الأب الصالح

ظنَّت سلوى أنَّ أباها لم يترك لها ولأخيها شيئاً من الميراث، لكن ما حصل معهما كان غير متوقَّع.

جلست سلوى وحيدة ولم تستطع أن تغُلِق باب المنزل لأنَّها كانت ترتجف خوفاً وقلقاً على أخيها الذي غادر ليجلب بعض الفواكه والخضار منذ الصَّباح، وها الشَّمس شارفت على المغيب وهو لم يعُد بعد. كان الهدوء يُخيِّم على المنطقة، فهما يعيشان في منزل صغير كان يقصده والدها مرَّة أو مرَّتين في السَّنة ليصطاد، ولم تتخيَّل أبداً أنَّها ستسكن هنا ذات يوم هي وأخيها.

راحت تسترجع كل تلك اﻷحداث التي صادفتهما بعد وفاة والديهما بحادث وهما عائدان من رحلة صيد، وكيف أنَّ عمَّها أخبرهما بأنَّها وأخيها يجب أن يغادرا منزلهما في المدينة ﻷنَّ أباها قد باعهُ كل ممتلكاته قبل موته. كان عمَّها ووالدها في صراعٍ طويل الأمد على الميراث، وقد وجد عمَّها فُرصته في تزوير الأوراق حين توفَّى والدها. لذلك بلَّغها عمَّها بأنَّ منزل الصَّيد هو المكان الوحيد الذي يملكه والدها والذي يمكنها أن تعيش فيه هي وأخيها، ومنذ ذلك الوقت وهما يقطنان فيه.

التعويض

كانت تتضرَّع للرَّب أن يعود أخوها سالماً فهو كل ما بَقِيَ لها من عائلتها، فعمَّها المزعوم لم يسأل عن أحوالهما منذ وفاة والديهما. وفجأةً رأت أخاها قادماً من بعيد فأسرعت للقائه متلهِّفة وشاكرة الله على سلامته، لكنَّها في نفس الوقت استغربت من السَّيِّدة التي كانت بصُحبة أخيها والتي تحمل أوراقاً ودفاتر في يدها، وقد عرَّفت عن نفسها بأنَّها محاميَّة والدهما. فتقدَّم سامي من أُخته سلوى وهمسَ في أُذنها قائلاً: التَقَيتها حين كانت تبحث عنَّا وأحضرتها ﻷنَّها تريد أن تتكلَّم معنا سويّاً.

جلست المحاميَّة وأخبرتهما بأنَّ والدهما كان يتوقَّع أن يغدر به أخيه إن حصل له هو أيّ مكروه وأن يزوِّر أوراق الميراث لكي يسلبه حقّه، وكَون أبيكما رجلاً صالحاً فلم يُرِد أن تتشرَّدا من بعده، لذلك اشترى قبلَ وفاته قطعة أرض كبيرة وكتبَها باسمِكُما دون عِلمِكُما، وأوصاني أن أُسلِّمكُما الأوراق الرَّسميَّة إن حصل له أيّ مكروه.

العبرة

في حين ظنَّت سامية وأخوها سامي أنَّ والدهما تركهما في مهَبّ الرِّيح، كان والدهما المُحِبّ الحنون يُحضِّر سِرّاً لاستقرارهما ولبناء مستقبلهما دون أن يعلَما. فإن كان الأب الأرضي يفكِّر في مصلحة أبنائه ويخبِّئ لهم الخير والصَّلاح، فكم بالحَرِي الله الآب السَّماوي العظيم القادر على كل شيء والذي يعطي أبناءه الواثقين فيه والمتَّكِلين عليه ويعرف احتياجاتهم ويخبِّئ لهم الخير دوماً.

“مِثْلَمَا يَعْطِفُ الأَبُ عَلَى بَنِيهِ يَعْطِفُ الرَّبُّ عَلَى أَتْقِيَائِهِ.” (مزمور 13:103)


مقالات مُشابِهة

حين تتحول البركة إلى لعنة
حين لا ينفع الندم
قصة سارة


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.