هو طفلٌ صغيرٌ نعم.. لكنَّ قلبهُ كبيرٌ جدّاً. كيف تصرَّف يزَن تجاه صديقه تامر؟
اعتادَ سامر منذُ صِغره أن يرتدي ثياباً وأحذيةً جديدة في كلِّ عيد، وهو لا يزال يتذكَّر كم كانت الثِّياب الجديدة تُدخِل البهجة إلى قلبهِ، لذلك حَرصَ بأن لا يُغيِّر تلك العادة مع ولدَيه.
واقترب عيد الميلاد المجيد فطلبَ سامر من زوجته لمياء أن تُرافقه كي يشتريا لابنيهِما طارق ويزَن ثياباً وأحذيةً جديدة. وتوقَّف سامر أمام واجِهة إحدى المحلَّات التي تعرض بِذَل للأطفال كبِذلات الرِّجال، فأعجبته الفكرة واشترى بِذلتَين كاملتين مع قميصين وربطتَي عُنق، ثمَّ بحث هو وزوجته طويلاً حتَّى وجَدا أحذيةً رسميَّة صغيرة لطفليهِما، وفي طريق العودة إلى البيت كانت فرحتهما كبيرة جدّاً وهما ينتظران ردَّة فعل الصَّبيَّين على ما اشترياه لهما.
مشاعر يزن
وحين وصَلا إلى المنزل أسرعت لمياء لتفتح الأكياس وتُخرِج الثِّياب للطِّفلَين، كانت فرحة الاِبن الأكبر طارق لا توصف فحَملَ الثِّياب الجديدة وراحَ يرقُص ابتهاجاً بها، أمَّا الاِبن الأصغر يزَن فلم يُبدِ أيّ بهجة بل على العكس كانت ملامحه توحي بأنَّه ليس سعيداً، تفاجأت أُمّه واقتربت منه وسألته: ما بكَ يا حبيبي، ألم تُعجِبكَ الملابس والحِذاء؟ فأجابها: بلى يا أُمّي، أحببتهم جدّاً، بل حتَّى إنَّ هذا الحِذاء هو تحقيق حُلم بالنِّسبة لي لأنّي لطالما حَلمتُ أن أرتدي حِذاءً جِلديّاً رسميّاً كحِذاء والدي.
فقالت مُستغرِبة: إذاً لماذا لا يبدو عليك الفرح؟ فأجاب: لأنَّني أمتلِك أيضاً حِذاءً جديداً للمدرسة أمَّا صديقي تامر فيأتي إلى المدرسة كلَّ يوم بحِذاءٍ مُمزَّق، ووالدهُ متوفّي ولا تستطيع أُمّه أن تشتري له ثياباً جديدة للعيد. فهل تسمحين لي أن أُهديه ثيابي هذه مع الحِذاء؟ فأنا لستُ بحاجتهم بقدره.
تأثَّرت لمياء بكلام ابنها وضمَّتهُ إلى صدرها وقالت: شكراً لأنَّك أخبرتني عن صديقك تامر، وسوفَ نذهب غداً أنا ووالدكَ إلى السُّوق كي نشتري لصديقك ثياباً جديدة وحِذائَين جميلين، واحد للعيد وآخَر للمدرسة. حينها راح يزن الصَّغير يقفز عالياً من الفرح ويقول: شكراً شكراً يا يسوع. فقال والده: أنا من سوف يشتري الأغراض فلماذا تشكُر يسوع ولا تشكُرني؟ ردَّ يزن: لأنَّ يسوع يحميكَ لنا يا أبي كي تبقى معنا دائماً ويرزقك كي تشتري لنا كل ما نحتاج. فتبسَّمَ سامر وقال: أحسنتَ تفكيراً وقَولاً يا صغيري.
العبرة
الشُّعور بالآخرين ومساعدتهم والإحساس بمعاناتهم وظروفهم هو أمر إنساني مهم جدّاً يعكس جوهر الإيمان الحقيقي، وكما يقول يعقوب الرَّسول:
“فَالدِّيَانَةُ الطَّاهِرَةُ النَّقِيَّةُ فِي نَظَرِ اللهِ الآبِ، تَظْهَرُ فِي زِيَارَةِ الأَيْتَامِ وَالأَرَامِلِ لإِعَانَتِهِمْ فِي ضِيقِهِمْ…” (رسالة يعقوب 27:1)