حاربَت وحاربَت لتصِل إلى القمَّة مُتَّبِعةً مبدأ (الغاية تُبرِّر الوَسيلة)، فهل وصلَت إلى مُبتغاها؟
تربَّت إيمان في عائلة فقيرة، كانت هي وأُختها منال تلعبان دائماً مع نور ابنة صاحِبة القصر الذي يعمل فيه والدها كبُستاني وتعمل فيه والدتها في التَّنظيف والطَّهو. وكم كانت إيمان بعكس شقيقتها السَّعيدة الرَّاضِية المُحِبَّة، فهي كانت تكرَه كل شيء وتتذمَّر وتغار من نور وتتمنَّى موتها لأنَّها غنيَّة وتمتلك كل شيء بينما هي فقيرة لا تمتلك شيئاً.
كبُرَت إيمان ونمَت هذه الأفكار معها، كانت جميلة الشَّكل جدّاً فتقرَّبَت عن خُبث من نور التي كانت قد تزوَّجت من أحد أهمّ رجال الأعمال، ونجحت إيمان بأن تُخرب علاقة نور بزوجها بعد أن تقرَّبت هي منه وأغوَته بجمالها فخانَ زوجته معها، وقد علِمَت نور بذلك لاحقاً. كانت إيمان سعيدة جدّاً بأنَّها وبحسب رأيها انتصرَت على نور.
السعادة المزيفة
ابتدأ مشوار إيمان الجميلة التي تتصيَّد الرِّجال كي تحصل على ما تُريد وتُدمِّر ما استطاعت من البُيوت والعلاقات، وتعرَّفت على أحد أهمّ المُخرِجين الذي وعدَها ببطولة أحد الأفلام، فذاقَت طعم الشُّهرة وقرَّرت أن تُحارِب أكثر وأكثر كي تصِل إلى القمَّة لتنتقم من القاع الذي نشأَت فيه، فمارسَت كل أنواع الكذب والأذى والافتراء على زميلاتها وتشويه سُمعتهنّ لتصل إلى مُبتغاها.
كان يوم حفل توزيع الجوائز فتهيَّأت إيمان لهذه المناسبة وارتدَت ثوباً من أشهَر دُور الأزياء وذهبت إلى الحفل بكامل أناقتها لدرجة أنَّ كل من رآها انبهرَ بمدى جمالها، لكنَّها فجأة وقبل أن يبدأ الحفل أحسَّت بدُوار فظيع فاختلَّ توازنها وسقطت مغشيّاً عليها أمام عدسات الكاميرات وحُشود الجماهير.
في المستشفى وبعد إجراء عدَّة فحوصات وعدَّة صور للأشعَّة السِّينيَّة، وقفَ الطَّبيب أمامها وقال لها: يؤسفني أن أُخبركِ بأنَّكِ مُصابة بخلايا سرطانيَّة كثيرة وهناك ورَم كبير قريب من عصب النَّظر وفي حالتك هذه ليس لدينا خَيار إلَّا أن نُباشِر بالعلاج الكيميائي فوراً. صُعِقَت إيمان ممَّا سمِعت، ولأوَّل مرَّة في حياتها أحسَّت بأنَّ الموت الذي تخشاهُ قريب جدّاً منها، فابتدأ شريط حياتها يمرّ أمام عينيها وراحت تتذكَّر بأنَّها لم تعرف معنى السَّعادة الحقيقيَّة يوماً على الرَّغم من كل ما حقَّقته من شُهرة وأموال وأملاك، وتذكَّرت كم ظلمَت أُناس أبرياء من أجل مصالحها وكم أذَت وافترَت وخرَّبت علاقات نساء بأزواجهنّ، وها هي تسقُط سُقوطاً مُروِّعاً وستكون نهايتها عكس ما سعَت إليه كل حياتها.
الشفاء الروحي والجسدي
بعد رحلة طويلة مع العلاج شُفِيَت إيمان، وتابَت بعد أن أخبرتها أُختها عن السَّعادة الحقيقيَّة والارتِواء الرُّوحي الذي لن تجده إلَّا في قُربها من الرَّب يسوع المسيح. وها هي تعمل في مُساعدة المرضى وكِبار السِّن وتخبرهم كيف أنَّ الرَّب رَحمها وسامَحها وأعطاها فرصة جديدة للحياة بعد أن ندِمت على أفعالها وطلبَت المغفرة على جميع خطاياها.
حين نسمح لأفكار الكُره والحسَد أو الجشع والطَّمع أن تنمو فينا وتتملَّك منَّا، نصبح أداة طَيِّعة في يد إبليس بل نصبح عبيداً له ونتمِّم مشيئته التي هدفها دمارنا وهلاكنا وانفصالنا الأبدي عن الله. لكن حين نسلُك في الطَّريق الذي رسمهُ لنا الله ونتمِّم مشيئته، حينها نعرف معنى السَّعادة الحقيقيَّة ونحيا حياة الرِّضى والسَّلام معه.
يقول الرَّب: “… قَدْ وَضَعْتُ أَمَامَكُمُ الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ، الْبَرَكَةَ وَاللَّعْنَةَ. فَاخْتَارُوا الْحَيَاةَ لِتَحْيَوْا أَنْتُمْ وَنَسْلُكُمْ،” (سِفر التَّثنِية 19:30)
أنا اخترت أن أتبع يسوع لأنَّه هو الحياة، وأنت ماذا ستختار؟