جُلّ اهتمامها هو الحفاظ على جمالها، لكن لا شيء يدوم ومن يتَّكل على الزَّائل سيخيب ظنّه يوماً لا محال.
اِسمُها لميس وهي اِبنة لأُمّ أوروبيَّة وأب عربي، كان الجميع يُشبِّهها بالدُّمية منذ ولادتها لشدَّة نعومة وجهها وجمال ملامحها ونقاء بشرتها وشعرها الذَّهبي الجميل.
وكانت كلَّما كَبُرَت أكثر يزداد جمالها أكثر ويُبهِر عيون كل من ينظر إليها، وبدأت تهتمّ بشكلها وأصبحت مهووسة به لدرجة لا توصف حتَّى أنَّها صارت أسيرة لمِرآتها التي لا تُفارِقها، كان همّها الوحيد أن تحافظ على جمالها وتزيد منه دون أن ينقص ولذلك وبمجرَّد أن بلغت الثَّلاثين من عمرها بدأت بزيارة أطبَّاء التَّجميل ليُساعدوها على الحفاظ على شكلها أمام تأثيرات الزَّمن عليه.
تزوَّجت من رَجُل ثري جدّاً ورفضت الإنجاب كي لا تُشوِّه جمال جسدها بسبب الحمل وتداعياته من وجهة نظرها، أمَّا زوجها فلم يُعارضها أبداً لأنَّ لديه أولاد كثُر من زوجاته السَّابقات، وهو الآن مسرور جدّاً بالدُّمية الجميلة التي يعيش معها والتي يتمنَّى كل من يراها لو كانت زوجةً له.
وفي يوم عيد ميلادها الأربعين أراد زوجها أن يُفاجئها فحضَّرَ لإقامة حفل ضخم في أحد أهمّ الفنادق دون علمها، ثمَّ اتَّصل بها وأخبرها أن تأتي إلى الفندق دون أن تعرف المفاجأة التي تنتظرها، وفي أثناء ذهابها إلى هناك تعرَّضت لحادث سير كبير نجَت منه بأُعجوبة لكن مع تشوُّه كبير في وجهها، وبعد إجراء العديد من علميَّات التَّجميل على أيدي أشهَر الأطبَّاء في العالَم، أمسكَت لميس بالمرآة للمرَّة الأولى بعد الحادث وحين رأت وجهها انهارَت وفقدَت أعصابها وحاوَلت الانتحار لأنَّ الطِّب التَّجميلي لم يستطع أن يُعيد لها جمالها الذي فقدته.
العبرة
الاهتمام بالشَّكل الخارجي أمر مُهمّ لكنه إن تحوَّل إلى الهَوَس فسوف ينعكس سلباً على صاحبه، وهذا ينطبق على كل الأشياء الزَّائلة التي نُعيرها اهتماماً زائداً في هذه الدُّنيا، لذلك علينا أن نهتمّ أوَّلاً بجمالنا الرُّوحي عبر العيش للرَّب، فأجسادنا مهما طال بها الزَّمن لكنَّها في النهاية سوف تفنى لا محالة، أمَّا السِّيرة الحسَنة فهي التي تبقى للأبد.
“الْحُسْنُ غِشٌّ وَالْجَمَالُ بَاطِلٌ، أَمَّا الْمَرْأَةُ الْمُتَّقِيَّةُ الرَّبَّ فَهِيَ الَّتِي تُمْدَحُ.” (سِفر الأمثال 30:31)
مقالات مُشابِهة
الكل باطل وقبض الريح
القاعدة الذهبية
اغضبوا ولا تخطئوا