أطفال تَيَتَّموا بسبب الحريق الذي شَبَّ في منزلهم، فمن سيتكفَّل بتربيتهم والاعتناء بهم؟
في ليلة من ليالي كانون الأوَّل في قرية زارها الثَّلج باكِراً وغطَّى أسطُح منازلها وفي منزل بعيد نسبيّاً عن المنازل الأُخرى كان أنيس يستحِمّ وكانت زوجته تُحضِر الوِعاء الخاص بالنّفط (المازوت) لتملأ به المِدفأة قبل أن تنطفئ لأنَّ الطَّقس كانَ بارِداً جدّاً، وفي لحظة غير محسوبة وقعَ الوِعاء من يدِها على المِدفأة واشتعلت النَّار بسُرعَة البرق، فانتفضَت وداد صارِخةً متفاجئة دون أن تعرف ماذا يجب أن تفعل لإطفاء النِّيران، وأسرَعت لتحمي أطفالها الثَّلاثة الذين كانوا نائمين غير مُدرِكين لما يحدث، لكن سُرعانَ ما انتشر الشَّرار المُتطايِر في أنحاء المنزل وابتدأ الصُّراخ يعلو والنَّار تتأجَّج أكثر وأكثر، ممَّا دفعَ بجارهم الشَّاب عمران إلى المجيء رَكضاً لمساعدتهم، وعبثاً حاولَ عمران الذي اقتحم النِّيران بجسده أن يُخلِّص الجميع لكنَّه لم يستطع أن يُنقِذ إلَّا الأطفال الذينَ دفعتهم أُمّهُم خارِج المنزل الذي يحترق وهرَعت إلى الدَّاخل لتُساعد زوجها فقضت حتفها معه.
في اليوم التالي
طلعَ الفجر وأشرَقت الشَّمس الخجولة كاشِفةً عن البقع السَّوداء التي تركت آثارها على الثَّلج الأبيض ليلاً جرَّاء الحريق، كان المنظر يُعبِّر عن الحِداد الذي عاشه أهل القرية على أنيس وزوجته وداد، وبعد دَفن الوالدين ومرور عدّة أيَّام اجتمعَ أهل القرية مُجدَّداً ليُقرِّروا ماذا سيفعلون بالأطفال، لكنَّ شيخ القرية أسكتَ الأصوات الكثيرة التي تعالَت راغِبةً في تبنّي الأطفال، وقال: كلُّنا نعلم أنَّ هؤلاء الأطفال اليتامى ليس لديهم أقارِب، لكنَّ الشَّخص الوحيد الذي يستحقّ أن يأخذهم ويُربِّيهم هو عمران الذي ضحَّى بنفسه ودخل إلى قلب النَّار لكي ينقذهم وينقذ أهلهم، وكان عمران يقف جانباً وهو ملفوف اليدين المحروقتين، فتقدَّم وشَكر كبير القرية وقال: سأُربِّيهم وأعتني بهم وكأنَّهم أبنائي ولن أدَعهم يحتاجون لشيء ما حييت.
يصِف الرَّب المؤمنين بأنَّهم مُنتَشَلين من النَّار، وبأنَّه هو (الله) الذي انتَشَلهُم، فكما كان يسوع في أتون النَّار مع الفتيان الثَّلاثة وأنقذهُم منها، هكذا أيضاً تحمَّلَ يسوع بدلاً عنَّا نار أتون الغضَب الإلهي التي سُكِبَت على الصَّليب لكي يرفع عنَّا خطايانا.
وكما قال الرَّب عن يهوشَع الكاهن:
“فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «إِنَّ الرَّبَّ يَنْتَهِرُكَ يَاشَيْطَانُ، الرَّبُّ الَّذِي اصْطَفَى أُورُشَلِيمَ يَنْتَهِرُكَ، أَلَيْسَ هَذَا الرَّجُلُ كَحَطَبَةٍ مُشْتَعِلَةٍ انْتُشِلَتْ مِنَ النَّارِ؟»” (سِفر زكريَّا 2:3)
فلنُكَرِّس أنفُسنا لمن انتَشَلَنا من نار جهنَّم وضحَّى بنفسه ومات لكي يُعطينا الحياة، فهو وحده الذي يستحقّ أن يكون رَبّاً وسيِّداً على حياتنا، يسوع المسيح له كل المجد.
مقالات مُشابِهة
الأم الثكلى
ما يزرعه الإنسان إياه يحصد
قصة سارة