Closet full of clothing

كم مرةً احتفظنا بأشياء لا نحتاجها، فقط لأننا لا نحتمل فكرة التخلي عنها؟ هل نمتلك الأشياء… أم هي التي تمتلكنا؟

لطالما تعلَّقت ريما بأغراضها، ورفضت التَّخلِّي عن أيّ شيء يخصّها، حتى لو أصبح قديماً أو بلا فائدة. كانت وحيدة أبوَيها الثَّريَّين، مُحاطة بالألعاب والملابس والهدايا، ومع ذلك، لم تشبع يوماً، بل كانت تطلب المزيد.

كانت والدتها تنصحها دائماً: “يا ابنتي، ما زال هذا الغرض صالحاً، قدِّميه لمن يحتاجه، وما لم يعد كذلك فتخلَّصي منه.” لكن ريما كانت تُعاند وتقول: “لا تلمسي شيئاً من أغراضي”. فتخشى والدتها إثارة غضبها، وتترك غرفتها كما هي، مملوءة بأشياء مُتراكمة.

من الامتلاك إلى الحرية

مرَّت السَّنوات، وتزوَّجت ريما، لكنَّها لم تتغيَّر بل ازداد تعلُّقها بالأشياء. وفي يوم طرقَ بابها مسؤول في جمعيَّة خيريَّة، يطلُب منها بعض الملابس القديمة لسيِّدة مُهجَّرة لا تملك ما يُدفئها في الشِّتاء القارس. لكنَّها رفضت دون تردُّد، قائلة: “أنا آسفة، لا أستطيع أن أُقدِّم شيئاً”.

مضت الأيَّام، وتجاوزت ريما السِّتين من عمرها. ومع شعورها برهبة اقتراب الموت التي بدأت تزداد مع تقدُّمها في العمر… تغيَّرت. وبدأت تملأ فراغها الرُّوحي، وتُواظب على الذَّهاب إلى الكنيسة، وصارت تنمو في الحكمة. فكل السَّنوات الماضية لم تستطع أن تقدِّم لها الحكمة التي قدَّمتها لها فترة قصيرة من معرفتها بالمسيح.

وبدأت تُفرغ خزانتها، وتضع كل ما فيها في مكانٍ عام ليأخذ منه من يحتاج. خفَّفت كثيراً من مُقتنيات المنزل، ومنحت ألعاب أولادها وأغراضها القديمة لأطفالٍ مُحتاجين.

فدُهش زوجها وسألها: “هل فقدتِ عقلك؟ لماذا تُفرغين المنزل هكذا؟” فأجابته بابتسامة هادئة: كنتُ أرى قيمتي في امتلاك الأشياء، لكنَّني أدركتُ أنَّني كنت مُقيَّدة بها، وأنَّها هي التي كانت تمتلكني… أمَّا الآن فقد وجدتُ قيمتي الحقيقيَّة في المسيح، لذلك أحببتُ أن أشتري حُرِّيَّتي وأتخلَّص ممَّا كان يُقيِّدني”.

العبرة

هذه القصَّة في ظاهرها تبدو عن التَّعلُّق بالأشياء فحسب، لكن في جوهرها رحلة تحوُّل من الانشغال بالمادِّيَّات إلى اكتشاف المعنى الحقيقي للحياة. وقد أدركت ريما مُتأخِّرة أنَّ قيمتها لا تُقاس بما تملك، بل بما تُعطي. وأنَّ التَّمسُّك بالأشياء لا يملأ الفراغ، بل يُثقله.

فلا تنتظر حتى يُداهمك العمر كي تُراجع نفسك، فإنَّ أحداً منَّا لا يعرف ساعة مُغادرته لهذه الدُّنيا الفانية. بل ابدأ منذ الآن ما دامت لديك القدرة والفرصة للتَّغيير، وستجد قيمتك الحقيقية.

وتذكَّر قول المسيح:

“مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟…” (إنجيل متَّى 26:16)


مقالات مُشابِهة

الصك المفقود
الإيمان القوي يغير العالم
قصة سارة


تبغى تتواصل مع مسيحي؟ تواصل معنا بكل امان الحين.