واحِدة من أشهَر القِصَص في العَهد الجَديد هي قِصَّة السَّامِري الصَّالِح. لكنَّك قد تتفاجَأ أنَّ مُعظَم النَّاس في الواقِع لا تعرِف المَغزى من القِصَّة. وكما هي الحال مع أيّ شيء تقرأهُ، من المُهِم مَعرِفة خَلفِيَّة الحادِثة. لِذا دَعونا نَفهَم الخَلفِيَّة والسِّياق أوَّلاً.
السِّياق
المُستَمِعون: الشَّخص الذي أخبَرَهُ يسوع هذهِ القِصَّة كانَ عالِم يَهودي في الشَّريعة الدِّينِيِّة.
البيئة الإجتماعِيَّة: اليَهود والسَّامِريُّون عاشوا في مَناطِق مُختَلِفة، وكانَ لدَيهِم مُعتَقَدات مُختَلِفة، ولم يتَشارَكوا في شيء مع بعضِهم البَعض.
شَخصِيَّات القِصَّة: الشَّخص الأوَّل هُوَ كاهِن أي أنَّهُ يَهودي مُتَدَيِّن ويَخدِم في الهَيكَل. الشَّخص الثَّاني هُوَ لاوِيّ، واللَّاوِيُّون هُم السِّبط الكَهَنوتي أو العَشيرة التي خَصَّها الله في الكَهَنوت من بَين العَشائِر الإثنَي عَشَر اليَهودِيَّة. أمَّا الشَّخص الثَّالِث فهو السَّامِري الذي حتَّى لم يَكُن يؤمِن بأنَّ مَكان العِبادَة الصَّحيح هُوَ الهَيكَل في أورشَليم.
السُّؤال: مَن هو قَريبي ؟ (فيما يتعلّق بالوَصِّية “أَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِك”)
وجهات النَّظَر: من وجهَة نَظَر الجُمهور (اليَهود الخُبَراء في الشَّريعَة) كانَ الكَهَنة واللَّاوِيُّون أُناسٌ صالِحون، والسَّامِرِيُّون أناسٌ سَيِّئون.
القِصَّة
في إحدى المُناسَبات وَقَفَ أحَد عُلَماء الشَّريعة لِيَختَبِر يسوع. “يا مُعَلِّم”، سائِلاً، “ماذا أفعَل لِأَرِثَ الحَياة الأبَدِيَّة؟”
“ماذا كُتِبَ في الشَّريعَة؟” أجابَهُ يسوع. “وَكَيفَ تَقرَأُها؟”
فقالَ لهُ: “أَحِبَّ الرَّبَّ إلهَكَ بِكُلِّ قَلبِكَ وَكُلِّ نَفسِكَ وَكُلِّ قُدرَتِكَ وَكُلِّ فِكرِكَ، وَأَحِبَّ قَريبَكَ كَنَفْسِكَ”.
” جَوابُكَ صَحِيحٌ “، رَدَّ عليهِ يسوع. “فَإِنْ عَمِلتَ بِهَذا تَحيَا !”
لكنَّهُ كانَ يُريد أن يُبَرِّرَ نَفسَهُ، فَسَألَ يسوع، “وَمَن هُوَ قَرِيبِي؟”
فَرَدَّ عليهِ يسوع قائِلاً: فَرَدَّ عَلَيْهِ يَسُوعُ قَائِلا: «كَانَ إِنْسَانٌ نَازِلاً مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَرِيحَا، فَوَقَعَ بِأَيْدِي لُصُوصٍ، فَانْتَزَعُوا ثِيَابَهُ وَمَالَهُ وَجَرَّحُوهُ، ثُمَّ مَضَوْا وَقَدْ تَرَكُوهُ بَيْنَ حَيٍّ وَمَيْتٍ. وَحَدَثَ أَنَّ كَاهِناً كَانَ نَازِلاً فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ، فَرَآهُ وَلكِنَّهُ جَاوَزَهُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ. وَكَذلِكَ مَرَّ أَيْضاً وَاحِدٌ مِنَ اللاَّوِيِّينَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى ذلِكَ الْمَكَانِ، نَظَرَ إِلَيْهِ، وَلكِنَّهُ جَاوَزَهُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ. إِلاَّ أَنَّ سَامِرِيّاً مُسَافِراً جَاءَ إِلَيْهِ، وَلَمَّا رَآهُ، أَشْفَقَ عَلَيْهِ، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ وَرَبَطَ جِرَاحَهُ بَعْدَمَا صَبَّ عَلَيْهَا زَيْتاً وَخَمْراً. ثُمَّ أَرْكَبَهُ عَلَى دَابَّتِهِ وَأَوْصَلَهُ إِلَى الْفُنْدُقِ وَاعْتَنَى بِهِ. وَعِنْدَ مُغَادَرَتِهِ الْفُنْدُقَ فِي الْيَوْمِ التَّالِي، أَخْرَجَ دِينَارَيْنِ وَدَفَعَهُمَا إِلَى صَاحِبِ الْفُنْدُقِ، وَقَالَ لَهُ: اعْتَنِ بِهِ! وَمَهْمَا تُنْفِقْ أَكْثَرَ، فَإِنِّي أَرُدُّهُ لَكَ عِنْدَ رُجُوعِي.
“فَأَيُّ هؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ يَبْدُو لَكَ قَرِيباً لِلَّذِي وَقَعَ بِأَيْدِي اللُّصُوصِ؟”
فَأجابَ العَالِم بِالشَّريعَة: “إِنَّهُ الَّذِي عامَلَهُ بِالرَّحمَة !”
فقالَ لَهُ يسوع، “اذْهَب وَاعْمَلْ أَنْتَ هَكَذَا !”
إنجيل لوقا 10: 29-37
الدَّرس
رَأينا كيفَ أنَّ الأشخاص الذينَ كانَ مِنَ المُفتَرَض أن يُظهِروا الرَّحمَة، الكاهِن واللَّاوِي، تبين لاحِقاً أنَّهُم الأشخاص السَّيِّئون، أمَّا الشَّخص الذي مِنَ المُفتَرَض بهِ أن يَكونَ سيِّئاً فتَبيَّنَ أنَّهُ الشَّخص الصَّالِح.
لاحِظ جَواب عُلَماء الشَّريعَة على سُؤال يسوع:
“فَأَيُّ هؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ يَبْدُو لَكَ قَرِيباً لِلَّذِي وَقَعَ بِأَيْدِي اللُّصُوصِ؟”
أجابَ العَالِم بِالشَّريعَة:
“إِنَّهُ الَّذِي عامَلَهُ بِالرَّحمَة !”
هو لَم يَقُل “السَّامِري” بَل قالَ عِوَضاً “الذي عامَلَهُ بِالرَّحمَة“. لم يَذكُر حتَّى كَلِمَة سامِري في الجُملَة التي قالَها. لو قالَ أنَّ السَّامِري كانَ الشَّخص الصَّالِح في القِصَّة وأنَّ اليَهودِيَّان هُما السَّيِّئان، فهذا كانَ سيَتَعارَض مَع تحَيُّزِهِ وأحكامِهِ المُسبَقة.
مَع هذا، بإمكانِنا أن نَرى أنَّ رِسالَة المسيح تتَخطَّى مُجَرَّد القِيام بأعمال صالِحَة كمَا فَعَلَ السَّامِري.
هذهِ خُلاصَة:
عالِم الدِّين: كيفَ أحصُل على الحَياة الأبَدِيَّة؟
يسوع: ماذا تَقول الشَّريعَة؟
عالِم الدِّين: أُحِبّ الرَّب وأُحِبّ قَرِيبي.
يسوع: صَحيح.
عالِم الدِّين: لكِن مَن هُوَ قَرِيبِي؟
يسوع يُخبِر القِصَّة.
يسوع: أيُّ مِن هَؤُلاء الثَّلاثَة كانَ قَريب الرَّجُل؟
عالِم الدِّين: الذي أَظهَرَ لَهُ الرَّحمَة.
يسوع: اِذهَب وافعَل كَما فَعَلَ السَّامِري وأَظهِر الرَّحمَة لِأعدائِكَ كَما فَعَلَ هُوَ.
“قَرِيبَك” تَعني شَخصٌ ما، أبعَد بكَثير مِن كَونِهِ جارَك، أو اِبن عَشيرتك، أو دِينك (طائفتك). فأنتَ مَدعو لتُظهِر الحُب للجَميع، حتَّى لِأعدائِك.
اِذهَب، وافعَل كَما فَعَلَ السَّامِري الصَّالِح. أَحِبّ وأَظهِر الرَّحمَة لِأعدائِك.
مقالات مُشابِهة
المرأة السامرية
من هم السامريون؟
المسيح والمرأة السامرية
أمثال يسوع المسيح