جرة سكب النقود والعملات المعدنية

هناك بعض الأمور في الحياة تبدو وكأنها بين خطيّ السماء والجحيم، قد تكون سبب في سلوكك حسب مشيئة الله، وقد تكون سببًا أساسيًّا في سقوطك في الخطيّة. يُعتبر المال إحدى الأمور التي إذ أغفلت تأثيرها على حياتك وطريقة تفكيرك وسلوك، قد تسبب سقوطك. فما هو موقف المسيحيّة من المال؟

بالتأكيد إنّ المال أو الغنى هو إحدى هبات الله، مثله مثل أي خيّر في الحياة. فنقرأ في الكتاب المقدس، في العهد القديم:

وَلَكِنِ اذْكُرُوا أَنَّ الرَّبَّ إِلَهَكُمْ هُوَ الَّذِي يَمْنَحُكُمُ الْقُوَّةَ لإِحْرَازِ الثَّرْوَةِ، وَفَاءً بِوَعْدِهِ الَّذِي أَقْسَمَ عَلَيْهِ لِآبَائِكُمْ كَمَا فِي هَذَا الْيَوْمِ.
تثنية 8: 18

فعندما يكسب الإنسان المال، هذا عطيّة من الله، نقبلهُ بشكر مُقدمين المجد لله. فالمال في حد ذاتهُ ليس شرًا، إذًا ما مشكلة المال؟ وكيف قد يكون سببًا في سقوطي في الخطيّة؟

الخطر الأول

تقريبًا يستخدم الإنسان المال يوميًّا، لذلك أحيانًا يبدو وكأن المال عماد الحياة، فيعتمد عليه الإنسان. وبصورة واعيّة أو غيّر واعيّة يضع الإنسان اتكاله على المال أنه هو مصدر ومُعتمد حياتهُ، وهنا يكمن الخطر الأول للمال. فأن تضع اِتكالك على المال على أنه مصدر حياتك هذا إشراك بالله، فكأنك وضعت شيء آخر غيّر الله هو مصدر حياتك ومُتكلك، حيث نقرأ في الكتاب المقدس، في كلا العهيدن كثير من الآيات التي تُحذر الإنسان من الاتكال على المال، على أنه هو أساس حياته ومُتكله مثل:

مَنْ يَتَّكِلُ عَلَى غِنَاهُ يَسْقُطُ،
الأمثال 11: 28

وَقَالَ لِلْجَمْعِ: «احْذَرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ. فَمَتَى كَانَ الإِنْسَانُ فِي سِعَةٍ، لَا تَكُنْ حَيَاتُهُ فِي أَمْوَالِهِ».
إنجيل لوقا 12: 15

أَوْصِ أَغْنِيَاءَ هَذَا الزَّمَانِ أَنْ لَا يَتَكَبَّرُوا، وَلا يَتَّكِلُوا عَلَى الْغِنَى غَيْرِ الثَّابِتِ، بَلْ عَلَى اللهِ الَّذِي يَمْنَحُنَا كُلَّ شَيْءٍ بِوَفْرَةٍ لِنَتَمَتَّعَ بِهِ،
رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس 6: 17

الخطر الثاني

أحيانًا وجود المال الوفير يجعل حياة الإنسان أكثر راحة، وبسبب هذه النقطة قد يقع الإنسان في محية المال لأنه هو مصدر راحته، وهنا يكمن الخطر الثاني للمال. فبسبب هذه النقطة قد يقع الإنسان في محبة المال، والطمع، والرغبة في المزيد، وأحيانًا التكبر حيث نقرأ:

فَإِنَّ حُبَّ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ شَرٍّ؛ وَإِذْ سَعَى بَعْضُهُمْ إِلَيْهِ، ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ.
رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس 6: 10

اجْعَلُوا سِيرَتَكُمْ مُتَرَفِّعَةً عَنْ حُبِّ الْمَالِ، وَاقْنَعُوا بِمَا عِنْدَكُمْ، لأَنَّ اللهَ يَقُولُ: «لا أَتْرُكُكَ، وَلا أَتَخَلَّى عَنْكَ أَبَداً!»
الرسالة إلى العبرانيين 13: 5

وَقَالَ لِلْجَمْعِ: «احْذَرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ. فَمَتَى كَانَ الإِنْسَانُ فِي سِعَةٍ، لَا تَكُنْ حَيَاتُهُ فِي أَمْوَالِهِ».
إنجيل لوقا 12: 15

الخطر الثالث

كنتيجة للنقطة السابقة يبدأ الإنسان ينهم في الأخذ اكثر من العطاء لأنه بدأ يحب المال. وهذا هو الخطر الثالث للمال. فتعاليم المسيح تدعو الإنسان إلى أن يُعطي أكثر من أن يأخذ. وهذا ما رأيناه في شخص المسيح فهو أعطي كل شيء للإنسان حتى ذاته، ويدعو الإنسان أن يعطي أيضًا حيث نقرأ:

وَاعْلَمْ هَذَا الأَمْرَ: أَنَّ أَزْمِنَةً صَعْبَةً سَتَعُمُّ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ؛ إِذْ يَكُونُ النَّاسُ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ، مُحِبِّينَ لِلْمَالِ، مُتَكَبِّرِينَ، مُبَاهِينَ بِأَنْفُسِهِمْ، شَتَّامِينَ، غَيْرَ مُطِيعِينَ لِوَالِدِيهِمْ، نَاكِرِينَ لِلْجَمِيلِ، دَنِسِينَ،
رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس 3: 1- 5

الخطر الرابع

كنتيجة لسقوط الإنسان في الثلاث أخطاء السابقة: من محبة المال، ووضع ثقة الإنسان في المال، والاتكال عليه، ثم الاخذ أكثر من العطاء، بهذه الطريقة يصبح الإنسان عبدًا للمال. فالخطر الرابع هو أن يصير الإنسان عبدًا للمال. وفي هذه الحالة يضع الكتاب المقدس عبوديّة المال كنقيض لمحبة الله. أي أن عبودبة المال ليس فقط ضررها أنها عبوديّة، بل أيضًا أنها تجذب الإنسان بعيدًا عن الله حيث نقرأ

لَا يُمْكِنُ لأَحَدٍ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِسَيِّدَيْنِ: لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ أَحَدَهُمَا وَيُحِبَّ الآخَرَ، وَإِمَّا أَنْ يُلازِمَ أَحَدَهُمَا وَيَهْجُرَ الآخَرَ. لَا يُمْكِنُكُمْ أَنْ تَكُونُوا عَبِيداً لِلهِ وَالْمَالِ مَعاً.
إنجيل متى 6: 24

مَا مِنْ خَادِمٍ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِسَيِّدَيْنِ: فَإِنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ أَحَدَهُمَا، فَيُحِبَّ الآخَرَ؛ وَإِمَّا أَنْ يَلْتَحِقَ بِأَحَدِهِمَا، فَيَهْجُرَ الآخَرَ. لَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَكُونُوا عَبِيداً لِلهِ وَالْمَالِ مَعاً».
إنجيل لوقا 16: 13

النظرة الكتابيّة للمال

فمن وجهة نظر كتابيّة يُعتبر المال في حد ذاته ليس شرًا، لكن النظرة غير الصحيحة، وغير الكتابية للمال قد تؤدي بنا إلى السقوط. والنظرة الكتابيّة كما رأينا في آيات الكتاب المقدس هي أن نتذكر دائمًا أن المال ليس هو الغايّة. فالمال ليس هو الشئ الذي نعيش من أجله. فنحن لا نعيش من أجل أن نكنز أموال في هذه الحياة، بل نعيش لنتمم رسالتنا ونحقق مشيئة الله وتتغير شخصياتنا لتصبح أكثر شبهًا بالمسيح. فنستطيع أن تكون حياتنا مثال عملي على أن سعادتنا وحياتنا مصدرها هو الله. ونستطيع أن نعيش بفرح سواء كُنا فقراء أو أغنياء فنقول مع بولس الرسول

فَالْحَيَاةُ عِنْدِي هِيَ الْمَسِيحُ،
الرسالة إلى فيلبي 1: 21

لَسْتُ أَعْنِي أَنِّي كُنْتُ فِي حَاجَةٍ، فَأَنَا قَدْ تَعَلَّمْتُ أَنْ أَكُونَ قَنُوعاً فِي كُلِّ حَالٍ. وَأَعْرِفُ كَيْفَ أَعِيشُ فِي الْعَوَزِ، وَكَيْفَ أَعِيشُ فِي الْوَفْرَةِ. فَإِنِّي، فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَفِي جَمِيعِ الأَحْوَالِ، مُتَدَرِّبٌ عَلَى الشَّبَعِ وَعَلَى الْجُوعِ، وَعَلَى الْعَيْشِ فِي الْوَفْرَةِ أَوْ فِي الْعَوَزِ.
الرسالة إلى أهل فيلبي 4: 11- 12

كلما تعمقت أكثر في معرفة ودراسة الكتاب المقدس، كلما ارتويت من المفاهيم الصحيحة لكل مُعطيّات الحياة، كلما استطعت أن تضع المال في مكانه الصحيح دون أن تُعظمه، ودون أن تحتقره؛ بل تُدرك أنه عطيّة من الله. وأنت عليك استخدامها الاستخدام الصحيح الذي يؤدي إلى إثمارك ونموك في المسيح. فما نحن إلا وكلاء على عطايّا الله المتنوعة، فتعلم كيف تكون وكيل أمين، وصلي دائمًا لئلا تسقط في عثرات معطيات الحياة مثل المال.

الكاتبة: لمياء نور

Masters of Arts in Theology, ETSC


مقالات مُشابِهة

آيات عن إقراض المال
آيات عن المال
نصيحة الله عن المال
خَطَر في الوَفرة


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.