يدعونا الكِتاب المُقدَّس لكي نُمجِّد الله قَولاً وفِعلاً، لذلك يجب أن نَفهم لماذا يُريد الله منَّا أن نُمَجِّدهُ وكيف علينا أن نقوم بذلك.
أَنَا هُوَ الرَّبُّ وَهَذَا اسْمِي. لاَ أُعْطِي مَجْدِي لِآخَرَ، وَلاَ حَمْدِي لِلْمَنْحُوتَاتِ.
سِفر إشَعياء 8:42
المَجد كَلِمَة بارِزة في الكِتاب المُقدَّس، تَعني في الأصل العِبري “الثِّقل”¹ وأن تُمَجِّد أحَدهُم يَعني أنَّكَ تَعتَبِر هذا الشَّخص يَستَحِقّ كَمّ كَبير (أي ثِقل كَبير) من الاِحتِرام والتَّبجيل. مَجد الله أَمر يَتَغَنَّى بِهِ الكِتاب المُقدَّس ويُصَوِّر لنا في مَواضِع عَديدة هذا البَهاء العَظيم الخاص بالرَّب. يَقول اللَّاهوتي واين غرودِم في هذا الخُصوص: “من الطَّبيعي جِدّاً أن يَكون إعلان الله عن نَفسِهِ مَصحوباً بِمِثل هذا البَهاء والسُّطوع. لأنَّ مَجد الله هو المَظهَر المَرئي الذي يُبَيِّن لنا شَخصِيَّة الله المُتَمَيِّزة. إنَّ عَظَمَة كيان الله وكَمال كُل صِفاتِهِ، أَمر لا يُمكِننا أبداً أن نَفهَمهُ بِشَكل كامِل، ولكن أمامَهُ لا يُمكِننا إلَّا أن نَقِف في رَهبة وأن نُقَدِّم لَهُ العِبادة.”²
أن يَتَمَجَّد الله يَعني أن يُظهِر مَدى عَظَمَته بِالتَّبايُن مع مَخلوقاتِهِ، فَلِلَّهِ مَجدٌ مُتَأصِّلٌ في ذاتِهِ بِكَونِهِ الخالِق، كَما أنَّ مَجدهُ يَظهَر أيضاً عبرَ أعمالِهِ في الخَليفة.
فَلِلَّهِ مَجدٌ مُتَأصِّلٌ في ذاتهِ بِكَونهِ الخالِق
إذاً الله يَستَحِق المَجد لأنَّ:
- الله هو مَلِك المَجد
الله مُستَحِقّ المَجد بِشَكل بَديهي فهو مَجيدٌ في طَبيعَتِهِ كَما أنَّ كُل الصِّفات الحَميدة نَستَمِدّها من الله، فَمِنهُ نَعرِف مَعنى المَجد، الصَّلاح، القَداسة، العَدالة، البِرّ… وفيهِ وَحدَهُ نُدرِك مَفهوم هذهِ الصِّفات ونَعرِف مَعاييرها. الله مَجيد لأنَّهُ ثابِت ولا يَزال كما هو في الأَمس واليَوم وإلى الأبَد، فهو لا يَتَغَيَّر وليسَ فيهِ ظِلّ دَوَران، أمَّا الخَليقة فهيَ في حالَة تَحَوُّل وتَغيير مُستَمِرّ، فالخَليقة فانِية ولها بِداية ونِهاية، أمَّا الله فهو أزَلي أبَدي، لا بِداية لَهُ ولا نِهاية. الله هو الخالِق وكُل ما في الكَون من صَنعَة يَدَيه. وبِكَون الله هو السَّيِّد على كُل الأشياء فهذا يَجعَلهُ يَستَحِقّ كُل المَجد لَهُ وَحدَهُ.
مَنْ هُوَ مَلِكُ الْمَجْدِ هَذَا؟ إِنَّهُ رَبُّ الْجُنُودِ، هُوَ مَلِكُ الْمَجْدِ.
سِفر المَزامير 10:24
- الله مُوجِد كُل الأشياء
يَقول اللَّاهوتي جون كالفِن: “الكَون… أُسِّسَ كَعَرض لِمَجد الله”.³
كُل ما في الكَون يُحَدِّث عن عَظَمَة وتَسامي باريه، والخَليقة كُلّها تُخبِرنا كَم أنَّ الله مَجيد وكَما يصِف لنا كاتِب المَزمور:
السَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ، وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ.
سِفر المَزامير 1:19
يَتَمَجَّد الله أيضاً بما يَصنَعهُ مع مَخلوقاتِه، إذ يَتَمَحوَر تاريخ الفِداء حَولَ مَجد الله، وذلكَ عبرَ إظهار دَينونَتِهِ العادِلة تجاه الخَطيئة ونَجِد إحدى هذهِ الأمثِلة في (سِفر الخُروج 4:14)، أيضاً عبرَ إظهار مَحَبَّتِهِ العَظيمة التي تَجَلَّت بِعَمَل المَسيح على الصَّليب، وهذا العَمَل العَظيم هو أكثَر ما أظهَرَ مَجد الله،
لَيْسَ لأَحَدٍ مَحَبَّةٌ أَعْظَمُ مِنْ هذِهِ: أَنْ يَبْذِلَ أَحَدٌ حَيَاتَهُ فِدَى أَحِبَّائِهِ.
إنجيل يوحَنَّا 13:15
والله تَعالى أعطى المِثال الأسمى عن المَحَبَّة على الصَّليب حَيثُ تَظهَر بَشاعَة الخَطيئة والذُّنوب التي تَتَطَلَّب سَفك دَم لِتَحصُل مَغفِرة، ونَرى صِدق الله، الذي يَتَصَرَّف بالتَّوافُق مع طَبيعَتِهِ، إذ إنَّ فِدائَهُ يُتَمِّم عَدالَتِهِ بِكَون أُجرَة الذَّنب هي المَوت.
كيف نمجد الله؟
يجِب أن نُدرِك أنَّ كُل الخَليقة أوجَدَها الله لِكَي تُخبِر بِمَجدِهِ.
كُلَّ مَنْ يُدْعَى بِاسْمِي مِمَّنْ خَلَقْتُهُ لِمَجْدِي وَجَبَلْتُهُ وَصَنَعْتُهُ.
سِفر إشَعياء 7:43
لكِنَّنا بِذُنوبِنا وخَطايانا أصبَحنا عاجزين عن تَتميم ما صُنِعنا لأجلِهِ أي تَمجيد الله.
لأَنَّ الْجَمِيعَ قَدْ أَخْطَأُوا وَهُمْ عَاجِزُونَ عَنْ بُلُوغِ مَا يُمَجِّدُ اللهَ
رِسالة بولُس الرَّسول إلى أهل روما 23:3
لذلك يجِب علينا كَمؤمِنين أن نُعطي المَجد لله وَحدَهُ دُونَ غَيرِهِ عبرَ عِبادَتِهِ وفقاً لِما أوحاهُ في أسفارِهِ المُقَدَّسة التي تُعلِن لنا عن مَجدِهِ، وأن لا نَنسِب أيّ صِفة من صِفاتِهِ الحَميدة لأيّ شَخص آخَر مَهما عَلا شَأنه. الله هو وَحدَهُ مُستَحِقّ المَجد والإكرام، وعلينا أن نَعبُدهُ وَحدَهُ بإسم يسوع المَسيح الذي أَظهَرَ مَجد الله حَيثُ عَجِزنا نحن، وأن نَخدِمهُ بِقُوَّة الرُّوح القُدُس العامِل فينا، فيَتَمَجَّد الله في حَياتِنا عِندَما تَنعَكِس صورَتَهُ من خِلالِنا على الآخَرين.
هكَذَا، فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ أَمَامَ النَّاسِ، لِيَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
إنجيل مَتَّى 16:5
- H3519 – kāḇôḏ – Strong’s Hebrew Lexicon (kjv) (blueletterbible.org)
- Wayne Grudem, Systematic Theology, An Introduction to Christian Doctrine, Chapter 13
- John Calvin, The Institutes of the Christian Religion, Book 1 Chapter 5
مقالات مُشابِهة
القداسة
آيات عن قداسة الله
ترنيمة أهديك كل المجد