شَهِدَ التاريخ رجال ونساء استخدمهم الله، ليكونوا كحجارة حيّة، ليشبعوا العالم الجائع للحقيقة من حولنا. متى هو أحد هؤلاء الذين دعاهم الرب يسوع. فدعاه الرب يسوع ليكون منارة بها يستخدم الله كلماته ليُسَطِر حياة الناس ليصيروا أكثر شبهًا بالمسيح. فمن هو متى الرسول؟
حياته قبل الدعوة
اسم متى بالعبري هو מת ويعني “عطية الله”. أيضًا متى له اسم آخر ورد في إنجيل لوقا ومرقس وهو اسم لاوي. لاوي هو اسم عبري آرمي تعني مُقترن. فمتى هو شخص معاصر للمسيح، من القرن الأول. وهو من سبط يسّاكر من الناصرة بإقليم الجليل. وكان متى عشارًا جابيًا للضرائب في مدينة كفر ناحوم. وكان يعمل جابيًّا لصالح الدولة الرومانيّة المُحتلة لذلك كان مكروهًا من الشعب خصوصًا لقسوته وظلمه.
دعوة المسيح له
لقد دعا السيد المسيح متى ليكون تلميذًا له. فقام متى في الحال، وترك كل شيء وتبع المسيح، مُعلمًا إيانا كيف تكون الاستجابة للدعوة. وبعد دعوته، ومن فرحه باختيار يسوع له، دعى متى السيد المسيح في وليمة في بيته. وقد دعى عدد كبير من العشارين. انتقد الكتبة والفريسين هذا، فأعلن لهم السيد المسيح أنه جاء ليدعو الخطاة إلى التوبة. ومنذ ذلك اليوم رافق متى يسوع ورأى معجزاته وسمع تعليمه.
حياته بعد الدعوة
فمتى هو أحد الاثني عشر رسولًا الذين اختارهم المسيح حيث ذُكر اسمه الثامن في التلاميذ الاثني عشر في متى الإصحاح العاشر. استخدم الله متى الرسول ليكتب جزء من الوحيّ. حيث كتب إنجيل متى Κατά Μαθθαίον في العهد الجديد، لذلك يلقب بالإنجيلي. وفي قانونية الأسفار، وضعت الكنيسة إنجيله كأول سفر في العهد الجديد لعوامل كثيرة أهمها أنه كتب إنجيله لليهود مُقدمًا لهم المسيح كملك إسرائيل، وانه ابن داوود الملك المنتظر بحسب وعد الله والنبوات التي انزلت في العهد القديم. لتواضعه ذَكَرَ اسمه في الإنجيل الذي كتبه باسم “متى العشار” اعترافًا بخطاياه السابقة. تحدث القديس أكلمندس عن شهرة متى الرسول بالنسك والزهد والعفاف وعدم تناول اللحم مكتفيًّا بالأعشاب والبقول والنباتات.
بشر متى أولًا في أورشليم وفي صور وصيدا وبلاد فلسطين لمدة 15 عام، واثناءها كتب إنجيليه. بعض المصادر تقول انه كتب إنجيليه بالآرامية، اللغة التي كان يتخاطب بها الناس في وقت المسيح في فلسطين، وهي قريبة من اللغة السريانيّة جدًا. الاختلاف بينهم طفيف مثل الاختلاف بين اللهجة العربيّة المصريّة والسوريّة.
كلما تمعنت النظر في حياة متى الذي كان عشارًا مكروهًا وتحول إلى متى الرسول الزاهد عن أمور الدنيا، ترى انعكاسًا لجمال معرفة المسيح وقوة التغيير التي يحدثها المسيح عندما يسلم الإنسان له حياته. فيتغيّر ويتجدد ويعرف معنى الحياة الحقيقيّ بعيدًا عن سطحيّة أمور العالم. وكل إنسان فينا مدعو لهذا التغيير، مهما كانت حالتك، فمتى كان مكروهًا جابيًّا للضرائب لكن المسيح غيّرهُ. فالمسيح لا يختار على أساس مقاييس العالم لكنه يدعونا جميعًا ليغيرنا ويجددنا ويستخدمنا. فلا تتأخر وقل نعم لدعوة المسيح كما فعل متى واترك ماضيك، وعش مع الله واستكشف رحلة التغيير معه.
الكاتبة: لمياء نور
Masters of Arts in Theology, ETSC
مقالات مُشابِهة
إنجيل متى في ثلاث أقسام
ما هو إنجيل متى؟