تركَ عشيرَتهُ وهربَ باحثاً عن الأمان، فعاندتهُ الظُّروف، لكن مُخطَّط الله لحياتهِ كان أعظم بكثير ممَّا توقَّع.
اسمهُ ماهر وهو ماهر في كل عمل يعملهُ. آمنَ بالرَّب يسوع وبخلاصهِ ثمَّ سافرَ مع زوجته كوكب وأطفالهما الأربعة هرَباً من عشيرتهم لأنَّ أبناء عشيرته هدَّدوه بالقتل إن لم يتُب عن إيمانه بالمسيح ويرجع لديانته السَّابقة.
وصلَ إلى بلدٍ قريبٍ من بلدهِ وعملَ نهاراً وليلاً ليؤمِّن الضَّروريات ثمَّ استأجرَ شقَّةً وسكنَ بها مع عائلته، كان يعبد الرَّب مع زوجته وأطفاله، لكنَّه كُلَّما سرَحَ بأفكارهِ يتخيَّل أولادهُ الأربعة وهم يُقتَلون بوحشيَّة على يد أقاربهِ، لذلك كان يُصلِّي دائماً لله بأن يَطرُد هذه الأفكار من رأسهِ ولا يسمح لإبليس بزَعزعَة إيمانهِ وسلامهِ، ثمَّ يُردِّد في قلبهِ الآية التالية:
“الرَّبُّ نُورِي وَخَلاَصِي، مِمَّنْ أَخَافُ؟ الرَّبُّ حِصْنُ حَيَاتِي مِمَّنْ أَرْتَعِبُ؟” (مزمور 1:27)
وفي أحد الأيَّام تعرَّضَ ماهر لحادِث وأذى قدمهُ، ممَّا اضطُرَّهُ للجلوس في المنزل دونَ عمل إلى أن تتحسَّن قدمهُ، وبسبب ذلك تأخَّرَ عن سَداد الإيجار الشَّهري للشَّقَّة، وعبثاً حاولَ أن يُقنِع صاحِب المبنى بأن يصبِر عليه قليلاً إلى حين أن يتعافى ويعمل ويدفع الإيجار حتَّى مع زِيادة على الأُجرة، لكنَّ صاحب المنزل لم يقبل بذلك، وهكذا وجدَ ماهر نفسهُ مع زوجته وأطفاله وأغراضه في الشَّارع دونَ مأوى.
صرخَ للرَّب غاضباً مُعاتباً وقال: ألَم أترُك عشيرَتي وأرضي وأهلي من أجلك؟ فلماذا تسمح بأن أمُرَّ بما أنا فيه؟ وبعدَ تفكيرٍ كثير، توَّجه إلى المنطقة التي تضُمّ المُهجَّرين الذين هرَبوا من بلادهم بسبب الحرب الدَّائرة فيها، وهناك حيثُ يَنصِبونَ خِيَماً ليَبيتوا فيها، نصبَ خيمةً بينهم ونامَ فيها مع عائلته.
الحماية الإلهية
وفي تلكَ اللَّيلة عينها حصلَ زلزالٌ مُخيفٌ ومُرعِب دمَّرَ الكثير من المَباني وأوقعَ الكثير من الأرواح، وفي الصَّباح أسرعَ ماهر على الرّغم من قدمهِ المُصابة ليرى المبنى الذي كان يقطُن فيه، فرآهُ مُهدَّماً بالكامل ولا أثر لأيّ ناجٍ تحته، فركعَ أرضاً وراح يبكي ويهتف قائلاً: سامحني يا رَب لأنَّي لُمتُكَ بالأمس وشَكَكتُ بوعودك وتذمَّرتُ عليكَ بسبب غلاظَة قلبي وضعف إيماني، فأنتَ سمحتَ بكل ما حصلَ معي لكي تحميني أنا وعائلتي من الموت، مجداً لك يا رَب.
مرَّت السَّنوات، وباركَ الرَّب ماهر وعائلته بمجموعة من المؤمنين الذين احتضنوهم وكانوا لهم أفضل من الأهل وأحَنّ من الأقارب. وكَبُرَ أولادهُ وصارَ أكبرهم خادِماً لله يجول بين البلدان التي لم تسمع بعد بخَلاص المسيح، ويُخبِر النَّاس عن محبَّة الله لهم ومُخطَّطه لحياتهم.
العبرة
إن تخلَّيتَ عن أيّ أمر من أجل طاعة كلمة الله، فتأكَّد بأنَّ الله سيُبارِككَ أضعافاً مُضاعَفة ولن يتخلَّى عنكَ أبداً حتَّى ولو تخلَّى عنكَ أقرب النَّاس، فهو الذي قال:
“فَأَيُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتاً أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَباً أَوْ أُمّاً أَوْ أَوْلاَداً أَوْ أَرَاضِيَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي، فَإِنَهُ يَنَالُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ.” (إنجيل متَّى 29:19)
مقالات مُشابِهة
الاختبار
الأبواب الموصدة
الكنة الحكيمة