إنّ مفهوم الوحي فِي الإيمان المسيحيّ يختلف عن المفهوم السائد للوحي في المُجتمعات العربيّة. فالكتاب المُقدس ليس مجرد كلمات أملاها الله لأنبيائِه بطريقة حرفيّة. مذكور في الرسالة الثانية إلي أهل كورنثوس 3 :6: “فَهُوَ الَّذِي أَهَّلَنَا لِنَخْدِمَ الْعَهْدَ الْجَدِيدَ، عَهْدَ الرُّوحِ، لَا عَهْدَ شَرَائِعَ مَكْتُوبَةٍ بِحُرُوفٍ. لِأَنَّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ بِحُرُوفٍ يَحْكُمُ بِالْمَوْتِ، أَمَّا الرُّوحُ فَيَمْنَحُ الْحَيَاةَ.”
إنّ مفهوم الوحي في الإيمان المسيحي يظهر بوضوح في الرسالة الثانية إلى تيموثاوس 3 :16: ” كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِتَعْلِيمِ الْحَقِّ، وَتَوْبِيخِ الضَّلَالِ، وَتَصْحِيحِ الْخَطَأِ، وَالْإِرْشَادِ إِلَى الصَّلَاحِ.”
إن كلمة “مُوحى به” في الأصل اليوناني هي “ثيوبنوستوس” θεόπνευστος وتعني حرفيًّا أنفاس الله. شرح قاموس وبستر كلمة الوحي كالتالي: “هو تأثير روح الله الفائق للطبيعة على الفكر البشري، به تأهل الأنبياء والرسل والكتبة المقدَّسون لأن يقّدِموا الحق الإلهي بدون مزيج من الخطأ”
لذلك فإن مفهوم الوحي في المسيحية هو أن الله استخدم الطاقات البشرية من لغات وأفكار بحسب ظروف كل عصر، فقدم الكتاب نفسه بأقلام كُتاّب كثيرين وعلى مر عصور. وقدم نفسه في أشكال أدبية كثيرة مثل القصة و المثل والنثر والشعر….الخ
لقد عمل الله في حياة كتَبَة الوحي، ووجَّه عقولهم إلي أفكار ومفاهيم محددة ليتعلّموها، ثم قادهم بالروح القدس إلي مفردات وعبارات معينة، لكي يدوّنوها، دون أن يلغي شخصياتهم. وقد عبَّر ورفيلد Warfield عن هذا الأمر جيدًا بالقول:
“بإشرافه المستمر والفائق للطبيعة، مع إسهامات عنايته الإلهية السخية التي تفوق كل وصف، وجَّه الله الكتبة القديسين في عملية الكتابة كلها، مع تصميمه وتأكيده على كتابة سجل معصوم في الأمور التي أراد الله أن يكتبوها لنا، ليكون الكتاب في شكله النهائي كلمة الله في كل جزء من أجزائه.”
الكاتبة: لمياء نور
Masters of Arts in Theology, ETSC
مقالات مُشابِهة
الأُضْحِيَة الحَقيقيَّة
مفاهيم خاطئة شائعة عن المسيحية
الإيمان بكلمة الله
الأساسيات في المسيحية