حاولَت أن تُخفي الحقيقة عن الجميع، واعتقدَت بأنَّ الغاية تُبرِّر الوسيلة، فهل نجحَت بذلك؟
اسمها حنان وهي كزهرة جذبَت برحيقها كثُر من الذين اهتمُّوا لأمرها، لكنَّها حين رأت فارس أحبَّتهُ وأحبَّها من النَّظرة الأولى وتمَّ النَّصيب بينهما، ومرَّت الشُّهور بعد الزَّواج وبِناءً على نصيحة والدتها توجَّهت لاستشارة الطَّبيب لكي يساعدها على الإنجاب، وبعد عدَّة فحوصات وصور ومنظار لعُمق الرَّحم جاءت النَّتيجة الصَّادمة وهي أنَّها غير قادرة على الإنجاب.
حين سمعت حنان بالنَّتيجة أحسَّت بأنَّ الدُّنيا دارَت بها بسُرعة وأسقطَتها إلى حيثُ الظُّلمة الحالِكة، أحسَّت بأنَّ الوقتَ توقَّف وبأنَّها مسجونة تكاد تختنق ولا تستطيع التَّنفُّس، اكتأبَت وأمضَت ليلتها في منزل أهلها مُتذرِّعةً أمام زوجها بأنَّها اشتاقت لهم، أمضَت اللَّيل وهي تضرب أخماسها بأسداسِها وتفكِّر بالاحتمالات المُمكِنة أمامها. ماذا ستفعل؟ فهي إن أخبرَت زوجها وأهله بحقيقة أنَّها لا تُنجِب فلن يقبلوا ببقائها بينهم لأنَّ ابنهم هو الفتى الوحيد بين خمس فتيات، وإن لم تُنجِب لهم حفيداً فحتماً سوفَ يتخلّونَ عنها. وأخيراً اتَّخذت خَيارها بالسَّفَر بحجَّة العِلاج وسوفَ تكذب على الجميع من الآن وتقول بأنَّها حامل وتعود من السَّفر مع طِفل مُتبنَّى وتُخبرهم بأنَّها ولدتهُ هناك.
كانت حنان متأكِّدة بأنَّ زوجها لن يستطيع أن يسافر معها بسبب التِزاماته وأعماله الكثيرة، لذلك خطَّطت لكل شيء وسافرَت هي ووالدتها بحجَّة العلاج، وبعد أن وجدَت فتاةً حاملاً تنوي إجهاض طفلها لأنَّه نتيجة حَمل غير شرعي، أخذتها إلى الطَّبيب ليُتابع حالتها واتَّفقت معه بأن يُسجِّل الطِّفل عند ولادته على أنَّه ابنها هي. مرَّت الأشهُر وكانت نتيجة الولادة هي توأمين من الذُّكور سُجِّلا على اِسم حنان مباشرةً. كانت فرحتها لا توصَف، وبعد شهر من ولادتهما عادت حنان مع والدتها إلى بلدها مزهُوَّةً بالإنجاز العظيم الذي حقَّقته.
خبر غير متوقع
حين دخلت إلى منزلها وجدَت طِفلاً بعُمر الخمس سنوات يجلس بالقُرب من زوجها، وحينَ سألت من يكون؟ أخبرها زوجها بأنَّ هذا الطِّفل هو ابنه من زوجته الأولى التي طلَّقها في بداية حَملها دون أن تخبره بذلك لأنَّها كانت تريد العيش مع شخص آخر، ومنذُ أشهُر قليلة فقط أرسلت له طليقته هذا الطِّفل مع رِسالة تخبره بها بالحقيقة، وبأنَّها لم تعُد قادرة على الاعتناء به لأنَّها على فراش الموت بسبب مرضها الشَّديد. وطبعاً لم يُصدِّق فارس في البداية بأنَّ هذا الطِّفل هو ابنه إلى أن أجرى اختبار الأبوَّة وتأكَّد من تطابُق الجينات بينهما.
صُدِمَت حنان ممَّا سَمِعت وأحسَّت بأنَّ كل ما جرى هو عقاب من الله لها على الكذِب والخِداع والأسايب المُلتوِية التي اتَّبعتها، وحين نظرَت للطِّفل رأتهُ وَدوداً لطيفاً يبستم لها. فنَدِمت وقرَّرت أن تُخبِر زوجها بحقيقة كل شيء، وحين اقتربت منه قالت: أريد أن أخبرك شيئاً. فقال: أنا أعرف كل شيء، اتَّصلتُ بالطَّبيب في نفس اليوم الذي كُنتِ فيه عنده وأخبرني بأنَّكِ عاقِر، وحين قرَّرتِ السَّفر كنتُ على علمٍ بنيَّتكِ في التَّبنّي، ومنذ ذلك اليوم وأنا أنتظر أن تُصارحيني بالأمر.
تفاجَأت لعِلمهِ بكل شيء، ثمَّ قالت بتردُّد وحِيرة والدُّموع تملأ عينيها: والآن.. ماذا ستفعل؟
فقال: على الرّغم من تسرُّعكِ وتصرُّفكِ بمُفردكِ، إلَّا أنَّني سوفَ أُربِّي الأطفال الثَّلاثة دونَ أن أُفرِّق بينهم، ليسَ لأنِّي راضٍ عمَّا فعلتِ بل فقط لأنَّ هذان الطِّفلان لا ذنبَ لهما بما حصل.
العبرة
لا تظُنّ أبداً بأنَّ الحُلول السَّريعة سوف تُخرِجكَ من المأزق الذي أنت فيه، بل انتظر توقيت الله الذي عنده للموت مخارج، ولا تظُنّ بأنَّ اتِّباع أساليب الغِشّ والخِداع سوفَ يجلِب البرَكة على حياتك، بل تذكَّر دائماً بأنَّ حَبْل الكذِب قصير وبأنَّه إن كانَ الكذِب يُنجِّي فالصِّدقُ أنجى.
“مَنْ يَسْلُكُ بِاسْتِقَامَةٍ يَسِيرُ مُطْمَئِنّاً، وَذُو الطُّرُقِ الْمُنْحَرِفَةِ يُفْتَضَحُ.” (سِفر الأمثال 9:10)
مقالات مُشابِهة
تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.
