Ruth in field animation

إنَّها راعوث تلك الفتاة الموآبيَّة الصَّادِقة الوَفيَّة التي ترمَّلَت وهي لا تزال صبيَّة، إلَّا أنَّها لم تفكِّر في نفسها بقدر ما كانت تفكِّر في مساعدة حماتها العجوز التي خَسِرت زوجها أيضاً ووَلديها ولم يبقَ لها سِوى كنَّتها التي أبَت أن تتركها وحيدة. كانت راعوث زوجة أحد أبناء نُعمي وأليمالِك، وقد تزوَّجت في أرضها أرض موآب حيث كانت عائلة زوجها تسكُن بعد أن تغرَّبوا عن أرضهم في بيت لحم بسبب المَجاعة التي عمَّت بلادهم في تلك الأيَّام.

هرَبت عائلة أليمالِك من أرض الموعد التي وعدَ بها الله إبراهيم وموسى، وسكنوا في أرض تشتهر بالعبادة الوثنَّية، مُظهرين بذلك تفضليهم للحياة الزَّمنيَّة على الحياة الرُّوحيَّة، ومُتجاهلين إمكانيَّة اعتِناء الرَّب بهم في أرضهم رغم المَجاعة. لكن الأيَّام أظهَرت لهم أنَّ الغُربة لم تكُن هي الحَلّ وأنَّ العيش بعيداً عن مُخطَّط الله لا يجلب للإنسان سِوى الدَّمار، فقد ماتَ الأب وتَبِعهُ ابناهُ مَحلون وكِليون تارِكَينِ ورائهما أرمَلتين وأُمّ ثَكلى، وبذلك تحوَّلت النِّعَمة التي ظنُّوا أنهم سيحصلوا عليها إلى نقمة ومرارة.

بعدها قرَّرَت الأُمّ أن ترجع إلى أرضها حين سمعت أنَّ الأحوال تحسَّنت هناك وأنَّ الله باركَ شعبهُ فيها، لكنَّها طلبت من كنَّتيها العودة إلى أرضيهما، فوافقت إحداهما وعادت إلى أهلها لكنَّ راعوث رفضت أن تترك حماتها وألحَّت عليها بأنها ستُرافقها إلى بيت لحم، قائلةً لها كلمات تُظهر مدى الحُبّ والوَلاء الذي كانت تكنّهُ لها:

“فَأَجَابَتْهَا رَاعُوثُ: «لاَ تُلِحِّي عَلَيَّ كَيْ أَتْرُكَكِ وَأُفَارِقَكِ، لأَنَّهُ حَيْثُمَا ذَهَبْتِ أَذْهَبُ، وَحَيْثُمَا مَكَثْتِ أَمْكُثُ. شَعْبُكِ شَعْبِي، وَإِلَهُكِ إِلَهِي.” (سِفر راعوث 16:1)

Ruth in Arabic with red background in paint

وبعد عودتهما استمرَّت راعوث بإظهار الوَلاء لحماتها، فعَمِلَت لكي تؤمِّن الطَّعام لها ولنُعمي، وفعلت كما أرشدتها حماتها وطلبت من “بوعَز” الذي هو أحد أقرِباء أليمالِك بأن يتزوَّج منها بكونه الوَلِيّ الأقرب للعائلة كما كانت العادة في تلك الأيَّام، فتزوج بوعز من راعوث وباركهُما الرَّب بنَسل، هذا النَّسل الذي أتى منه المسيح “نَسل داوُد”.
“… وَبُوعَزُ أَنْجَبَ عُوبِيدَ مِنْ رَاعُوثَ. وَعُوبِيدُ أَنْجَبَ يَسَّى. وَيَسَّى أَنْجَبَ دَاوُدَ الْمَلِكَ …” (إنجيل متَّى 5:1-6)

نتعلَّم من خلال قراءتنا وتأمُّلنا في هذا السِّفر المُبارك “سِفر راعوث” بأنَّ الرَّبَّ أمينٌ في وعودهِ لشعبه، وأنَّ من يلتجئ إلى الله يجد حُلولاً لم يكُن ليتوقَّعها، وأنَّه لا يأسَ ولا فشل مع الإيمان والتَّسليم للمشيئة الإلهيَّة، لذلك علينا أن نتمثَّل بإلهنا وصفاته العظيمة، وبأبطال الإيمان الكُثر الذين يذكرهم لنا الكتاب المقدَّس، ومنهم راعوث التي آمنت بالإله الحقيقي وصدَّقت وعوده.


مقالات مُشابِهة

اضمن حياتك..
أين ستقضي الأبدية؟
الطريق الوحيد


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.