إن الأسرة هي نواة المُجتمع. إذا هُدمت الأسرة، هُدم المُجتمع. وإذا بنيّت الأسرة على أساس خاطئ، دُمر المُجتمع. الزواج هو بذار تأسيس الأسرة. فما أكثر المُجتمعات المُدمرة نتيجة فشل الأسرة. وما أسعد تلك التي أُسست فيها الأسرة على الأساس الصحيح. لذلك يعلمنا الكتاب المقدس قائلًا:
إِنْ لَمْ يَبْنِ الرَّبُّ الْبَيْتَ، فَبَاطِلاً يَتْعَبُ الْبَنَّاؤُونَ.
مزمور 1: 127
فإن لم يتم تأسيس البيت بحسب المقاييس الإلهيّة للزواج، لن تُشرق شمس الحب على هذا البيت، ولن يتذوق السعادة. فما هي مقاييس الزواج بحسب الفكر الإلهيّ؟ إن هدف الزواج ليس لإشباع النزوات أو الرغبات الجنسيّة. بصورة عامة كلما نَضُجَ الإنسان روحيّا ونفسيًّا، كلما لم يدع رغباته تقوده وتتحكم في حياته. من المفترض أن الحيوانات فقط هي من تقودها نزواتها ورغباتها دون القدرة على ضبطها. أما الإنسان فقد جمّلهُ الله بالإرادة والفكر والقدرة على النضوج. وكلما كرست وقت أكبر لنموك الروحيّ ودراسة كلمة الله، كلما نضجت روحيًّا ونفسيًّا، كلما تحررت من نزواتك. فلا تتوانى.
الهدف الصحيح للزواج
إن الإنسان المسيحيّ يتزوج عندما ينضج ويتحرر من نزواته التي تقوده، ويبدأ يسلك بحسب إرادة الله، ويتشبع من محبة الله ويرغب أن يمنح هذا الحب للآخر. فالإنسان المسيحيّ يتزوج ليمنح شريك حياته الحب، وشريك واحد للحياة يكفي ليمنحهُ هذا الحب. فمن بداية الخلق لم يخلق الله لآدم عدة زوجات بل أقام الله أول عهد زواج بين رجل واحد وامرأة واحدة حيث مكتوب:
فَأَوْقَعَ الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ فِي نَوْمٍ عَمِيقٍ، ثُمَّ تَنَاوَلَ ضِلْعاً مِنْ أَضْلَاعِهِ وَسَدَّ مَكَانَهَا بِاللَّحْمِ، وَعَمِلَ مِنْ هَذِهِ الضِّلْعِ امْرَأَةً أَحْضَرَهَا إِلَى آدَم فَقَالَ آدَمُ: «هَذِهِ الآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. فَهِيَ تُدْعَى امْرَأَةً لأَنَّهَا مِنِ امْرِئٍ أُخِذَت. لِهَذَا، فَإِنَّ الرَّجُلَ يَتْرُكُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَصِيرَانِ جَسَداً وَاحِداً.
تكوين 24- 21: 2
فمن البداية أسس الله الزواج على رجل واحد وامرأة واحدة. وقد أكد على ذلك المسيح قائلًا:
أَلَمْ تَقْرَأُوا أَنَّ الْخَالِقَ جَعَلَ الإِنْسَانَ مُنْذُ الْبَدْءِ ذَكَراً وَأُنْثَى، وَقَالَ: لِذَلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَتَّحِدُ بِزَوْجَتِهِ، فَيَصِيرُ الاثْنَانِ جَسَداً وَاحِداً؟ فَلَيْسَا فِيمَا بَعْدُ اثْنَيْنِ، بَلْ جَسَداً وَاحِداً. فَلا يُفَرِّقَنَّ الإِنْسَانُ مَا جَمَعَهُ اللهُ!»
إنجيل متى 6- 4 : 19
فالمسيح يُؤكد أن من البداية ذكرًا واحدًا لأنثى واحدة. هذه هي المقاييس الإلهيّة. كما أن مفهوم الزواج نفسه، والارتباط هو علاقة عهد بين اثنين، وليس مجرد عقد. ففي العهد أنت تتعهد أن تكون للشخص الآخر للأبد، في كل ظروف الحياة الصعبة قبل اليسيرة. فالزواج هو عهد فيه يتعهد الشخص أن يكون من أجل الآخر، لذلك إذا تزوج رجل بامرأة اخرى غير زوجته، فهو يكسر هذا العهد، ويصبح مذنبًا. السؤال الأهم هو لماذا بعض الأشخاص يفكرون أن يتزوجوا أكثر من زوجة؟!! إذا فكر الرجل هكذا فهو غالبًا لا يعرف المعنى الحقيقيّ للزواج وهدفه، ولم يتذوق محبة المسيح التي تحرر الإنسان من الأنانيّة والتفكير في الذات، وتطلقه ليختبر معنى الحريّة الحقيقيّة التي فيها لا يُقاد بحسب نزواته بل يكون هدفه هو إعطاء الحب للآخر.
إن السعادة الحقيقيّة ليس بأنك تتزوج أكثر من امرأة، لكن السعادة الحقيقيّة أن تتذوق معنى الحب المبني على العهد الزوجيّ فتعطي أنت هذا الحب، وترى ثمار الأساس الصحيح للزواج. فيكون بيتك مُؤسسًا على الصخر الإلهيّ، مملوء بمحبة الله التي تزدهر في أركان بيتك.
الكاتبة: لمياء نور
Masters of Arts in Theology, ETSC
مقالات مُشابِهة
آيات عن الزواج
ما هي مكانة المرأة في المسيحيّة؟
ما هو مفهوم الزواج في الإيمان المسيحيّ؟
الأساسيات في المسيحية