من المُتَعارَف عليه أنَّ كُل المؤمنين بيسوع المسيح هُم مُعَمَّدين، لكن هل هذه المَعموديَّة ضَروريَّة لخَلاص الإنسان؟ في هذا المقال سندخُل إلى عُمق نُصوص الكِتاب المُقدَّس لكي نُجيب على هذا السُّؤال.
من المُتَعارَف عليه أنَّ كُل المؤمنين بيسوع المسيح هُم مُعَمَّدين، لكن هل هذه المَعموديَّة ضَروريَّة لخَلاص الإنسان؟ في هذا المقال سندخُل إلى عُمق نُصوص الكِتاب المُقدَّس لكي نُجيب على هذا السُّؤال.
فَإِنَّ الْمَسِيحَ نَفْسَهُ مَاتَ مَرَّةً وَاحِدَةً لِكَيْ يَحُلَّ مُشْكِلَةَ الْخَطَايَا. فَمَعَ أَنَّهُ هُوَ البَارُّ، فَقَدْ تَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِنَا نَحْنُ الْمُذْنِبِينَ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ، فَمَاتَ بِجِسْمِهِ الْبَشَرِيِّ، ثُمَّ عَادَ حَيّاً بِالرُّوحِ. بِهَذَا الرُّوحِ نَفْسِهِ، ذَهَبَ وَبَشَّرَ الأَرْوَاحَ السَّجِينَةَ. وَذَلِكَ بَعْدَمَا رَفَضُوا الْبِشَارَةَ فِي أَيَّامِ نُوحٍ، عِنْدَمَا كَانَ اللهُ يَتَأَنَّى صَابِراً طَوَالَ المُدَّةِ الَّتِي كَانَ نُوحٌ يَبْنِي فِيهَا السَّفِينَةَ، الَّتِي نَجَا بِهَا عَدَدٌ قَلِيلٌ مِنَ النَّاسِ عَبْرَ الْمَاءِ، ثَمَانِيَةُ أَشْخَاصٍ فَقَطْ! (رسالة بطرُس الأولى 18:3-21).
نَرى في هذا المَقطَع كيف أنَّ الكاتِب يُعَلِّم عن المَعموديَّة من خِلال مُقارَنَتها بقصَّة نوح.
- الله صَبور
الفُلك لم يَكُن مَشروعاً سَريعاً، بل احتاجَ وَقتاً طَويلاً ليُعطي فُرصة للنَّاس كَي يَتوبوا ويَدخُلوا الفُلك. - الحقيقة لم تبقى سِرّاً
كانَ من المَقصود أن يكون بِناء الفُلك واضِحاً للجَميع كَطَريق للخَلاص. - الطاعة هي طريق الخلاص
الذينَ أطاعوا نِداء نوح ودَخَلوا الفُلك هُم الذينَ أُنقِذوا فقَط.
الإعلان عن طاعة الله
الله في الرُّوح ومن خِلال النَّبي نوح، أعلنَ الحَقّ لكُل النَّاس في أيَّام نوح.³ ² ¹ وهذه الفَترة امتَدَّت من 50 إلى 100 عام.⁴ كانَ الفُلك (السَّفينة الكَبيرة) هائِل الحَجم وقَد بُنِيَ على اليابِسة، لذلك هذا الأمر لم يَكُن سِرّاً. كُل البَشَر بِاستِثناء 8 أشخاص رَفَضوا الإعلان المُقَدَّم من نوح وأظهَروا عِصيانهُم لله. ونَرى هُنا ثلاثة أُمور:
يسوع المسيح هو الفُلك اليوم
إن كُنتَ في تقرأ هذا المقال، فأنتَ على دِراية بالنُّقطَتين 1و2 أعلاه. لقَد اختَبَرتَ صَبر الله على حَياتك لغايَة هذه اللَّحظة وسَمِعتَ الأخبار السَّارَّة أنَّ يسوع المسيح قَد ماتَ من أجل خَطاياك، آخِذاً عُقوبَتك، ومانِحاً لك عَطِيَّة الحَياة الأبَدِيَّة الثَّمينة مَجَّاناً.
في أيَّام نوح، النُّقطة الثَّالثة أعلاه تَعني أنَّ النَّاس:
- تَوَقَّفوا عن حَياة الخَطيئة.
- أطاعوا وَصايا الله.
- خَلصوا بدُخولهِم للفُلك.
في يَومِنا هذا، تعني النُّقطة الثَّالثة أن:
- تتوَقَّف عن حَياة الخَطيئة التي تَحياها.
- تُطيع وَصايا الله.
- تَخلُص بالمَعموديَّة.
ما الذي يُخَلِّصك؟
واحِدة من أساسِيَّات المسيحيَّة أنَّنا نَخلُص بالإيمان وليسَ بالأعمال الصَّالِحة. “فَإِنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْكُمْ. إِنَّهُ هِبَةٌ مِنَ اللهِ، لاَ عَلَى أَسَاسِ الأَعْمَالِ، حَتَّى لاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ.” (أفَسُس 8:2-9)
لذلك عندما نقرأ في رسالة بطرُس الأولى 21:3، “وَعَمَلِيَّةُ النَّجَاةِ هَذِهِ مُصَوَّرَةٌ فِي الْمَعْمُودِيَّةِ.” قَد يَبدو الأمر مُتَناقِضاً. دَعونا نُلقي نَظرة أعمَق على ما يقولهُ بطرُس هُنا…
قبلَ ذلك: طَلَبَ الله من نوح أن يَبني الفُلك ويَخلُص من الطُّوفان.
الآن: الله يَطلُب من المؤمنين أن يَتَعَمَّدوا ويَخلُصوا من الخَطيئة.
ما الذي خَلَّص تِلكَ النُّفوس الثَّمانِية وأنقَذهُم من الطُّوفان؟
الفُلك؟
نوح؟
طاعَتهُم؟
الله؟
من الواضِح أنَّ كُل النِّقاط التي ذُكِرَت أعلاه هي التي أنقَذَت تِلكَ النُّفوس. فالخَلاص من الطُّوفان بَدا وكأنَّ:
الله يَطلُب من نوح أن يَبني فُلكاً
نوح يَبني الفُلك
نوح يَكرِز للنَّاس
النَّاس يَستَجيبون لإعلان نوح عبرَ طاعَتهِم
النَّاس يَدخُلون الفُلك
الأمر ذاته ينطَبِق على الخَلاص اليَوم. نحنُ مُخَلَّصون عبرَ ذَبيحَة المسيح على الصَّليب. لَسنا بحاجة لأيّ شَيء إضافي. لكن كيفَ يَتِمّ ذلك؟
الله يُرسِل ابنهُ إلى الأرض
يسوع يموت على الصليب من أجل خطايانا
الناس يُبَشِّرونَنا بالبُشرى السَّارَّة
نَستَجيب لهذا الإعلان عبرَ الطَّاعة
ثُمَّ نَأخُذ القَرار بأن نَتَعَمَّد
بهذا نَرى أنَّ المَعموديَّة جزء من الرِّحلة التي يَقوم بِها جَميع المؤمنين لدُخول الحَياة الأبَدِيَّة.
فَإِنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ
هل يمكن لأي شخص أن يَخلُص دون أن يتعمد؟
إذاً إن كانَت المَعموديَّة هي للخَلاص كما كانَ الفُلك لخَلاص النَّاس من الطُّوفان، فماذا يَحدُث لأحَدهم إن لم يَعتَمِد؟ بمعنى آخَر، هل يُمكِن لأيّ شَخص أن يَخلُص إن لم يَعتَمِد؟
هذا سؤال جَيِّد وفي مَكانهِ. إذا ذَهَبنا إلى النُّصوص المُقدَّسة، فلدَينا مِثال واضِح واحد على الأقل لشَخص آمَنَ بيسوع المسيح كمُخَلِّص لهُ ودَخَلَ الفِردَوس، على الرّغم من أنَّهُ لم يَعتَمِد. قالَ يسوع لهذا المُجرِم الذي آمَنَ بهِ: “فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: الْيَوْمَ سَتَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ. ” (إنجيل لوقا 43:23)
من الواضِح الآن، أنَّهُ يُمكِن للمَرء أن يَدخُل السَّماء دونَ أن يَعتَمِد. لكن مُعظَم النَّاس لا يؤمنونَ بالمسيح في السَّاعات الأخيرة من حَياتهِم كما فَعَلَ اللِّص على الصَّليب. المَعموديَّة هي خطوة طَبيعِيَّة من الحَياة المسيحِيَّة يَقوم بِها جَميع المؤمنين كعَمَل طاعة لله.
ماذا تقدم المعمودية في الواقع للمؤمن؟
إن كانَ بإمكان المَرء أن يَدخُل الفِردَوس دونَ أن يَتَعَمَّد، فما هي أهَمِّيَّة المَعموديَّة؟ وما الذي تَفعَلهُ في الواقِع؟
في رسالة بطرُس الأولى 21:3، نقرأ أنَّ المَعموديَّة هي: “…هِيَ تَعَهُّدُ ضَمِيرٍ صَالِحٍ أَمَامَ اللهِ بِفَضْلِ قِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ”. هُنا كَلِمَة “تَعَهُّد” مُتَرجَمة من الكَلِمة اليونانِيَّة ἐπερώτημα⁵ والتي يُمكِن أن تَعني: الاِستِفسار، التَّعَهُّد، الاِستِجابة، والطَّلَب. ⁷ ⁶ بغضّ النَّظَر عن كَيفِيَّة تَرجَمتها، فمن الواضِح أنَّ المَعموديَّة هي إعلان والتِزام قَوي من قِبَل الفَرد بأنَّ يسوع المسيح هو رَبّهُ ومُخَلِّصهُ.
الخُلاصة
المَعموديَّة هي خطوة مُهِمَّة جِدّاً لكُل مؤمن في عَلاقَتهِ مع الله. هي عَلامَة العَهد مع الله. كيفَ ومَتى تَتِمّ فهذا يَعتَمِد على الفَرد. المَعموديَّة لن تُطَهِّركَ من خَطاياك ولن تُعطيكَ الحَياة الأبَدِيَّة. فقَط دَم وذَبيحَة يسوع المسيح يُمكِن أن تُخَلِّصك. ومع ذلك، من المُهِمّ جِدّاً أن يَتَّخِذ المؤمن هذه الخطوة الهامَّة في الاِلتِزام لِرَبِّه ومُخَلِّصهِ يسوع المسيح.
- هذا تَفسير واحِد لمَقطَع كِتابي صَعب. يقول جيل: المَعنى الواضِح والسَّهل لهذه الكَلِمات هو أنَّ المسيح، من خِلال روحِه الذي فيه أصبحَ مُقاماً، ذهب في خِدمَة نوح واعِظ البِرّ، وبَشَّرَ بالكَلِمات والأفعال، من خِلال الكِرازة الشَّخصِيَّة للنَّبي نوح.
- كُتُب الأبّوكريفا مثل (سِفر اليوبيلات) وأعمال مثل (آثار يوسيفوس) تحتوي على إشارات غير واضِحة عن كِرازَة نوح، وعَمَل آخَر من التَّاريخ القَديم (The Sibylline Oracles) يَصِف كِرازَة نوح بهذه الطَّريقة.
- نقرأ في رِسالة بطرُس الثَّانِية 5:2 أنَّ نوح كانَ (كارِزاً بالبِرّ).
- أسئِلة حَول فُلك نوح: كَم من الوَقت استَغرَقَ نوح لبِناء الفُلك؟ كَم المُدَّة التي بَقِيَ فيها نوح على الفُلك؟ CompellingTruth.org
- Strong’s Concordance 1906. eperótéma
- لهذه الآية تَفسيرَين مُحتَمَلَين. التَّفسير الأوَّل أنَّ هذه إجابَة الشَّخص على سُؤال. والتَّفسير الثَّاني أنَّ هذه استِجابة يَقوم بِها الشَّخص من تلقاء نَفسِه.
- خِلال المَعموديَّة تُطرَح عادَةً بَعض الأسئِلة على الشَّخص المُعتَمِد: “هل تَنتَهِر إبليس؟”، “نعم أنتَهِرهُ”. “هل تؤمن بالمسيح؟”، “نعم أؤمن به”. الطَّريقة الثَّانِية التي تُطرَح بِها الأسئِلة أحياناً تكون على الشَّكل التَّالي: “هل تَتَّخِذ مَوقِف مع المسيح؟” والإجابة تكون “نعم أنا أتَّخِذ مَوقِف مع المسيح”. من خِلال هذه الطَّريقَة في طَرح الأسئِلة نَجِد المَعنى الذي كانَ يَشرَحهُ القِدِّيس بطرُس.
مقالات مُشابِهة
آيات عن المعمودية
متى يجب أن أتعمد؟
ماهي بركات المعموديّة؟
الأساسيات في المسيحية