سَخِرَ منهُ رِفاقه بسبب اتِّباعه أُسلوب القاعِدة الذَّهبيَّة في كل أمورهِ، فما هي هذه القاعدة وكيف انعكسَ تطبيقها على حياة مجد؟
التقى سمير بصديق طفولتهِ مجد، وفرِحَ كثيراً وأصَرَّ عليه بأن يجتمعا معاً على العشاء مع أصدقائهما المُشترَكين.
وحين اجتمعوا، أخذَ كل واحد من هؤلاء الرِّفاق يتحدَّث عن هُموم الحياة وصُعوباتها، ولأنَّ مجد كان يعيش في فرَح وسَلام، فلم يُعبِّر عن قلقهِ تجاه أيّ أمر بل أظهرَ سلاماً عجيباً. وحين سألهُ رفاقهُ عن سِرّ سَلامهِ في ظِلّ ظُروف بلادهم التي ينعدِم فيها الاستقرار من كل النَّواحي، كان جوابه: أحيا في سلام بسبب إيماني بالرَّب واتِّكالي على نعمتهِ وتتميم وصاياه، وأضاف: “لقد اتبَّعتُ القاعِدة الذَّهبيَّة في حياتي، وهي التي أوصَلتني إلى ما أنا فيه.”
فسألهُ الجميع: وما هي هذه القاعِدة الذَّهبيَّة؟
قال: أن أسعى جاهِداً للمُطالَبة بحُقوق النَّاس من حَولي وأن أترُك حقّي دون أن أُطالب به.
أن أُعطي بكل سُرور من القليل الذي معي واثِقاً بأنَّه سيَفيض لأنَّ المُعطي المسرور يحبُّه الله.
أن أرضى بأن أكون مظلوماً وألَّا أكون ظالِماً لأنَّ فوق العالي عالِياً يُلاحِظ.
أن أحيا ناسِياً أمر الأمس وألَّا أُخطِّط وأُفكِّر بالغَد لأنَّ المُستقبَل بيد الله.
وأخيراً ألَّا أترُك فُرصة دون أن أشكُر الله بها على مراحمهِ الكثيرة التي أنعمَ بها علَيّ.
هكذا عِشتُ حياتي مُلقِياً كل همّي عليه وهو يعتني بي، فهو الأب الحنون الذي يعرف سُؤل قلوبنا قبل أن نطلُب، فكانَ يُعيد لي حقّي الذي تركتهُ من أجل اسمهِ أضعافاً مُضاعَفة، ويَرفَعني في كل مكان أذلَلتُ فيه نفسي من أجل اسمهِ، وأمام كل مبلغ أعطيتهُ بسُرور كان الرَّب يُبارِكني ويُسدِّد لي كل احتياج دوماً.
فتعجَّبَ رفاقهُ وقالوا له مُستَهزِئين: إذاً فأنتَ لم تفعل شيئاً مفيداً في حياتك!
ابتسمَ وقال لهم: بالعكس تماماً، فأنا آمَنتُ ووَثِقتُ بإلهي لأنَّه وحدهُ القادِر أن يفعل أكثر جدّاً ممَّا نطلُب أو نفتكِر.
“إِذَنْ، كُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يُعَامِلَكُمُ النَّاسُ بِهِ، فَعَامِلُوهُمْ أَنْتُمْ بِهِ أَيْضاً: هَذِهِ خُلاَصَةُ تَعْلِيمِ الشَّرِيعَةِ وَالأَنْبِيَاءِ.” (إنجيل متَّى 12:7)