطفاله إلى الزَّورَق الذي كان مُكتظَّاً بالأشخاص الذين يحلمون بغدٍ أفضل خارج أوطانهم، ثمَّ قال لهم المُهرِّب بأنَّ هذا الزَّورق سينقلهم إلى باخرة تنتظرهم في عرض البحر.

على طريق الموت

وما إن ابتعدَ الزَّورق عن الشَّاطئ حتَّى ابتدأ مُحرِّكه بإصدار أصوات غريبة لبعض الوقت ثمَّ فجأةً توقَّف عن العمل، حينها ابتدأت الأصوات المرعوبة الخائفة تعلو وسطَ ظلام اللَّيل الحالِك، وراحت الأمواج المُتلاطِمة تضرِب بالزَّورق وتؤرجِحه من كلِّ جانب فانقلبَ رأساً على عقب دونَ رحمة براكِبيه.

لم يعرف أبو مازن ماذا يفعل فوضعَ طفله الصَّغير على كتفيه كي يُبقيه بعيداً عن الماء وراحَ يصرخ وينادي على زوجته وطفليه الآخرين وسطَ صُراخ النَّاس من حوله وبكاء الأطفال وبرودة المياه.

بزغَ الفجر وأتى خفر السَّواحل وأنقذوا أبو مازن والقليل من الأشخاص الذين صمَدوا لساعات في تلك المياه الباردة، وأخبروهم بأنَّ المُهرِّب ما هو إلَّا شخص محتال وبأنَّ العمليَّة كلّها كانت مجرَّد غِشّ وخِداع، فلا باخرة تنتظرهم في عرض البحر ولا من يحزنون.

وهكذا نجا أبو مازن مع زوجته وطفله الصَّغير، لكنَّه خسِرَ طِفلَين من أطفاله وخسِرَ بيته الذي كان قد رهَنهُ كي يُهاجر بثمنه.

العبرة

القرار السَّريع أو القرار الذي تتَّخذه تحت تأثير العاطفة غالباً ما يكون قراراً متهوِّراً، فأمام القرارات المصيريَّة في حياتك، فكِّر جيّداً|، صَلِّ واسأل الرَّب كي يقودك ويُرشِدك في خطواتك القادمة ويساعدك في تسديد احتياجاتك، وتأكَّد بأن ليس كلّ فرصة هي من الرب.

“رُبَّ طَرِيقٍ تَبْدُو لِلإِنْسَانِ قَوِيمَةً، وَلَكِنَّ عَاقِبَتَهَا هُوَّةُ الْمَوْتِ.” (سِفر الأمثال 12:14-13)


مقالات مُشابِهة

التأجيل (قصة حقيقية)
عدالة السماء
قصة سارة


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.