رجل عربي مع ابنه

الأبوَّة الحقيقيَّة ليست في إنجاب الأطفال فقط، بل في الاهتمام بهم ورِعايتهم وجعلِهم أُناساً صالحين في المجتمع وقادرين على أن يصبحوا آباءً مثاليِّين بدورِهم حين يكبرون.

مالك هو شابّ خلوق يُحبّ العمل والاجتهاد، كان يعمل في مصنع للألبسة، وكان يرى سوسن اِبنة صاحب المصنع كُلَّما أتت لزيارة والدها فيه. درات السِّنين وأحبَّ مالك سوسن وهي أيضاً أحبَّته وقرَّرا الزَّواج، لم يكُن والدها السيِّد ضياء شخصاً مُتعجرِفاً أو مُتكبِّراً بل كان يُحبّ مالك جداً ولا يعتبره مجرَّد عامل عنده بل يُعامله كأحد أبنائه لأنَّه يعرفه منذ أن كان صغيراً، لذلك تجرَّأ مالك وتقدَّم لخطبة سوسن من والدها دون تردُّد. لكنَّ السيِّد ضياء رفضَ بشدَّة أن يتمّ هذا الزَّواج مُصارِحاً مالك بأنَّ ابنته تُعاني من مرض عُضال، وبأنَّه لا يُريد لها أن تتزوَّج قبل أن تُشفى. على الرّغم من صدمة مالك بهذا الخبر إلَّا أنَّ ذلك لم يُثنهِ عن قراره، فحبّه لسوسن لن يحدّهُ شيء في هذه الدُّنيا، لذلك تزوَّجا وأقاما حفلاً أُسطوريّاً وسافرا معاً لقضاء شهر العسل.

بعد أشهُر قليلة حمَلَت سوسن بطفلها الأوَّل وما أن حمَلَت حتَّى انتشرَ المرض في كل جسدها وابتدأ يسلبها عافيتها، وبمجرَّد ولادتها فارقت الحياة مباشرةً. حَزِنَ مالك على زوجته لمدَّة طويلة وكرَّسَ حياته للاعتناء بطفله الذي أحبَّه كثيراً واعتبرهُ كنزاً ثميناً لأنَّه هو كل ما بَقِيَ له من حبيبة عمره سوسن. كم شجَّعهُ أهله ووالد زوجته على أن يتزوَّج مرَّة أُخرى فهو لا يزال في عمر الشَّباب، لكنَّه رفض الزَّواج مجدَّداً وأمضى حياته يهتمّ بأصغر تفصيل في حياه ابنه وكان لهُ أباً وأُمّاً في آنٍ معاً وعلَّمهُ محبَّة الله ومساعدة الآخرين، ودرَّسهُ في أفضل المدراس والجامعات فكَبُرَ وأصبحَ طبيباً يُدواي المرضى الذين يعانون من نفس الدَّاء الذي توفَّت به أُمّه.

المغزى من القصة

ما أكثرهم اليوم من يهجُرون عائلاتهم أو يُطلِّقون زوجاتهم ويُدمِّروا حياة أطفالهم بسبب الأنانيَّة والتَّركيز على الذَّات. فليس كل رَجُل أنجَب أطفالاً أصبحَ أباً، لأنَّ الأب الحقيقي هو من يبذل حياته من أجل عائلته ويُضحِّي بسعادته من أجلهم، وهذه المحبَّة الحقيقيَّة الباذِلة نبعُها الآب السَّماوي الذي أحبَّنا ونحن بعد خُطاة وصنعَ لنا فِداءً بواسِطة صليب المسيح، فلنتعلَّم من محبَّة الله ولنحياها مع كل من حولنا بشكلٍ عام ومع عائلاتنا وأطفالنا بشكلٍ خاص.

“لَيْسَ لأَحَدٍ مَحَبَّةٌ أَعْظَمُ مِنْ هذِهِ: أَنْ يَبْذِلَ أَحَدٌ حَيَاتَهُ فِدَى أَحِبَّائِهِ. (إنجيل يوحنَّا 13:15)


مقالات مُشابِهة

البخيل
عدالة السماء
قصة سارة


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.