كيف يُعرِّف الكتاب المقدَّس ويشرح مفهوم الموت؟ كيف دخلَ الموت إلى العالم؟ وما هو العلاج الإلهي لموتنا الأبدي؟ سوف تدور مقالتنا هذه نحو الإجابة الموجزة عن هذه الأسئلة المهمَّة.
يوضح الكتاب المقدَّس لنا منذ البداية بأنَّ الإنسان لم يُخلَق ليموت، بل كان في فِكر الله أن يتمتَّع بالحياة (خُلِقَ قابلاً للحياة إلى الأبد)، إلى أن دخلَ “الموت” لأوَّل مرَّة للطَّبيعة البشريَّة (التَّكوين 19:3) جرَّاء الخطيَّة وفِعل المعصية والتَّمرُّد على وصايا وكلام الله (التَّكوين 17:2)، ومن ذاك الوقت، تسرَّبَ الموت كسرَطان خبيث ينهش في طبيعة الإنسان التي عمَّها الفساد الكُلِّي، فصار الموت أُجرة المعصية، وعقوبة اقتضتها عدالة الله وقداسته (روما 23:6، حزقيال 4:18).
المفهوم الكتابي
الموت يشمل دائماً في تعريفه “الانفصال”، والخطيَّة هي السَّبب الأوحد له دائماً.
إن كان الموت يتمّ تعريفه طبيّاً بتوقُّف جميع وظائف الجسم الحيويَّة (القلب والعقل وغيرها) وانفصال الرُّوح عن الجسد، فهذا يسمَّى “الموت الجسدي”، لكن يستخدِم الوَحي الإلهي مُصطلَح ومفهوم الموت في ثلاثة أنواع مختلفة هي:
النَّوع الأوَّل: الموت الطَّبيعي (الموت الأوَّل)
وهو انفصال الرُّوح عن الجسد، ولا يعني الفَناء، بل هو موت مؤقَّت إلى حين قيامة الأموات والدَّينونة كما جاء في (رسالة العبرانيِّين 27:9)، إذ يقول الوَحي المقدس:
“فَكَمَا أَنَّ مَصِيرَ النَّاسِ الْمَحْتُومَ، هُوَ أَنْ يَمُوتُوا مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ تَأْتِي الدَّيْنُونَةُ،.”
النَّوع الثَّاني: الموت الرُّوحي
وهو الانفصال عن الله النَّاتج عن الخطيَّة والتَّعدِّي، ونتيجته الطَّبيعيَّة عدَم امتلاك الحياة الجديدة والولادة الثَّانية (أفَسُس1:2، كولوسِّي 13:2). وهو انقطاع الشَّرِكة والتَّواصل بين الإنسان والله الذي هو مصدر الحياة. وقد حدثَ ذلك جرَّاء خطيَّة آدَم وحوَّاء، فالمعصية فصَلتهما عن العلاقة مع الله، وربَطتهما بالشَّيطان فأصبَحا خاضِعَين له (يوحنَّا 44:8).
النَّوع الثَّالث: الموت الأبدي (الموت الثَّاني)
وهو الانفصال النِّهائي عن الله في بحيرة النَّار (رؤيا يوحنَّا اللَّاهوتي 6:20-14).
ويتَّضح من الشَّرح أعلاه أنَّ كل جانب من جوانب الموت يشمل معنى الانفصال بطريقة أو بأُخرى، وهذا كلّه نتيجة دخول الخطيَّة في الطَّبيعة البشريَّة والتي هي السَّبب في ذلك.
العلاج الإلهي.. وصفة مضمونة!
يقول الوَحي الإلهي:
“لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيئَةِ هِيَ الْمَوْتُ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.” (رسالة بولُس إلى أهل روما 23:6)
ولأنَّ خطيَّتنا وتمرُّدنا كانا ضدّ الله ذاته، لذلك كان الحصاد مريراً، إذ ماتَ الإنسان وانفصلَ عن الله وتغرَّب بلا رجاء، أُصيبَ بالعمى والجهل الرُّوحي، وأصبحَ تحت الدَّينونة والغضب والقصاص الإلهي في انتظار الهلاك الجسدي والأبدي، حالة يُرثى لها لكائن فاسد ساقط لا رجاء له، لذلك كان تدخُّل الله المُحِبّ بذاته كي يضع حلّاً جذريّاً لموت الإنسان وانفصاله عنه، فليسَ مطلوباً من ميتٍ مُتحلِّلٍ أن يُقدِّم حلولاً لمشكلته الكبرى، بل رئيس الحياة جاءَ بنفسه وأخذَ جسداً وصارَ إنساناً (دون أن يتخلَّى عن أُلوهيَّته) جاء مُتجلِّياً ليحمل بنفسه عقاب وقصاص وموت الإنسان كي تحدُث “المُبادَلة الإلهيَّة العُظمى” إذ يأخذ موتنا وفسادنا والقصاص الذي علينا، ويعطينا حياته وبِرَّه ويُصالحنا مع نفسه بكفَّارة دمه وموته على الصَّليب وقيامته منتصراً في اليوم الثَّالث.
“المُبادَلة الإلهيَّة العُظمى” إذ يأخذ موتنا وفسادنا
هو يدعوكَ اليوم.. فلا تؤجِّل! ما حالتكَ اليوم وقرارك أمام تلك المُبادَلة الإلهيَّة؟ هل تتمسَّك بموتكَ عزيزي القارئ؟ هل من العقل والمنطق أن تترك ما يقدِّمه لكَ الله كي تحصل على الحياة وتَأمَن من الدَّينونة والموت الأبدي؟! هوَذا الآن وقت مقبول.. هوَذا الآن وقت خلاص، خُذ الخطوة.. تواصل معنا لنساعدك ونُصلِّي معك.
الكاتب: الأخ تيموثاوس
Writer & Masters in Biblical Theological Studies
مقالات مُشابِهة
الحياة بعد الموت في المسيحية
الموت والحياة
أشخاص قاموا من الموت