تفاجأ الزَّوجان بخبر صادم بعد فترة وجيزة من زواجهما، وكل منهما كان له رأيه الخاص، فما الذي حصل في النهاية؟
اسمُها سناء وهي جميلة المظهر وخفيفة الظِّل، يكاد كل من يراها أن يعشق ابتسامتها ويتمنَّى أن لا يجرح مشاعرها أبداً، تزوَّجت من رفيق عمرها إبراهيم حبيبها الأوَّل والأخير كما كانت تُسمِّيه، وبعد فترة قصيرة من زواجهما علِمت بأنَّها حامل فكانت سعادتها أكبر من أن توصف وأسرعت لتزُف خبر حملها لزوجها، احتفلا معاً بهذا الخبر السَّار وكانت ليلة لا تُنسى، مرَّت الأيَّام ثمَّ حصل معهما ما لم يكُن في الحُسبان فقد ظهرت نتيجة الفحوصات المخبريَّة التي طلبها الطَّبيب من سناء والتي تُحدِّد وضع الجنين وسلامتهُ من أيّ أمراض وراثيَّة أو تشوُّهات وقد جاءت النَّتيجة بأنَّ طفلهما سيولد مُعاقاً، كان وقع الخبر عليهما كالصَّاعقة فخيَّرهُما الطَّبيب بين قُدرتهما على الاحتفاظ به أو إجهاضه، وكانت صدمة سناء مُضاعفة حين سمعت زوجها يقول للطَّبيب: بالطَّبع سنُجهِضهُ فوراً، قال ذلك حتَّى دون أن يسألها رأيها ودون أن يرِفّ لهُ جفن.
كانت سناء ترتجف كوَرقة في مهَبّ الرِّيح وترتعش كعُصفور صغير بلَّلَ جَناحاه المطر، كانت عاجزة عن الكلام والدُّموع تملأ عينيها لكنَّها فجأةً أحسَّت بطِفلها يتحرَّك في بطنِها فتبدَّل إحساسها وصرخت كاللَّبوة المُفترِسة التي تُدافع عن شِبلها وقالت: لا لن أُجهِض طفلي أبداً لن أتخلَّى عن فلذة كَبِدي، فما كان من زوجها إلَّا أن قال للطَّبيب سنُغادر الآن ونعود إليك في أقرب وقت.
محاولات الزوج الفاشلة
وفي المنزل حاول إبراهيم عبَثاً أن يُقنِع زوجته بشتَّى الطُّرُق قائلاً: يا حبيبتي أنا وأنتِ أصِحَّاء أذكياء فلماذا سنرضى بطِفل مُعاق؟ ولماذا سنُمضي حياتنا مُقيَّدين به؟ فثارت سناء وهي تقول أشعُر وكأنَّني لا أعرفك وكأنَّك شخص آخَر غير الذي قضيت سنين عمري صديقة ورفيقة له، ألا تملك أيّ مشاعر تجاه هذا الطِّفل الذي هو ثمرة حُبّنا وزواجنا؟ ألا تشعُر بمشاعر الأبوَّة تجاهه؟
قال: لم يُصبِح طِفلاً بل هو مجرَّد جنين لم يرَ النُّور بعد. فردَّت عليه باكِية: ألم تسمع دقَّات قلبه وتراهُ يتحرَّك في الصُّورة الصَّوتيَّة عند الطَّبيب؟ أجاب: حبيبتي سنُنجب غيره صدِّقيني. فردَّت بعُنف: لا لن أُجهِضه.
وبعدَ نِقاشٍ حادّ وفتراتٍ لا بأس بها من التَّوتُّر والغضب، تركت سناء بيت زوجها واتَّجهت إلى بيت أهلها حتّى أتمَّت شُهور حملها وأنجبَت مولودها. وبعد فترة طويلة من التَّفكير اقتنع إبراهيم أخيراً بضرورة الرِّضا والتَّسليم لأمر الله فعاد واحتضن زوجتهُ وطِفله، ومضَت السِّنين وأنجبَت سناء من إبراهيم أخاً وأُختاً لابنهما عيسى الذي وبالرَّغم من أنَّه أخرس أطرش إلَّا أنَّه أصبح أُستاذاً يُعلِّم لُغة الإشارات للصُّم والبُكم.
قد تكون مشيئة الله صعبة علينا في بعض الأحيان، لكن يجب أن نتذكَّر دائماً بأنَّ هناك قصد إلهي من كل ما يحصل معنا، لذلك علينا أن نتقبَّل مشيئة الله مهما كانت ونسألهُ أن يُعطينا الحِكمة في التَّصرُّف في كل الظُّروف.
“…أَنَقْبَلُ الْخَيْرَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَالشَّرَّ لاَ نَقْبَلُ؟” (سِفر أيُّوب 10:2)
مقالات مُشابِهة
ينبوع المياه الحية
ما يزرعه الإنسان إياه يحصد
قصة سارة