بعد أن كتبت أملاكها لاِبنها، قرَّرت كنَّتها أن ترميها خارج المنزل، فماذا حصدَ الاِبن العاق وزوجته؟
كانت سِهام قابِعةً في سريرها تتظاهر بالنَّوم تحت غِطائها وهي تسمع الحِوار الذي يدور بين وحيدها وزوجته، حيث كان ابنها يرجو زوجته ويقول لها: حبيبتي إلى أين سأُرسِل أمي؟ فنحن نعيش في بيتها.
فردَّت عليه زوجته مُتذمِّرة: لا يهمُّني، لماذا تزوَّجتني إن لم يكُن لديكَ منزل خاص بِك، أرسلها لتعيش مع شقيقتك. أجابها: تكلَّمتُ مع أُختي في الموضوع كثيراً، لكنَّ زوجها رافِض الأمر كُلِّيّاً لأنَّ أهلي كتبوا هذا البيت وقطعة الأرض بِاسمي أنا وحرَموا شقيقتي من ميراثها.
“لا يهُّمني ذلك، اِختَر بيني وبين أُمّك” هكذا ردَّت زوجتهُ بِانفعال وعدَم مُبالاة، تارِكةً زوجها بين خيارَين أحلاهُما مُرّ.
وفي الصَّباح الباكر وقبل أن يستفيق الاِبن وزوجته، حملَت سِهام حقيبةً وضعَت فيها كل ما تحتاجه وتوجَّهت لمنزل شقيقتها سَليمة التي استقبلتها بالتَّرحاب وسألتها: ما بكِ يا أُختي ولماذا وجهكِ مُتجهِّم هكذا؟ فراحت سِهام تسرد على مسامع شقيقتها الحِوار الذي سمعتهُ بين ابنها وكنَّتها، فانتفضت سَليمة وقالت: اِسمعي لا تكوني حمقاء، المنزل منزلكِ أنت طالما أنَّك على قيد الحياة، اطرُديهِ وزوجتهُ خارِجاً.
انتفضت سِهام وقالت: ماذا تقولين يا سَليمة إنَّه ابني الوحيد الذي ربَّيتهُ بدُموعي والذي صلَّيتُ دَوماً لكي أراهُ زَوجاً وأباً صالِحاً، والآن تُريدينني أن أطرُده! لا أستطيع فعل ذلك، لا أستطيع. ردَّت سَليمة: إذاً اسكُني معي فمنزلي واسِعٌ رَحب كما ترَين، وأنا لم أُرزَق بأطفال وزوجي متوفّي كما تعلمين، وها أنا أسكن وحيدة. شكرَتها سِهام قائلة: لهذا قصدتُكِ يا أُختي لكي نَحيا معاً ما تبقَّى لنا من عُمر.
الخسارة
ولم يكَد يمُرّ سنتين حتّى توفِّيت سَليمة تارِكةً منزلها الكبير لشقيقتها سِهام، فزارَتها كنَّتها ترجوها أن تكتب البيت الأوَّل على حياتها لِابنها، وتقولُ بمَكر: أنتِ تعلمينَ يا أُمّي مَصاعب الحياة، ولو ساعدتِنا فسِعر هذا المنزل يُساوي الكَثير، بيعيهِ وتعالَي اسكُني معنا كما كُنَّا في السَّابق.
فأجابتها حماتها: كنتُ حمقاء مرَّةً يا ابنتي وطرَدتُ نفسي عِوضَ طردكُم خارِجاً، ولكنِّني بعد موتي سأترُك منزلي للفقراء والمحتاجين، ولن تنالوا بعد اليوم شيئاً منّي.
عدَم أمانة هذا الرَّجُل وزوجتهُ عادت عليهما بالخَسارة، فهي أكثر من مجرَّد خسارة بيت بل هي مشاعر الحُزن والجُحود التي تركَها الاِبن في قلب أُمّه. فسمع كلام زوجته وتركَ وصيَّة الرَّب التي تقول:
“أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ يَطُولَ عُمْرُكَ فِي الأَرْضِ الَّتِي يَهَبُكَ إِيَّاهَا الرَّبُّ إِلَهُكَ.” (سِفر الخُروج 12:20)
مقالات مُشابِهة
الصداقة الحقيقية
ما يزرعه الإنسان إياه يحصد
قصة سارة