إنسان يخرج من الماء بعد الولادة الجديدة

ماذا يعني مفهوم “الولادة الجديدة” أو “الولادة من فَوق” في الفكر المسيحي؟ هل له أساس كتابي؟ هل الولادة الجديدة ضروريَّة للخَلاص؟ كيف أُولَد من فَوق؟ وما هي علامات الولادة الجديدة؟ أدعوكَ لقراءة هذا المقال لنكتشف معاً هذا المفهوم.

يحتلّ مفهوم “الولادة من فَوق” الصَّدارة في التَّعليم المسيحي الكتابي، وسوف نتناول في هذا المقال المعنى الكتابي لهذا المفهوم وأهميَّته في الحياة المسيحيَّة، مع عرض المفاهيم الخاطئة عنه وتصحيح ذلك وفقاً لما جاء في الكتاب المقدَّس.

المعنى الكتابي

مصطلَح “الولادة من فَوق” أو (الولادة الثَّانية) مستوحى ممَّا قاله الرَّب يسوع في الإنجيل بحسب بشارة (يوحنَّا 3:3):

“فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لاَ أَحَدَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ إِلاَّ إِذَا وُلِدَ مِنْ جَدِيدٍ«.”

ويشير هذا المفهوم إلى عمل إلهي سِيادي تامّ، يقوم به الرُّوح القدُس لينال الشَّخص بواسطته الحياة الأبديَّة. وتحدث الولادة الجديدة عندما يتفاعل الإنسان ويؤمن (إيمان قلبي) بعمل الله الخلاصي على الصَّليب فتحدث المعجزة (يوحنَّا 12:1-13):

“أَمَّا الَّذِينَ قَبِلُوهُ، أَيِ الَّذِينَ آمَنُوا بِاسْمِهِ، فَقَدْ مَنَحَهُمُ الْحَقَّ فِي أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، وَهُمُ الَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلاَ مِنْ رَغْبَةِ جَسَدٍ، وَلاَ مِنْ رَغْبَةِ بَشَرٍ، بَلْ مِنَ اللهِ.”

وهو عمل خارق للطَّبيعة يقوم به روح الله، والذي بمقتضاه يحيا الخاطئ الميت روحيّاً، وتتغيَّر طبيعته الفاسدة ليتمكَّن من التَّجاوب مع دعوة الإنجيل بالتَّوبة والإيمان بيسوع المسيح.

spirit in arabic

هل الولادة الثانية ضرورية، ولماذا؟

نعم بكل تأكيد، فلا وجود في حضرة الله ولا تواصل معه إلَّا بالحصول على هذه “الحياة الجديدة” بالوِلادة الثَّانية، وذلك لأنَّ طبيعتنا الآدميَّة السَّاقطة (الإنسان الطبيعي):

  1. فاسدة وشرِّيرة (التَّكوين 21:8)، ذات قلب خدَّاع (إرميا 9:17)، لا يسكن فيها شيء صالح (روما 18:7)، ولا نُقبَل بها في حضرة الله.
  2. ميتة بالذُّنوب والخطايا (أفَسُس 2:2).
  3. لا تريد عمل الصَّلاح الذي يرضي الله، بل هي عاجزة كل العجز عن فعل الصَّلاح (روما 7:8-8).
  4. في عداوة مع الله (روما 10:5).

كيف نحصل عليها وما الأساس الذي تستند عليه؟

الولادة الثَّانية هي عمل إلهي 100% وهي ليست شيئاً يُضاف إلى حياتنا، بل هي حياة جديدة في ذاتها. هي أن نصير شخصاً جديداً بقلبٍ جديد يسعى لإرضاء الله. وهذا يحدث لكل من يقبَل المسيح بالإيمان القلبي، فلا يمكننا الحصول عليها بالأعمال الصَّالحة أو ممارسة الطُّقوس والفروض الدِّينيَّة ولا أيّ أعمال جسديَّة، فالأمر يخصّ الله، وأساسها كفَّارة المسيح وشرط نوالها الإيمان القلبي.


الولادة الثانية هي عمل إلهي 100%، أساسها كفارة المسيح وشرط نوالها الإيمان القلبي.


العوامل الرئيسية في الولادة الثانية وصفاتها

هناك عاملان رئيسيَّان في الولادة من فَوق: الأوَّل، كلمة الله (بطرُس الأولى 23:1)، فنحن نسمع كلمة الحق ونؤمن بها لنَخلُص وتتمّ الولادة الثَّانية عندما نؤمن بصدق كلمة الله ونطيعها. الثَّاني، الرُّوح القدُس (تيطُس 5:3)، فهو يُجري هذا التَّغيير ويُبكِّت الإنسان على الخطيَّة ويقوده إلى المسيح، فعمل الرُّوح القدُس يبدأ بالتَّبكيت وقيادة المؤمن نحو حياة طاهرة. ويمكننا أن نميِّز “الوِلادة الثَّانية” بأنَّها حدث فوري، نهائي، تامّ، حاسِم، وجذري يحدث مرَّة واحدة وله نتائج دائمة، وليس اختباراً يحدث على مراحل.

نتائج الولادة من فوق

هناك بركات لا حصر لها ونتائج كثيرة تحدث جرَّاء الولادة من فوق لكن أهمّها:

  1. الطَّبيعة الجديدة التي تميل لكل ما يُرضي الله (أفَسُس 24:4).
  2. الصَّلاة والتَّحدُّث مع الله (غلاطية 6:4) فنميل إلى مُناجاة الله والشَّرِكة معه والوجود في محضره.
  3. محبَّة الآخرين ولا سيَّما المؤمنين (يوحنَّا الأولى 3:2).
  4. سُكنى روح الله فينا (روما 9:8).
  5. محبَّة اللَّهج في كلمة الله (بطرُس الأولى 3:2)، فالمولود من الله يجد لذَّته العظمى في سماع صوت الله أبيه من خلال الكلمة المقدَّسة.
  6. السَّعي في الابتعاد عن ممارسة الخطيَّة والشَّر (يوحنَّا الأولى 9:3).
  7. جَعلنا أبناء ضمن عائلة الله (يوحنَّا الأولى 1:3).
holy spirit in arabic

مفاهيم مغلوطة وخاطئة

لا توجد ثمَّة علاقة بين “الوِلادة الجديدة” وبين “معموديَّة الماء”، فالمعموديَّة هي “دَفن” وليست وِلادة جديدة، ولا علاقة لها بالوِلادة ولا بالحياة، فلا توجد في كل الكتاب المقدَّس عِبارة أو نَصّ أو أيَّة إشارة تربط الحياة بالمعموديَّة، بل على العكس إنَّ المعموديَّة تعني الموت والدَّفن، ويُمارسها المؤمن بعد أن يولَد من فَوق كإعلان على دَفن طبيعته القديمة وقيامته مع المسيح. أمَّا الماء الذي يستخدِمه الرُّوح القدُس لوِلادة المؤمن فهو كلمة الله.

والآن عزيزي القارئ… هل تشتاق لأن تكون إنساناً جديداً؟ هل تريد أن يكون لك علاقة حقيقيَّة مع الله؟ إذا كانت إجابتك نعم، فيَنبغي أن تولَد من فَوق، وعليكَ أن تقبَل بالإيمان عمَل الرُّوح القدُس داخل قلبك لتصبح خليقة جديدة. تواصل معنا لنساعدك في هذه الخطوة.

Pic of Timothy

الكاتب: الأخ تيموثاوس

Writer & Masters in Biblical Theological Studies


مقالات مُشابِهة

مفاهيم خاطئة شائعة عن المسيحية
ميلاد يسوع
من هو الروح القدس


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.