يُقال أنَّ لكُلِّ امرِئٍ من اسمهِ نَصيب، ونَرى في الكِتاب المُقدَّس أنَّ تَغيير الرَّب لأسماء الأشخاص بعدَ دَعوَتهِ لهُم كانَ أمراً شائِعاً، فالاِسم الجَديد يعني هوِيَّة جَديدة تَتوافَق مع الدَّعوة الجَديدة.
نقرأ في سِفر التَّكوين أنَّ سارة زَوجة النَّبي إبراهيم كانَ اسمُها ساراي الذي يعني (أميرَتي)، لكنَّ الله غَيَّر لها اسمها وأطلَقَ علَيها اِسم سارة الذي يَعني (أميرة) وبذلك نَقَلَها الرَّب من خُصوصِيَّتها كَما فَعَلَ مع شَريكها إبراهيم الذي كانَ اسمهُ أبرام (أي الأب الرَّفيع) ليَجعَلهُ إبراهيم أي (أبٌ لجُمهورٍ من الأُمَم)، وكذلكَ أيضاً سارة التي أصبحَت أميرة ليسَ فقَط لإبراهيم بَل لكُل من يَتمَثَّل بِإيمانِها.
“وَقَال الرَّبُّ لإِبْرَاهِيمَ: أَمَّا سَارَايُ زَوْجَتُكَ فَلاَ تَدْعُوهَا سَارَايَ بَعْدَ الآنَ، بَلْ يَكُونُ اسْمُهَا سَارَةَ (وَمَعْنَاهُ أَمِيرةٌ).” (سِفر التَّكوين 15:17)
حُرِمَت سارة من الأُمومة وعاشَت مُعظَم سَنَوات حَياتها عاقِراً لا تُنجِب، لكن هذا الأمر لم يَدُم بل كانَ إلى حين. لأنَّ الله وَعَدَها بِنَسل، وقَد أظهَرَت سارة إيماناً عَظيماً إذ حَسِبَت أنَّ الله الذي وَعَدَها هو أميناً وسَيَفي بوَعدهِ، فصَحيحٌ أنَّها كانَت قَد تَخَطَّت سِنّ الإنجاب ولم تَعُد قادِرة على الحَمل بسبَب التَّقَدُّم بالعُمر، إلَّا أنَّها كانَت تَعلَم أن لا شَيء مُستَحيل عند الله.
“وَبِالإِيمَانِ أَيْضاً، نَالَتْ سَارَةُ زَوْجَةُ إِبْرَاهِيمَ قُدْرَةً عَلَى الإِنْجَابِ، فَوَلَدَتِ ابْناً مَعَ أَنَّهَا كَانَتْ قَدْ جَاوَزَتْ سِنَّ الْحَمْلِ. وَذَلِكَ لأَنَّهَا آمَنَتْ بِأَنَّ اللهَ، الَّذِي وَعَدَهَا بِذَلِكَ، لاَبُدَّ أَنْ يُحَقِّقَ وَعْدَهُ.” (الرِّسالة إلى العِبرانِيِّين 11:11)
كانَت سارة اِمرَأةً خاضِعة لزَوجِها ومُطيعة لهُ، لكن هذا لا يَعني أنَّهُ لم يكُن لها رَأي أو أنَّ حُقوقها كانَت مَهدورة أو أنَّها مُعَنَّفة من قِبَل زَوجِها، بل إنَّ خُضوعها كانَ نابِعاً من مَحَبَّتِها الكَبيرة واحتِرامِها وتَقديرها لهُ. لكن كما كُل البَشَر فإنَّ سارة كانَ لها أخطاؤها التي لا يَتوانى العَهد القَديم عن ذِكرِها، إلَّا أنَّ الكِتاب المُقدَّس يُرينا دائِماً أنَّ دَعوَة الرَّب للأشخاص مَبنِيَّة على نِعمَتهِ وليسَ على صَلاحِهم.
يقول جون ماك آرثر عن سارة: “في الحَقيقة، مِثلَما يُصَوِّر العَهد الجَديد إبراهيم على أنَّهُ أبٌ روحِيّ، لكُل من يؤمِن (روما 9:4-11، غلاطية 7:3). هكذا يَتِمّ تَصوير سارة على أنَّها الأُم الرُّوحِيَّة والمِثال الصَّالِح للنِّساء (1 بطرس 6:3). وفَضلاً عن أنَّهُ يَتَغاضى عن تِلكَ المَواقِف التي أساءَت فيها سارة التَّصَرُّف بوُضوح. فإنَّهُ يُخَلِّدها كامرَأة مِثالِيَّة، تُمَيِّزها زينَة الرُّوح الوَديع الهادِئ (1 بطرس 4:3).
وكما أعطى الرَّب هوِيَّة جَديدة لسارة وإبراهيم والكَثير من أبطال الإيمان، فإنَّ الرَّب اليَوم يُعطي هوِيَّة جَديدة في المسيح لكُل من يؤمن بهِ لكي يُتَمِّم مَشيئَة الله الصَّالِحة مَهما كانَ عُمره وكَيفَما كانَ حاله. ومن خِلال قِصَّة سارة نَتعَلَّم أيضاً أنَّ الثِّقة بمَواعيد الله هي المِفتاح الأساسي للصَّبر الذي سيَقود للفَرَج، فَمَهما بَدت الظُّروف عَصيبة إلَّا أنَّ الله قادِر على كُل شَيء ولا يَعسُر عليهِ أمر، فهو أمين وصادِق في وُعودهِ الكَثيرة التي يَعِد بها كُل المؤمنين. فقَط اتَّكِل عليهِ من كُل قَلبك وارفَع طلبَتكَ أمامهُ بالصَّلاة، وانتَظِر تتَميمَ وُعود الذي عندهُ للمَوت مَخارِج.
“وَأَمَّا ٱلْإِيمَانُ فَهُوَ ٱلثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَٱلْإِيقَانُ بِأُمُورٍ لَا تُرَى.” (الرِّسالة إلى العِبرانِيِّين 1:11) AVD
مقالات مُشابِهة
الأخبار السارة
كلمة الله عن سارة
الطريق الوحيد